كَأَنَّ سَمْعَانَ لمْ يَلْحَقْ بِمَنْ سَلَفَا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كَأَنَّ سَمْعَانَ لمْ يَلْحَقْ بِمَنْ سَلَفَا | يا سَعْدَ مَنْ فِي بَنِيهِ أُوتِيَ الخَلَفَا |
مَا زَالَ فِي مَسْمَعِ الدُّنْيَا وَمَنْظَرِها | خَلْقاً وَخُلْقاً كمَا فِي عَهْدِهِ أُلِفا |
يعِيدُهُ شَخْصُهُ الثَّانِي فَتَشْهَدُهُ | وَمَا تَكَادُ تَرَاهُ العَيْنُ مُخْتَلِفا |
مَنْ مِثْلُ يُوسُفَ إِكْرَاماً لِمُنجِبِهِ | وَالعَصْرُ قَدْ عَزَّ فِيهِ مَنْ رَعَى وَوَفَى |
شَأَى الرِّجَالَ إِلَى العَلياءِ مُسْتبِقاً | وَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ مِنْهَا كَمَا وَقفَا |
مُبادِراً صَادِراً فِي الأَمْرِ عنِ ثقةٍ | مُصَابِراً صَابِراً أَوْ يَبْلُغُ الهدَفَا |
جَمَّ المَآثِرِ خَافِيَهَا وظَاهِرِهَا | وَالفَضْلُ يَقْدُرُهُ بِالحَقِّ مَنْ عَرَفَا |
فَقَدْ يَكُونُ أَجَلُّ البِرِّ أَبْرَزَهُ | وَقَدْ يَكُونُ أَحَبُّ البِرِّ مَا لَطُفَا |
دَعِ النُّبُوغَ وَحَدِّثْ عَنْ مَكَارِمِهِ | وَصِحَّةِ الرَّأْيِ فِي تَصْرِيفِهَا وَكَفى |
فهْوَ المِثَالُ لِمَنْ زَكَّى مَكَاسِبَهُ | زَكاةَ عَدْلٍ فَمَا غَالَى وَمَا جَنِفَا |
أَلجُودُ خَيْرٌ وَكلُّ الخَيْرِ فِيهِ إِذَا | لَمْ يَعْدُ مَغْزَاهُ أَوْ لَمْ يَنْقَلِبْ سَرَفَا |
وَالحِرْصُ إِنْ يَغْدُ شُحّاً بَاءَ صَاحِبُهُ | بِالعَارِ طَالَ بِهِ مُكْثٌ أَوِ انْصَرَفَا |
مَالُ الخَسِيسِ لإبْلِيسٍ كَمَا حَكَمُوا | قِدْماً وَمَنْ قَالَ هَذَا لَمْ يَقُلْ سَخَفَا |
وَما قُصُورُ الأُولَى يُثْرُونَ إِنْ بَخِلُوا | إلاَّ قُبُورٌ رَعَتْ دِيدَانُهَا الجِيَفَا |
فِي الحَرْبِ مَوْعِظَةٌ كُبْرَى أَمَا شَهِدُوا | أَيُّ الأَعَاصِيرِ بِالعُمْرَانِ قَدْ عَصَفَا |
لِيَشْكُرِ اللهُ عَنَّا المُحْسِنِينَ فَهُمْ | صَلاحُ مُجْتَمَعٍ قَدْ نَاهَزَ التَّلَفَا |
يَا أُسْرَةَ الصّيْدنَاوِيِّ الَّتِي سَلكَتْ | قصْد السَّبِيلِ وَلاَ دَعْوَىَ وَلاَ صَلفَا |
اللهُ أَعْطَى فأَعْطَيْتُمْ وَزَادَكُمُ | فَضْلاً فَزِدْتُمْ وَهَذا حَسْبُكم شَرَفَا |
تُتَابِعُونَ بِلاَ مَنٍّ أَيَادِيَكُمْ | لاَ تَشْغَلونَ بِهَا الأَقْلاَمَ وَالصُّحُفَا |
فِي أَوْجُهِ الخَيرِ شَيَّدْتُمْ مَعَاهِدَكُمْ | بِمَا عَلَى الخَيْرِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَقَفَا |
وَكَانَ آخِرَهَا لاَ كَانَ خَاتِمَهَا | تَشْيِيدُكُمْ لِذَوِي الأَسْقَامِ دَارَ شِفَا |
تَقومُ فِي الوَسَطِ المَأْهُولِ دَانِيَةً | مِمَّنْ قَضَى الرِّزْقُ أَلاَّ يَسْكُنَ الطَّرَفَا |
أبْنَاءُ سَمْعَانَ بِرّاً بِاسْمِ وَالِدِهِمْ | زَكُّوا تَلِيداً وَهُمْ أَهْلٌ لِمَا طَرُفَا |
نُقَدِّمُ البِكْرَ فِيهِمْ حِينَ نَذْكُرُهُمْ | كَمَا يُقَدِّمُ تَالِي الأَحْرُفِ الأَلِفَا |
شبَابُهُمْ لِلحِمَى ذُخْرٌ يَتِيهُ بِهِ | وَالمُحْصَنَاتُ نُجُومٌ تَقْشَعُ السَّدَفَا |
هُمْ وابْنُ عمِّ بِهِ عَزُّوا وَعَزَّ بِهِمْ | كَمُحْكمِ العِقْدِ مِنْ دُرٍّ زها وَصَفَا |
فَقَدْ رَأَوْا رَأْي عَيْنٍ كَيْفَ بُورِك فِي | جَنَى سَلِيمٍ وَسَمْعانٍ مُذِ ائْتَلَفَا |
هَنَّأْتُ إِليَاسَ إذْ وَافَتْهُ رُتْبَتُهُ | وَلسْتُ أَدْرِي أَقَوْلِيَ بِالمُرادِ وَفَى |
وَجُورجُ هَنَّأتُهُ قَبْلاً فَصُغْتُ لَهُ | وَصْفاً عَلَى قَدْرِ مَا أُوتِيتُ أَنْ أَصِفَا |
فارُوقُ يَقْدُرُ أَخْطارَ الرِّجَالِ بِمَا | تَسْوَى وَيَعْدِلُ دُنْياهُمْ إِذَا عَطَفَا |
نعْماهُ فِي أَهْلِ هَذا البَيْتِ كَمْ شَمَلَتْ | فِي الشَّرْقِ بَيْتاً عَلَيْهِ ظِلُّهُ وَرَفَا |
مَا أَحْسَنَ الشِّعْرَ وَالوِجْدانُ مَصْدَرُهُ | كَأَنَّ هَاتِفَهُ مِنْ نَفْسِهِ هَتفَا |
إِذَا دَعَا الصِّدْقُ لَبَّى طَيِّعاً وَإِذَا | دَعَتُ مُصَانعَةٌ يوْماً عتَى وجفَا |
أَخُصُّ بِالشِّعْرِ أَحْبَابِي وَأُكْرِمُهُ | عَنْ أَنْ يَكُونَ مُدَاجَاةً وَمُزْدَلَفَا |
أُثْنِي عَلَيْهِمْ بِمَا فِيهِمْ وَلسْتُ أَرَى | فِيما أُخلِّدَ مِنْ آثارِهِمْ كُلَفَا |
يِا يُوسُفَ الحُسْنِ وَالإِحْسَانِ دُمْ مَثلاً | بِالاسْتِقَامَةِ لِلجِيلِ الَّذِي انْحَرَفَا |
وَبِالخِصَالِ الَّلَواتِي لاَ يُعَانُ عَلَى | مَطَالِبِ المَجْدِ إِلاَّ مَنْ بِهَا اتَّصَفَا |
وَبِالمُضِيِّ مَعَ الفِكْرِ الطَّلِيقِ إِذَا | مَا عَاقَتِ الفِكْرَ أَصْفَادٌ بِهَا رَسفَا |
أَبى بَنُونَا الكِفَاحَ الحُرَّ وَالتَمَسُوا | رِقَّ الوَظَائِفِ رَقَّ العَيْشُ أَوْ شَظَفَا |
وَفِي الزِّرَاعَةِ لَوْ جَدُّوا وَلَوْ صَبَرُوا | سَهْدٌ لِمَنْ شارَ أَوْ وَرْدٌ لِمَنْ قطفَا |
هِيَ المَعَاشُ بِمَعْنَاهُ الصَّحِيحِ لِمَنْ | لَمْ يُفْسِدِ الطَّبْعَ فِيهِ حُبُّهُ التَّرَفَا |
وَفِي الصِّنَاعَةِ أَسْبَابٌ مُهَيَّأةٌ | لِمَنْ عَلَيْهَا بِعَزْمٍ صَادِقٍ عكَفَا |
أَبُو المَسِيحِ أَأَدْنَى مِنْ مَكَانتِهِ | فِي المَجْدِ إِنْ كَانَ نَجَّاراً وَمُحْتَرِفَا |
وَفِي التِّجَارَةِ آرَابٌ يُحَقِّقُهَا | مَنْ كَانَ فِيمَا تَوَلَّى حَازِماً حَصِفَا |
هِيَ التِّجَارَةُ لاَ يُعْنَى بِهَا بَلَدٌ | حَتَّى يُرَى وَهُوَ قَحْلٌ جَنَّةً أُنُفَا |
سَادَاتُ عَدْنَانَ لَمْ يَأْبَوْا تَعَاطِيَهَا | فَأَيُّ عُذْرٍ لِمَنْ عَنْ نَهْجِهِمْ صَدَفَا |
وَالشَّرْقُ أَثْرَى بِهَا دَهْراً فَحِينَ جَرَى | بِهَا عَلَى غَيْرِ مَجْرَاهُ جنَى أَسَفَا |
مَارَستَهَا لاَ تُبَالِي مَا تُجَشَّمُهُ | مِنَ المَتَاعِبِ مُعْتَزّاً بِهَا كَلِفَا |
وَرُحْتَ بِالمَثَلِ الأَعْلَى تُجَنِّبُنَا | أَنْ بَنْخَسَ الدُرَّ أَوْ أَنْ نُغْلِيَ الصَّدَفَا |
أَبُوكَ وَالنَّابِهُونَ المُقْتَدُونَ بِهِ | رَدُّوا إِلَى مِصْرَ ذَاكَ الفَتْحَ مُؤتَنَفَا |
طَلِيعَةٌ بِمَسَاعِيهَا أَتَتْ عَجَباً | فَأَرْضَتِ اللهَ وَالأَعْقَابَ وَالسَّلَفَا |
يَا مَنْ بِرُتْبَتِهِ العُلْيَا نُهَنِّئُهُ | فِي الحَقِّ تَشْرِيفُ مَنْ نَفْسِهِ شَرُفَا |
فَارُوقُ أَوْلاَكَ إِنْعَاماً جَدُرْتَ بِهِ | فَكُنْتَ أَوْفَى وَأَكْفَى مَنْ بِهِ اعْتَرَفَا |
دَامَ المَلِيكُ بِعَوْنِ اللهِ مُعْتَضِداً | وَعَرْشُهُ بِوَلاَء الشَّعْبِ مُكْتَنَفَا |