عَذِيرِي مِنْ ضَنَى الْقَلْبِ الْحَزِينِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عَذِيرِي مِنْ ضَنَى الْقَلْبِ الْحَزِينِ | عَلَى الإِلْفِ المُفَارِقِ مَكْسَوينِي |
جوادٌ شَاخَ فِي طَلَبِ المَعَالِي | وَلَكِنْ مُهْراً فِي عُيُونِي |
أُرِيدُ بَقَاءهُ وَ الدَّهْرُ آبٍ | عَلَيَّ بَقَاءَهُ فِيمَا يُريِني |
يُقَطِّعُ بِالْقُنُوطِ نِيَاطَ قَلْبِي | وَيُلْقِي الرَّيْبَ فِي عَقْلِي وَدِينِي |
أَتُوقِرْهُ السَّنُونَ فَلَنْ أَرَاهُ | طَلِيقاً مَارِحاً مَرَحَ الْجُنُونِ |
كَمَا هُوَ كَانَ وَ الدُّنْيَا شَبَابٌ | وَفِيه رَوَائِعُ الْحُسْنِ المُبِينِ |
وَإنْ يَخْتَلْ عَلَى الأفْرَاسِ تِيهاً | فَشَتْ فِيهِنَّ أَعْرَاضُ الْفُتُونِ |
وَإنْ يَصْهِلْ فَأَبْجَرُ آلِ عَبْسٍ | لَهُ صَوْتٌ يُعَادُ بِلاَ رَنِينِ |
فَيَا أَلْفاً وَبِضْعَ مِئِينَ أَطْوِلْ | بِهَا أَلْفاً وَبِضعاً من مِئِينِ |
أَبدْعٌ وَالمَسَافَةُ تِلْكَ أَنَّا | سَمِعْنَا الرَّعْدَ صَارَ إلى أنِينِ |
مَضَى زَمَنُ الصِّبَا وَمَضَى التَّصَابِي | وَلَجَّ الدَّاءُ فِي الشَّيْخِ الزَّمِينِ |
فَوَا حَرَبَا عَلَيْه وَكَانَ دَهْراً | على اسْتقصَاءِ حَاجَاتِي مُعِينِي |
وَكَانَ إذَا الْوَجَاهَاتُ اقْتَضَتْني | تَحَمَّلنِي إلى مَا تَقْتَضينِي |
وَيَمْنَحُ جُلُّهُ رَكْبِي جَلاَلاً | يُرِينِي أَنَّ كُلَّ الخَلْقِ دُوِني |
وَمَا أَحْلاَهُ أَبْيَضَ غَيْرَ حُرٍّ | عَفِيفَ الْفَكِّ وَضَّاحَ الُجَبِينِ |
يَزِينُ سِوَاهُ تَحْجِيلٌ يَسِيرٌ | وَحُجِّلَ كَلُّهُ حَتَّى الُوَتِينيِ |
لَهُ ذَيْلٌ يُشِيرُ بِه دَلاَلاً | إلا ذَاتِ الشَّمَالِ أَوِ الْيَمِينِ |
فَيَحْكِي رَايَةً غَرَّاءَ تَسْعَى | لِتَشْفِي كُلَّ ذِي دَاءٍ دَفِينِ |
أَمَحْجُوبُ المَعَانِي وَالمَعَانِي | بِوَجْهِكَ ظَاهِرَاتٌ عَنْ يَقِينِ |
أَسَاكَ وَفِيه كُلُّ أَخٍ شَرِيكٌ | يَحِقُّ عَلَى مُفَدِّيكَ الأَمِينِ |
تَبَدَّلَ مِنْهُ مَجْدُكَ حِينَ يَمْطُو | بِأَزَّازٍ وَ تَفَّافٍ لَعِينِ |
يُفَلِّتُ مَاشِياً تَفْلِيتَ سَوءٍ | أَلِيماً لِلأُنُوفِ وَلِلْجُفُونِ |
وَبَيْنَا يَسْبُقُ القَصْدَ انْدِفَاعاً | إذّا هُوَ قَدْ تَوَقَّفَ قَبْلَ حِينِ |
فَخَضَّكَ فِي مَكَانِكَ خَضَّ زْبْدٍ | وَلَسْتَ لِسُوءِ حَظِّكَ بالسَّمِينِ |
فَتَسْمَعُ قَعْقَعَاتٍ مِنْ عِظَامٍ | تَرَضَّضُ فِيكَ مِنْ شَدٍّ وَلِينِ |
عَزَاءَكَ فِي جَوَادِكَ يَا صَديقِي | فَكَمْ فِي الْبُعْدِ عَنُهُ مِنْ شُجُونِ |
إخَالُ المَوْتَ يُنْذِرُهُ وَإنِّي | لأَُبُصِرُ قَسْوَةَ الدِّهْرِ الخَؤُونِ |
فَإنْ يَتَوَلَّ عَنْكَ يَمُتْ حَمِيداً | وَلَمْ يَكُ بِالأَكُولِ وَلاَ البَطِينِ |
ويَمْضِ فدِىً لأَرْوَعَ شِمَّرِيٍّ | مُحِيطٍ بِالْعُلُومِ وَبِالُفُنُونِ |
طَبِيبٍ بِالمَعَارِفِ لاَ يُضَاهَى | أدِيبٍ غَيْرِ خَالٍ مِنْ مُجُونِ |
إذَا مَا هَزَّ لِحْيَتَهُ خَطِيباً | يَقُولُ الْخَصْمُ يَا أرْضُ ابْلَعِينِي |