نَأْسَى إِذَا وَدَّعَتْنَا الشَّمْسُ فِي الطَّفَلِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نَأْسَى إِذَا وَدَّعَتْنَا الشَّمْسُ فِي الطَّفَلِ | فَكَيْفَ مَنْ لاَ نُلاَقِيهِ إِلى الأَزَلِ |
تَطْوِي بِنَا الْعَيْشَ أَفْرَاسٌ بِلاَ حَكَمٍ | وَلاَ نُخَيَّرُ فِي الأَوقَاتِ وَالنَّقَلِ |
أَلأَمرُ لِلهِ فِي الدُّنْيَا وَغَايَتِهَا | أَكُنْتَ مُمْتَثِلاً أَمْ غَيْرَ مُمتَثِلِ |
عَلامَ يَأْسُكَ وَالأيَّامُ دَائِلَةٌ | أَخَالِدٌ أَنْتَ أَمْ بَاقٍ إِلَى أَجَلِ |
أَخٌ لَنَا كَانَ سَمْحَ الْقَلْبِ وَافِيَهُ | طَلْقَ اللِّسانِ سَلِيلَ الْوُدِّ مِنْ عِلَلِ |
نُسَائِلُ اليَوْمَ عَنْهُ فِي مَعَاهِدِهِ | فَلاَ نُصَادِفُ إِلاَّ خَيْبَةَ الأَمَلِ |
أَيْنَ الفُكَاهَةُ فِي فَنٍّ وَفِي أَدَبٍ | أَيْنَ الخُصُومَاتُ وَالتَّقْلِيبُ فِي الدُّوَلِ |
مَضَى الأَدِيبُ الصَّحَافِيُّ الَّذِي عَمَرَتْ | آثَارُهُ الشْرْق بَيْنَ السَّهْلِ وَالْجَبَل |
عَفَتْ خَلاَئِقُهُ الغَرَّاءُ وَانْطَفَأَتْ | بِهَا مصَابِيحُ كَانَتْ قُرَّةَ المُقَلِ |
سرِيرَةٌ طَهُرَتْ مِنْ كُلِّ شَائِبَةٍ | ونُزِّهَتْ عَنْ مُدَاجَاةٍ وَعَنْ دَخَلِ |
وهِمَّةٌ فِي مَضَاءٍ فِي مُثَابَرَةٍ | زَانَتْ عَلَى الدَّهرِ جِيدَ الْعصر منْ عَطَلِ |
نَاهِيكَ مِنْ رجُلٍ فَرْدٍ بِهِ اجْتَمَعتْ | كُلُّ الصِّفَاتِ الَّتِي تُرْضِيكَ فِي الرَّجُل |
يَسْعَى فَيَدْأَب لا يَثْنِي عَزِيمَتَهُ | عَادً مِن الْخَوْفِ أَو غَاشِ مِنَ المَلَل |
مَا كَانَ أَلْيَنَهُ فِي حلِّ مُعْضِلَةٍ | وكَانَ أَصْلَبَهُ فِي الْحَادِثِ الجَلَلِ |
وَكَانَ أَبْرَعَهُ وَصْفاً وَأَمْلأَهُ | لِلْعَيْنِ وَالسَّمْعِ إِنْ يَكْتُبْ وَإِنْ يَقُلِ |
كَانَّ أَيَّامَهُ دِيباجَةٌ نُسِجَتْ | مِنَ المَفَاخِرِ فِي حَلٍّ وَمُرْتَحَلِ |
قَدْ آلَ سامٍ إِلى النُّعمَى وَأَحسبُهُ | يشْكُو القَرارَ بِلاَ كَدٍّ وَلاَ شُغُلِ |
تَقَاصرَ العُمْرُ عَنْ أَدْنَى مَطَامِعِهِ | فَيَا أَسًى أَنَّ ذَاكَ العُمْرَ لَمْ يَطُلِ |
لَئِنْ بَكَتْ لِنَوَاهُ مِصْرُ مِنْ ثَكَلٍ | مَا حَالُ لُبْنَانَ بيْنَ اليُتْمِ وَالثَّكَلِ |
تَبَدَّلَتْ بِمَنَاحَاتٍ بِلاَبِلُهُ | مِنَ الأغَارِيدِ فِي صَفْوٍ وَفِي جَذَلِ |
عَلَى فَتًى كَانَ حُرَّ الرَّأْيِ يَعْصِمُهُ | مَا اسْطَاعَ بَحْثاً وَتَمْحِيصاً مِنْ الزَّلَل |
وَقَام فِي خِدْمَةِ الأوْطَانِ مُضْطَلِعاً | بِهَا اضْطِلاَعَ فُحُولِ القَوْلِ وَالعَمَلِ |
فِي أُخْرَيَاتِ لَيالِيهِ يَجِدُّ بِهَا | سَعْياً كَمَا جَدَّ فِي أَيَّامِهِ الأُوَلِ |
أَبَا المُرُوءَاتِ يُسْدِيَهَا وَلَيْسَ بِهَا | يُرَى التَّبايُنُ فِي الأجْنَاسِ وَالمِلَلِ |
تِلْكَ الصَّلاَتُ الَّتِي مَا زِلْتَ تَبْذُلُهَا | لِكُلِّ مُنْقَطِعٍ أَوْ كُلِّ مُتَصِلِ |
دَيْنٌ ستَرْبُو عَلَى الذِّكْرَى فَوَائِدُهُ | بِمَا ضَرَبْت بِهِ لِلنَّاسِ مِنْ مَثَلِ |
فَاذْهَبْ عَلَيْكَ سَلاَمُ اللهِ مُنْتَقِلاً | جِسْماً وَرَسْمُكَ حَيٌّ غَيْرُ مُنْتَقِلِ |
آلَ القُصَيْريِّ إِنْ قُلْتُ الْعزَاءُ لَكُمْ | فَإِنَّهُ لِلرِّفَاقِ الجَازِعِين وَلِي |
لَقَدْ بَكَيْنَاهُ وَالْعَلْيَاءُ مُسْعِدَةٌ | مُشَيِّعِيهِ بِدَمْعِ العَارِضِ الهَطِلِ |