أرشيف المقالات

تعريف الشرك وبيان خطره

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الحلقة الرابعة من حلقات التوحيد
تعريف الشرك وبيان خطره
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
1- أولًا: ما هو الشرك؟
هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله؛ كالدعاء، والذبح، والنذر، واﻻستغاثة، واﻻستعانة بغير الله فيما ﻻ يقدِر عليه إﻻ الله، وأول ما حدث الشرك في قوم نوح عليه السلام؛ حيث صوَّروا صور الصالحين منهم للتذكُّر والاعتبار، وبعد قرون حصل تعظيمهم وعبادتهم، وهنا أقف ﻷنبِّه لخطورة التساهُل بأمرين خطيرين:
اﻷول: تصوير ذوات اﻷرواح، خاصة النحت والمجسَّمات، والرسم وتعليق الصور، حتى الفوتوغرافية، والنبي صلى الله عليه وسلم تغيَّر وجهه عندما دخل على أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ووجدها وضعت سترةً من قطعة قماش بها تصاوير.
 
الثاني: أن الشريعة عظَّمت أمرَ الشرك، ومن خطورته نهت عن كل ما قد يؤدي إليه، ولو مستقبلًا؛ مثل تعليق التمائم، ولو من غير كلام شركي، ومنع النحت والمجسَّمات والرسم لذوات اﻷرواح وغيرها.
 
2- ما هو أعظم ذنب؟
هو الشرك اﻷكبر؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، ففي هذه اﻵية نفى الله مغفرة ذنوب من مات مصرًّا على الشرك، أمَّا الموحِّد العاصي، فقد وعده الله بمغفرة ذنوبه، بل علَّق الله المغفرة هنا بمشيئته سبحانه، وليس بالتوبة؛ ممَّا يدل على أن الله قد يغفر ﻷصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرِّين عليها، فكيف بمن تاب، وهذا يُبيِّن سَعة رحمة الله للموحِّدين العُصاة، فكيف بالطائعين.
 
3- فكما ﻻ تقبل صلاة بغير وضوءٍ، فلا يُقبَل عملٌ مع الشرك، فالتوحيد شرط لقبول اﻷعمال.
 
4- وما هو أعظم ظلم؟
هو الشرك لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]؛ قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88] هذه اﻵية تشديد ﻷمر الشرك وتغليظ لشأنه، وتعظيم لملابسته؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65].
 
5- خطورة الشرك:
ومن خطورة الشرك على الناس وخفائه أحيانًا، وسهولة الوقوع فيه أحيانًا، تكرَّر التحذيرُ منه في الكتاب والسنة باﻵيات السابقات وبغيرها، وباﻷحاديث النبوية.
 
6- ولكن هنا سؤال مهم:
لماذا خاف منه اﻷنبياءُ عليهم السلام على أنفسهم وذريتهم؟ قال سبحانه على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، وبعضنا ﻻ يخاف منه؛ وبعض المسلمين اليوم عندما يسمع درسًا أو محاضرة عن التوحيد والشرك، ﻻ يهتم لها أبدًا.
 
7- اﻷنبياء عليهم السلام لديهم من الإيمان بالله وتعظيمه ومحبَّته، وتعظيم أوامره ونواهيه، وتعظيم التوحيد، والخوف من الشرك - ما يجعلهم يخافون منه، وكذلك الصالحون العارفون بالله وعظمته، أفلا نُعظِّم أمرًا عظَّمَه الله، وعظَّمَه أنبياؤه عليهم السلام، ونحذِّر منه، ونسأل ربنا بإلحاح أن يُعيذنا منه؟! بلى هذا الذي ينبغي.
 
وأخيرًا موضوع الشرك حساس وطويلٌ، ومهم جدًّا؛ لذا حتى ﻻ أطيل اليوم أختم، وبقي منه نقاط مهمه جدًّا أشير إليها في حلقات قادمة إن شاء الله.
 
اللهم جنِّبنا وذريَّاتنا والمسلمين الشركَ بجميع صُوَره، وصلِّ اللهم على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه، ومن والاه.

شارك الخبر

المرئيات-١