نأتْك على طُولِ التَّجاوَرِ «زَيْنبُ»
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
نأتْك على طُولِ التَّجاوَرِ «زَيْنبُ» | وما شعرت أن النوى سوف تصقب |
كأن الذي غال الرحيل رقادها | بما عضبت من قربنا النفس تعضب |
تداعى إلى ما فاتنا من وداعنا | علَى بُعْدها بِالْوَأْيِ إِذْ تتقرَّبُ |
فإن تنصبي يوماً إلى لمة الهوى | فإنِّي بما أَلْقى إِلَى تلْكِ أنْصَب |
سَلِي تُخبَري أنَّ الْمَعنَّى بذكْركُمْ | على سنة ٍ فيمن يحيب ويدأب |
إذا ذادَ عنه عقرباً من هواكم | بِرُقْيَتِهِ دَبَّتْ لهُ منْكِ عَقْرَبُ |
فبات يدني قلبه من جلادة | ليقْلبهُ عنْكُمْ فلاَ يتقلَّبُ |
أبى منك ما يلقى ويأبى فؤادهُ | سِوَاكِ، فيُلْمي هجْرُهُ ثُمَّ يُغْلَبُ |
لذي نُصْحِه عنْكُنْ به أجْنبيَّة ٌ | وعنْ نُصْح دُنْياهُ به الْقلْبُ أجْنبُ |
فؤادٌ على نهي النصيح كأنما | يُحَثُّ بما يُنْهى إِليْه ويُتْعبُ |
فمات بما يرخى له من خناقه | ويحيا علوقاً في الحبال فينشب |
كشاكية ٍ منْ عيْنِها غَرْبَ قُرْحة ٍ | تَدَاوَى بما تَدَوَى عليْه وتَذْرَبُ |
يغص إذا نال الطعام لذكركم | ويشرق من وجدٍ بكم حين يشرب |
فلا مذهبٌ عنكم له شطَّ أو دنا | سواك وف الأرض العريضة مذهبُ |
على النأي محزونٌ وفي القرب مغرمٌ | فيا كبدا أن الطريقين أركبُ |
إذا خدرت رجلي شفيت بذكرها | أَذَاها فأهْفُوا باسْمِها حِينَ تُنْكَبُ |
لقدْ عُنِّيتْ عمَّا أقاسي بذِكْرها | وعمَّا يقُولُ الشَّاهِدِي حين أطْرَبُ |
يرى النَّاسُ ما نُبْدي بزيْنب إِذْ نأتْ | عجيباً، وما يَخْفَى من الْحُبِّ أعْجبُ |
يرُوحُ ويغْدُو واجداً ينْتحي الْهَوَى | على رجل مصبورٍ على الورد أجربُ |
إذا عرض القوم الحديث بذكرها | أَئنُّ كما أنَّ الْمريضُ الْمُوَصَّبُ |
إذا ما نأت فالعيش ناء لنأيها | وإِنْ قرُبتْ فالْموْتُ بالْقُرْب يقرُبُ |
كفاك من الذَّلْفاء لوْ كُنْت تكْتفي | مواعد لم تذهب بها حيث تذهب |
وقائلة ٍ حين استحقَّ رحيلنا | وأجفان عينيها تجودُ وتكسبُ: |
أغادٍ إلى "حران" في غير شيعة ٍ | وذلك شأوٌ عن هَوَانَا مُغرِّب |
فقُلْتُ لها: كلَّفْتِني طلب النَّدى | وليْس وراءَ ابْن الْخليفة مطْلَبُ |
سيكْفي فتًى منْ شِيعَة ٍ حدُّ سيْفه | وكور علافي ووجناء ذعلب |
إِذا اسْتَوْعرتْ دارٌ عليْه رَمَى بها | بناتِ الصُّوى مِنْها ركُوبٌ ومُصْعِبُ |
فعدى إلى يوم ارتحلت وسائلي | نوافلك الفعال من جاء يضرب |
لعلك أن تستيقني أن زورتي | «سُليْمان» منْ سَيْر الْهواجر يُعْقِبُ |
ومَاء عَفَاءٍ لاَ أنيسَ بجَوِّه | حَليفاهُ منْ شتَّى عِفاءٌ وطُحْلُبُ |
وردتُ إذا التاث الهجانُ وقد خوى | عليه من الظلماء بيتٌ مطنبُ |
نعوج على التأويب صعر من البرى | نواشطُ في لُجٍّ من اللَّيْل تنْعَبُ |
إذا ما أنخناها لغير تئية ٍ | على غرض الحاجات والقوم لغب |
وقَعْنَ فَريصَاتِ السَّديس كما دَعَا | على فنن من ضالة الأيك أخطب |
قلائص إن حركت كفا تكمشت | كأن على أكسائها الجن تجلب |
سقين بحذاء النجاء شملة ٍ | إِذا قال يعْفُورُ الْفلاَة تأوَّبُوا |
مفرجة الضبعين ممهورة القرى | تَحُذُّ عليْها راكبٌ مُتنقِّبُ |
سَرَى الليْلَ والتَّهْجيرَ في كلِّ سبْسبٍ | يُعارضُهُ منْ عَارضِ النَّصِّ سَبْسَبُ |
دياميم ترمي بالمطي إليكم | تظل بنات الأزل فيهن تلعبُ |
وكمْ جاوزتْ منْ ظَهْر أرْعَنَ شَاخصٍ | ومن بطن واد جوفه متصوبُ |
لها هاتفٌ يحْكي غِناءً عَشَنَّقاً | سميعاً بما أدَّى لهُ الصَّوْتُ مُعْربُ |
فغنَّتْ غِناءً عيْنُهُ ولسانُهُ | قريبُ مَصَارِ الصَّوْت ليْس يُثقَّبُ |
هُو الْخَنْف لاَ إِنْسٌ ولاَ نَجْلُ جِنَّة ٍ | يعيشُ ولا يغُذُوهُ أمٌّ ولا أبُ |
إِليْك أبا أيُّوبَ أسْمعْتُ صاحبي | أَغانيَهُ والنَّاعجاتُ تَسَرَّبُ |
إذا خرجت من عينه قلتُ ليتني | يجُوبُ الدُّجى منْها حرارٌ وتنْعبُ |
شربْتُ برنْقٍ مِنْ مُدامٍ ولوْ دنَتْ | حياض " سليمان" صفا لي مشربُ |
إذا جئت "حراناً" وزرت أميرها | فَرَبُّكِ مضْمُونٌ ووَاديكِ مُعشِبُ |
هُناك امْرُؤٌ إِنَّ النَّوالَ لمنْ دنا | له عطنٌ سهلٌ وكف تحلبُ |
درورٌ لقوم بالحياة على الرضى | على أن فيها موتهم حين يغضبُ |
ألاَ أيُّها الْمُسْتعْتِبُ الدَّهْرَ مَسَّهُ | من الضِّيق والتَّأنيب نابٌ ومِخْلبُ |
إذا قذيت عينُ الزمان فداوها | بقرب "سليمان" فإنك معتبُ |
عداك العدى ما سار تحت لوائه | بَطَاريقُ في الْمَاذيِّ كَهْلٌ وَأشْيبُ |
هو المرء يستعلي " قريشاً" بنفعه | ودفع عدو فاحشٍ حين يكلب |
رزين حصاة العلم لا يستخفه | أحَاديثُ يَسْتَوْعي عَلَيْهَا الْمُعَيِّبُ |
شَبيهُ أمير الْمُؤْمنِينَ وَسَيْفُهُ | به يتقى في النائبات ويصعبُ |
يهش لميقات الجهاد فؤادهُ | فَلاَ يَتَطَرَّقْهُ الْبَنَانُ الْمُخَضَّبُ |
إذا الحرب قامت قام حتى يفيدها | قُعُوداً وَحُثْحُوثُ الْكَتيبَة مُطْنَبُ |
له كلَّ عام غزوة ٌ بمسوم | يقود المنايا رايهُ حين يذهبُ |
لَهَامٌ كَأنَّ الْبِيضَ في حَجَرَاته | نُجُومُ سَمَاء «نُورُهَا» مُتَجَوّبُ |
كراديس خيل لا تزالُ مغيرة ً | بهَا الْمَلِكُ الرُّوميُّ عَانٍ مُعَذَبُ |
كأن بنات اليونَ بعد إيابه | مُوَزَّعَة ً بَيْنَ الصَّحَائب رَبْرَبُ |
مواهب مغبوط بها من ينالها | صفايا سبايا الروم بكرٌ وثيبُ |
وما قصدت قوماً محلين خيلهُ | فَتَصْرفَ إِلاَّ عَنْ دِماءٍ تَصَبَّبُ |
جَديرٌ بتَرْك النَّائحَات إِذا غَدَا | لَهُنَّ عَلَى الْقَتْلَى عَويلٌ وَمَنْدَبُ |
أغر هشامي القنا إذا انتمى | نَمَتْهُ بُدُورٌ لَيْسَ فيهنَّ كَوْكَبُ |
جميل المحيا حين راح كأنما | تخير في ديباجة الوصف مذهبُ |
يزينُ سرير الملك زيناً وينتهي | به المنبر المنصوبُ في يوم يخطبُ |