(حَرك أولى)** |
وأرفَعُكَ يا هذا الجَسَدُ، |
إلى مستواكْ |
أسْمعُ لكَ نْبضاً كالنَّنبيذْ |
وصَهيلاً لا تُطِلقُهُ سوى الأَبْواقْ |
وأرى، فيما يرى الصَّاحي: |
حَرائقَ تترنَّحُ بها الكوؤسْ |
وقروناً سابحَةً في خْيطِ دَمْ، |
تعنو القَبيلةُ للأوْعالْ |
ولأدْغالٍ، تقُومُ بينَ عينِ الشَّمسِ |
وعيني |
هذا التِّبْرُ من هذا الجَسَدْ |
هذا الشِّبْلُ من ذاكَ الأسَدْ |
وتنْفَرِجُ، عن قبضتي، الدّائرةْ |
ــ2ــ |
ــ ألا ترفعُ الأثقالَ مِثْلي، أيُّها الظلْ؟ |
ــ نعَمْ! |
حينَ تتقَّوسُ الظَّهيرةُ، |
ويخرجُ القَلْبُ إلى قارعَةِ الطَّريقْ.. |
على شَفْرةِ اللَّحظةِ، أقفْ |
كمنتَصَف النَّهارْ |
حينَ أحمَلُ العبءَ عن الضَّميرْ |
وأمسَحُ خَطوي من تُرابِ النَّاسْ |
ويومَ تُغْلَقُ وجوهْ |
أنفتحُ.. |
كما يخلو إلى نَفْسهِ كِتابْ!! |
ــ3ــ |
زادي في خَيْمَةِ الرُّوحِ، |
من هذا الفراغْ |
أذْرَعُهُ إصْبعاً حتى السَّدرةِ الأخيرهْ |
أحسبُهُ بمربَّعاتٍ من دَمي |
وأغسلُ الماءْ |
تحُطُّ أناملُ، تتدلَّى من بين الأشجار، |
قهوةً أمامي |
أشربُها، |
وأعافُ الزَّادْ! |
ــ4ــ |
لي جَسَدٌ كمْ أوْرقَ بالتَّعبْ |
كمنْ تملَّحَ بالأشياءْ |
أقدامٌ حَفِيتْ وراءها الظلالْ |
ساعدٌ هو السَّيفُ الأبْترْ |
وَجْهٌ أغبرْ |
ولهاثٌ تسْتعيرهُ عندَ الحاجةِ، الرِّيحْ |
لي بابٌ لا يخرجُ منهُ الطّارقُ، |
إلاّ إليهْ |
مع المساءْ |
أفصِّلُ قمصاناً ملوَّنةً للأحلامْ |
وقواربِ ورَقيَّةً يرْكُبها الأطْفالُ، |
عنْدَ الفَجْرْ |
خناجرَ من سُلالة الماءْ |
أقلاماً كأنَّها الَمكاحِلْ |
وأقماراً كالدَّنانيرْ... |
أُعلِّقُ جِسْراً بينَ الوَهْمِ والعَزْمْ |
ثمَّ أقطَعُ الحَبْلْ!! |
ــ5ــ |
ها أنا أرى، فيما يرى الصَّاحي: |
قوافلَ من أشباحٍ تسُدُّ الأفُقْ؛ رمْلاً أبيضَ كثوْبٍ |
الأبَدْ؛ دواليبَ نار تدورُــ بالوعْد والوعيدْ؛ ثماراً |
شاخصَةً كعيونِ المَوْتْ؛ أقداماً مُعَفَّرةً بترابِ الكَهْفْ؛ |
وجوهاً أليفةً لَيس لها عناوينْ؛ أجنحةً رهيبةً لا |
تُصفِّقُ في الهواء؛ أشجاراً في النَّفْسِ لا تقْرعُ |
الأجراسْ. |
أدخُلُ على سيفي! |
أتحسَّسُ أنْفَه السَّبَئيْ |
مَقْبضِاً لهُ ككفِّ سَُليمانْ |
ونَصْلاً فاصلاً بين الضُحى والظهيرهْ |
أنْيمُهُ في مَكانهِ |
(أعلى قليلاً من القلب) |
أجْترَحُ للصَّلاة، في الفلاةْ!! |
ــ6ــ |
هذا الهواءُ طافحٌ ومالحٌ، |
كأنًّه دمي |
أُبَلِّلُ صوتي في أولِ بئرْ |
لأجفِّفَ صُورَتي |
ما الذي يَبْقى من جَمْعٍ وطَرْحٍ لي، |
سوايْ |
إنسانٌ في وزْنِ الرِّيشةِ، |
نعَمْ! |
في ثِقَل الرَّصاصِ، |
نعَمْ! |
يرْكَبُ الفُرْصَةَ، |
ذُهوباً وجَيْئَةً |
بينَ الوَهْمِ والعَزْمِ |
نَعَمْ! |
لكنَّه لا يخْلطُ بين القَدَمِ والطريقْ |
يتجوَّلُ، كغيرهِ في صحْنِ الدَّارْ |
ويحْلُمُ مثْلَ النَّاس، |
بالخُبْزِ والعِزّ |
وبقنْديلٍ أخْضَرَ، |
يُعلَّقُ بين العيونْ! |
وها أنا أنهَبُ هذه البَراري |
أتناسخُ ما بين ظَنٍّ وظِلْ |
أقارعُ الشَّوقَ بالشَّوقِ، |
لأُحْرجَ المسافَةْ! |
أُعلِّقُ على المحَكِّ، |
صُورتي وصوْتي |
وإننّي لأعرفُ متى تَلْهثُ الطَّريقْ |
أعَرفُ متى يَنُعَسُ الصَّدى |
وأعَرفُ متى أبْدأُ الغِناءْ! |
ــ7ــ |
ــ القَرْدَعي... |
ــ مَنْ؟ |
ــ القردعي وقْتي ألـ ... |
ــ إنسانٌ لا يعْرفُ الأمَانْ |
وأمينٌ على الزَّمانْ |
ــ وما عندَكْ؟ |
ــ (( ... وقتي الحاضرْ قد أعْيانيْ |
وأعيا أهْلَ الأفكارْ ذي تمحِنْ وممحُونَهْ)) |
....... |
حامضٌ هذا الهواء الذي أتنفَّسْ |
كأنَّهُ نفْثُ الطواحينْ |
وَوَعْرٌ قفرٌ هذا المكَانْ |
لو عرف الأجدادُ منَّا الشَّواغلْ |
لعالَجَتنا سيوفُهُمْ، قَبْلَ التعاويذْ |
وشَرِسٌ هذا الزَّمانُ/ |
شَرسْ |
أهلُهُ من عاجْ، |
وشهْواتُهُمْ من حَجَرْ |
وأنا رَجُلُ السَّاعةْ |
أُقايضُ الزَّمنَ، آهَةً بآههْ |
فمالي،وضيق الوقت في هذا الزِّحامْ |
مالي، وصرير الأسنانَ على الموائدْ |
مالي ولكُمْ |
أعيتني الحيْلةُ معكُمْ |
مالي ولكُمْ!! |
** |
ــ أهو فِكْرةٌ أم كُرَةٌ |
هذا الوقْتْ؟! |
نَلوكُهُ ــ يلفظُنا |
نلفظهُ ــ لا نكونْ |
ويبقى وحْدَهْ الشَّاهدَ والشَّهيدْ! |
وقيلَ هو التَّوازنُ/التَّنازلُ/التَّناغُمُ/ التَّلاحُمُ .. |
وقيلَ هو التَّهيُّؤْ(1) |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
(1) ((التَّهيؤ هو الكلُّ في الكل)) أوفيد. |
** |
يا قردعيْ |
صَمْغٌ في إصبعي يلتقطُ الأشْياءْ |
لكنّ شيئاً في الأشياءِ يخْذلُ إصْبعي |
هل تعرفْ .. إبنُ مَنْ؟! |
تتحَسَّسُ الشَّجَرةُ أعضاءها |
حين يجزرُ البحرْ |
تَدفِنُ الصُّخورُ رؤوسَها |
حين النَّهرُ يفيضْ ... |
تتستَّرُ النّساءُ وراء السِّيقان؛ |
قبْلَ الوجوهْ |
وبعد مناورةٍ قصيرةْ |
تتصلَّعُ روؤسُ الرِّجالْ. |
هذا بدْرٌ طالعٌ بجَفْنْ |
وتلكَ شمسٌ عجوزٌ تمضغُ الشِّدْقيْن |
هذا حيوانٌ برأس الحكْمةْ |
وذا إنسانٌ بقَرْنِ الشَّهَواتْ |
هذا أبيضُ من أسودْ |
وهذا أسودٌ من أبيضْ |
وأنا يتيمٌ .. كالسُّؤالْ! |
** |
يا قردعي |
كتابُ وَجْهكَ،يملأُ الكَفْ |
هذا قَصْرٌ فَوقَ قَبْرْ |
هذا ذَيْلٌ يتقدَّمُ الخيْلْ |
هذا زمَنٌ بلا زَمَنْ |
هذا وطنٌ بلا وطَنْ |
هذا أنا |
وهذا أنتْ |
ونحْنُ في حَيْصَ بيْصْ |
نحنُ في حَيْصَ بَيْصْ!! |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
*شاعر شعبي متميِّز، وبطل وطني قارع الإمامةَ والانجليز في اليمن. |
يقال إنه من فَرْط شجاعته واجه نِمراً ــ مرةً ــ فجُدعَ أنْفُهْ. |
**حركة أولى ــ من مشروع شعري. َ |