إلى علي شهاب الدين : أباً وحريةً ساطعة |
1) الآتي |
بيقينِ بلدته .. |
بثوبٍ كاشفٍ للروحِ .. |
بالقمرِ المعلَّقِ .. بالبيوتْ |
يندسُّ وجهاً مُتعبًا |
في لَيْلِ عاصمةٍ ويسألها |
معاشرةً وقُوتْ |
من أين ؟ |
تشتبهُ الدروبُ عليه |
( في أرضه .. |
نبتَ النهارُ على ملامحه |
ونامت نجمتان على يديه ) |
تختلطُ الحجارةُ بالثيابِ .. وبالنعوتْ |
( النخلةُ البكرُ التي ترعاه |
ما زالت تمشِّطُ شَعْرَ فتنتها لديه ) |
في الليل … |
تشربُه مصابيحُ المقاهي .. |
والسويعاتُ التي ليستْ تفوتْ |
(سيكون لي ولدان .. - يحلمُ - |
واحدٌ مثلي يؤرِّقه الرحيلُ إلي الرحيلْ |
والآخرُ المسكونُ بالكلمات ِ |
يكتبنا على جدرانِ هذا المستحيلْ ) |
ينحلُّ في زَبَدِ الصباحِ |
يدسُّ في الآلاتِ حَكمته |
ويهدرُ في سكوتْ |
(ستكون لي بِنْتٌ |
وأودِعُها حنينَ الأرضِ |
أورثُها الطفولة والهديلْ ) |
ما زال ..وهو يضيعُ في الطُّرقاتِ - |
يبحث عن حقيقتهِ |
التي …ليست تموتْ |
2) |
1967 |
روحٌ … |
تبعثرُ نفسَها |
في شمسِ هذا الليلِ |
تخذلُها البنادقُ …والصهيلْ |
روحٌ .. |
تُسمِّي الأرضَ مأساةً |
ويمنحُها هويَّتها .. الرحيلْ |
تمشي .. |
لصرختها |
كما .. |
تمشي الحقيقةُ في عراءِ الموتِ |
للحزنِ الجليلْ |
تمشي .. |
ويحرُسُها دَمُ الأصحابِ |
مِـنْ قبرٍ يحاولُها .. |
ومن .. دمعٍ نبيلْ |
الروحُ .. |
تُكْسَرُ مرَّةً أخرى |
على بابِ القيامةِ |
تُسمِعُ الرملَ .. العَويلْ |
الروحُ .. |
تَنهشُ |
لحمَ برزخِها |
وتبحثُ عن مُسمَّاها |
وعن .. |
وطنٍ .. |
قتيلْ |
3) |
بين وقتين |
هو ذا البحرُ يعبرُ الكلماتِ .. |
هي ذي الأرضُ ترتمي في الشتاتِ .. |
وعليٌّ ما بين ذلك يمضي .. |
… |
هو ذا البحرُ .. مرَّةً باحَ للبحر |
بأسمائه .. ودسَّ رمـادَه |
فرمى البحر في يديـه زمـانين |
يشُدَّان للندى أوتــادَه |
أيُّ أفق سيرتدي شمس عينيـه |
وهذا الحنينُ صـار بلاده |
… |
يا عليُّ الذي تناثرَ في الأرضِ |
على أيِّ ساحلٍ سوف تغفو |
أيُّها المُتعبُ..الممزَّقُ عشقـاً |
لبلادٍ قلوبها لا تجـــفُّ |
يا نهاراً بكى..وحُلماً تشظَّى |
ليس إلا القلوب في الدمعِ تطفو |
… |
مثلما لا تكون .. تسحبُ أرضاً |
ثمَّ ترمي بها لنهـرٍ صديــقِ |
تلك بغدادُ .. في قميصك تصحو |
حين تنهـارُ في حنينٍ سحيـقِ |
تبتنـي فيـك عالمَـاً جاهليـًّا |
ثم تخبـو على رمال الطريـقِ |
… |
الصحارى تضيء عُرس الأُفولِ.. |
الصحارى مرارة في الرحيل .. |
وعليٌّ بغير وَجهٍ سيمضي .. |
… |
هي ذي الأرضُ .. مرةً قال للرملِ |
سلاماً .. ودسَّ في الريح صوته |
فاستفاقتْ خرائطُ الغيم تبكي |
مرفـأ لاح بين عينيه بغتــه |
كل نجمٍ في ساعديه مضيء |
مسَّ دربـاً يوسِّدُ الآن بيتــه |
… |
بين بغداد يا عليُّ وبيروت |
زمانـان في انطفاء المغيــبِ |
أيُّ أسماءَ صاحبتْكَ تناستْ |
وجْهَ ذاتِ النـدى ، وأيُّ قلوبِ |
"زينبُ" الآن بين وقتين تبكي |
والمسافاتُ شاحذات الـدروبِ |
… |
خلف شُرفةٍ وَقفتْ |
كـالصلاة منتظره |
بالحرائق اشتعـلت |
نرجَساتُها العطـره |
معجزاتهـا سُفُـنٌ |
في يـديكَ مُنكسره |
يا عليُّ .. عتّقَهـا |
كي تظلَّ منهمـره |
كل ساحلٍ وَجِـعٍ |
كل خلـوةٍ شجره |
… |
هو ذا البحر ُ .. |
في يديه احتمالُ |
هي ذي الأرضُ .. |
في خطاه اكتمالُ |
وعليُّ بلا مصابيحَ يأتي .. |
4) |
حياة |
لحكمتهِ يمشي … |
- كبئرٍ خبيرةٍ |
تسيرُ على وقتي |
إلي صوتِها العَذْبِ - |
بصُحبتِه.. |
أرضٌ تثورُ .. |
ونخلةٌ .. تُسمَّى به |
والموتُ .. في أُفقهِ الرَّحْبِ |
يمرُّ به الأصحابُ |
يختارُ ثُلَّـةً |
ليودعَهم حبَّاتِ سُنبلةِ القَلْبِ |
يحبُّ كثيرا .. |
كل أنثى حقيقةٌ |
يقولُ .. |
ويَرْمي نجمةَ القلبِ في الشَّيْب .. |
وكلُّ ارْتحالٍ .. |
قال .. أنثى بعيدةٌ |
وهَل ذُقتها ..؟ |
حتى سكرتُ من القُرْبِ |
وَلِمْ عُدْتَ ؟ |
قال .. الروحُ مصلوبةٌ هُنا |
على شجرِ الأفْقِ |
المسافرِ في السُّحْبِ |
على قلب طفلٍ |
– كنتُ - |
يبتكرُ الندى |
على كلِّ بَيْتٍ .. |
مرَّ بي ، أو غفا جَنْبي |
إذن أنتَ |
سيَّافُ الزمانِ … |
تفتُّحي .. |
رداءُ شتائِي الصَّعبِ |
خاتمة الدَّرْبِ .. |
أبي .. |
يا عليَّ ابن الرحيلِ |
تهدَّلتْ |
بقلبي سماءٌ |
نسبةً لكَ في الغَيْبِ |
ومزَّقَنـي سَهْمُ القصيدِ |
فها أنا .. |
إلى حكمتي أمشي |
كبئرٍ خبيرةٍ |
تمشَّتْ بصوتي العَذْبِ |
نحوكَ .. بالحُبِّ |
5) |
مَشَارف |
مساحةٌ بيضاءُ .. أيَّامُهُ |
تمشي لمأواها .. على مَهْلِ |
مِن طينِ أرضِ الروحِ .. |
مِن وردةِ الستِّينِ .. |
مِن عالَمِه الكُلِّي |
يسيرُ في مرآةِ تاريخهِ |
يُبعثرُ العُمرَ .. على الظلِّ |
هنا .. يدسُّ اللونَ |
يمحو .. هنا |
يعبرُ آفاقا .. ويَسْتَجْلي |
يقصُّ من ذيلِ نهاراته |
وقتا ويرفو رقعةَ الليلِ |
ها إنَّه في ظِلِّه المُرتضَى |
يبحثُ عن مُخْتَتَمِ الحفلِ |
يشقُّني نهراً بشريانه |
وسُنبلاً في أوَّلِ الحقلِ |
يقول .. |
يا صوتي .. انْسَني .. كُنْ معي |
لآخري .. ولا تكن مثلي |
يا ابن الندى .. |
خُضْ في اسمك الـ.. |
يـبتدي |
فقط .. |
أضئْ صوتك .. من أجلي |
كُن مثلما أنت .. |
اكْتمِلْ رائيا .. |
يا أجملَ الشُّعْراء .. |
يا طفلي .. |