يَا عَائِداً بِرِعَايَةِ الرَّحْمَنِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يَا عَائِداً بِرِعَايَةِ الرَّحْمَنِ | أَلنِّيْلُ رَاضٍ عَنْكَ وَالهَرَمَانِ |
أَقْبَلْتَ مَوْفُورَ السَّلامَةِ فَائِزاً | وَالمَوْتُ يَنْظُرُ نِظْرَةَ الخَزْيَانِ |
مِنْ جَانِبِ البَحْرِ المَهِيجِ تَجُوزُهُ | فِي الجَوِّ أَوْ مِنْ جَانِبِ البُركَانِ |
للهِ دَرُّكَ مِنْ جَرِيءٍ حَازِمٍ | لا مُبْطِيءٍ سَفَهاً وَلا عَجْلانِ |
وَدَّ الحِمَى لَوْ يَقْتَفِي آثَارَهُ | جَيْشٌ مِنَ البُلاءِ فِي الفَتْيَانِ |
أَثْبَتَّ وَالفُلْكُ الضَّعِيفَةُ مَرْكَبٌ | مَا يُسْتَطَاعُ بِقُوَّةِ الإِيمَانِ |
صِدْقُ العَزِيمَةِ وَاليَقِينِ إِذَا هُمَا | وَفَرَا فَأَقْصَى مَا يُؤَمَّلُ دَانِي |
فِي مِصْرَ عِيدٌ لِلنُّبُوغِ تُقِيمُهُ | لِلْخَالِدِينَ وَلا يُقَامُ لِفَانِي |
أَضْحَتْ وَحَاضِرُهَا كَمَا أَقْرَرْتَهُ | تَسْتَقْبِلُ الأَيَّامَ بِاطْمِئْنَانِ |
وَتَلَفَّتَ المَاضِي إِلَيْكَ مُحَيِّياً | أَمَلاَ بِهِ المَجْدَانِ يَلْتَقِيَانِ |
لِلْمُلْكِ فِي ذِمَمِ المَفَاخِرِ وَالعُلَى | عِوَضٌ كَفَالَتُهُ عَلَى الشُّجْعَانِ |
أَليَوْمَ تَخْدُو فِي العَرِينِ أُسُودُهُ | وَالنَّصْرُ بَيْنَ مَخَالِبِ العِقْيَانِ |
فِي الحَرْبِ أَوْ فِي السِّلْمِ لا تُقْضَى المُنَى | إِلاَّ وَسَاعَاتُ الكِفَاحِ ثَوَانِ |
صِدْقِي تَلاهُ أَحْمَدٌ وَيَلِيهِمَا | سِرْبُ الْبُزَاةِ يَجُوبُ كُلَّ عَنَانِ |
إِنِّي لَمَحْتُ هِلالَنَا وَكَأَنَّمَا | يَبْدُو عَلَيْهِ تَلَهُّبُ الظَّمْآنِ |
لَوْ كَانَ شَاهَدَهُ أَخُوهُ لَرَاعَهُ | بِجَمَالِ غُرَّتِهِ الهِلالُ الثَّانِي |
أَيَعُودُ فِي رَايَاتِ مِصْرَ وَظِلُّهُ | فَوْقَ القُرَى يَمْشِي بِلا اسْتِئْذَانِ |
وَنَرَاهُ كَالعَهْدِ القَدِيمِ مُصَعِّداً | وَنَرَى لَدَيْهِ تَطَامُنَ البُلْدَانِ |
أَهْلاً بِأَمْهَرِ فَارِسٍ مُتَرَجِّلٍ | عَنْ مُصْعَبٍ يُرْتَاضُ بِالعِرْفَانِ |
خَوَّاضِ أَجْوَازِ العَنَانِ مُمَانِعٍ | غَيْرَ النُّهَى عَنْ أَخْذِهِ بِعِنَانِ |
فَرَسٌ كَمَا حَلُمَ الجُدُودُ مَجُنَّحٌ | قَدْ حَقَّقَتَّهُ يَقْظَةُ الأَزْمَانِ |
يَدعُو الرِّيَاحَ عَصِيَّةً فَتْنِيلُهُ | أَكْتَافُهَا بِالطَّوْعِ وَالإِذْعَانِ |
يَسْمُو فَتَتَّضِعُ الشَّوَامِخُ دُونَهُ | حَتَّى تَؤُوبَ بِذِلَّةِ الغيطَانِ |
ويَجُولُ بَيْنَ السُّحْبِ جَوْلَةَ مُمْعِنٍ | فِي الفَتْحِ لا يَثْنِيهِ عَنْهُ ثَانِ |
فَإِذَا مَنَاثِرُهَا عَوَاثِرُ بِالدُّجَى | وَبِحَارُهَا يَنْضُبْنَ مِنْ طُغِيَانِ |
وَإِذَا قُرَاهَا العَامِرَاتُ وَرَوضُهَا | يُقْوِينَ مِنْ حُسْنٍ وَمِنْ عُمْرَانِ |
وَإِذَا مَنَاجِمُ تِبْرِهَا وَعَقِيقِهَا | مَهْدُودَةٌ مَشْبُوبَةُ النِّيرَانِ |
وَإِذَا الصُّنُوفُ الكُثْرُ مِنْ حَيَوانِهَا | صُورٌ مَنَكَّرَةٌ مِنَ الحَيوَانِ |
وَإِذَا عَوَالِمُ لَيْسَ مِنْهَا بَاقِياً | إِلاَّ اخْتِلاطُ أَشِعَّةٍ وَدُخَانِ |
هَذِي أَلاعِيبُ الخَيَالِ وَصَفْتُهَا | بِضُرُوبِ مَا تَتَوَهَّمُ العَيْنَانِ |
وَمِنَ المَخَاطِرِ مَا يَفُوقُ بِهَوْلِهِ | مَا تُخْطِرُ الأَوْهَامُ فِي الأَذْهَانِ |
مَرَّ الكَمِيَّ بِهَا وَضَرَّى طِرْفَهُ | بِالوَثْبِ فَوْقَ حَبَائِلِ الحِدْثَانِ |
حَتَّى إِذَا مَا جَالَ غَيْرَ مُدَافِعٍ | أَوْ عَامَ بَيْنَ اللَّيْثِ وَالسَّرَطَانِ |
أَلْوَى يَحُطُّ فَمَا يَقُولُ شُهُودُهُ | إِلاَّ جَلاَلَ النَّسْرِ فِي الطَّيَرَانِ |
فَإِذَا دَنَا خَالُوهُ عَرْشاً قَائِماً | شَدَّتْهُ أَمْلاكٌ بِلا أَشْطَانِ |
فَإِذَا أَسََّ رَأَوْهُ مَرْكَبةً لَهَا | عَجَلٌ تُسَيِّرُهَا يَدَا شَيْطَانِ |
فَإِذَا جَرَى ثُمَّ اسْتَوَى فَوْقَ الثَّرَى | ظَهَرَتْ لَهُمْ أُعْجَوبَةَ الإِنْسَانِ |
يَا ابْنَ الكِنَايَةِ رَاشَ سَهْمَ فَخَارِهَا | قَدْرٌ رَمَى بِكَ مَهْجَةَ العُدْوَانِ |
شَوْقٌ دَعَا فَأَجَبْتَ لا تَلْوِي بِمَا | تُسْتَامُ مِنْ جَرَّائِهِ وَتُعَانِي |
وَأُحِسُّ بِالوَجْدِ الَّذِي حَمَّلْتَهُ | مَتْنَ الأَثِيرِ فَشَعَّ بِالتَّحْتَانِ |
مَاذَا عَرَاكَ وَقَدْ نَظَرْتَ مُحَلِّقاً | وَجْهَ الحِمَى بِجَمَالِهِ الفَتَّانِ |
فَبَدَا لَكَ القُطْرُ العَظِيمُ كَرُقْعَةٍ | خَضْرَاءَ لا تَعْدُو مَدَى بُسْتَانِ |
وَجَلا لَكَ الرِّيفُ الحِلَى مَمْزُوجَةً | بِالظَّاهِرِ الخَافِي مِنَ الأَلْوَانِ |
فِي مِصْرَ و الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَالقُرَى | خَفَّ الوَرَى بِتَعَدَّدِ السُّكَّانِ |
أَنْظُرْ إِلَى أَحْدَائِهِمْ وَكُهُولِهِمْ | أُنْظُرْ إِلَى الفَتَيَاتِ وَالفِتْيَانِ |
أُنْظُرْ إِلَى البَادِينَ وَالخُضَارِ فِي | حَلَبَاتِهَا اسْتَبَقُوا لِغَيْرِ رِهَانِ |
خَرَجُوا لِيَسْتَجْلُوا طَلِيعَةَ مَجْدِهِمْ | فِي رَكْبِهِ المَحْفُوفِ بِاللَّمَعَانِ |
وَليَكْحَلُوا هُدْبَ الجُفُونِ بِإِثْمِدٍ | مِنْ ذَرِّ ذَاكَ المِرْوَدِ النُّورَانِي |
وَليُبْلِغُوا شُكْرَ الحِمَى ذَاكَ الَّذِي | أَعْلَى مَكَانَتَهُ إِلَى كِيوَانِ |
فَالأَرْضُ هَامَاتٌ إِلَيْكَ تَوَجَّهَتْ | وَنَوَاظِرٌ نَحْوَ رَوَانِ |
أَشَعَرْتَ وَالنَّسَمَاتُ سَاكِنَةٌ بِمَا | لِقُلُوبِهِمْ فِي الجَوِّ مِنْ خَفَقَانِ |
وَعَرَفْتَ فِي إِكْرَامِهِمْ لَكَ مُنْتَهَى | مَا يَبْلُغُ الإِسْدَاءُ مِنْ عِرْفَانِ |
نَزَلَتْ سَفِينَتُكَ الصَّغِيرَةُ مِنْ عَلٍ | تُزْجَى بِرَحْمَةِ رَبِّكَ المَنَّانِ |
كَلاَّ وَلا يَلِجُ الرَّجَاءُ وَلُوجَها | فِي كُلِّ جَانِحَةٍ وكلِّ جَنَانِ |
لا يَأْخُذُ الأَبْصَارَ نُورٌ هَابِطٌ | مُتَوَانِياً كَهُبُوطِهَا المُتَوانِي |
لَقِيَتْكَ حَاضِرَةُ البِلادِ لَقَاءهَا | لأَجَلِّ ذِي حَقٍ عَلَى الأَوْطَانِ |
وَاسْتَقْبَلَ الثَّغْرُ الأَمِينُ نَزيلَهُ | بِبَشَاشَةِ المُتَهّلِّلِ الجَذْلانِ |
مَا زَالَ لِلإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَضْلُهَا | بِبِدَارَهَا وَالسَّبْقِ فِي المَيْدَانِ |
جَمَعَتْ حِيَالَكَ شِيبَهَا وَشَبَابَهَا | كَالأَهْلِ مُؤْتَلِفِينَ وَالإِخْوَانِ |
مِنْ نُخْبَةٍ إِنْ يَدْعُهُمْ دَاعِي الفِدَى | لَبَّاهُ كُلُّ سَمَيْذَعٍ مُتَفَانِ |
أَبْدِعْ بِحَشْدِهِمُ الَّذِي انْتَظَمَ العُلَى | فِي مَوْضِعٍ وَجَلا الحِلَى فِي آنِ |
طَلَعَ الأَمِيرُ الفَرْدُ فِيهِ مَطْلَعاً | عَجَباً تَمَنَّى مِثْلَهُ القَمَرَانِ |
عُمَرُ الَّذِي اخْتَلَفَتْ صِفَاتُ كَمَالِهِ | وَجَلالُهَا وَجَمَالُهَا وَحَمَالُهَا سَيَّانِ |
الشَّرْقُ يَعْرِفُ قَدْرَهُ وَيَجِلُّهُ | وَيَرَاهُ مِنْ أَعْلَى الذُّرَى بِمَكَانِ |
فَاهْنَأْ بِقُرْبِكَ مِنْهُ يَا صِدْقِي وَنَلْ | مَا شِئْتَ فَخْرٍ وَرِفْعَةِ شَانِ |
وَتَلَقَّ مِنْهُ يَداً تُجِيدُ خِيَارَهَا | وَتُكَافيءُ الإِحْسَانَ بِالإِحْسَانِ |