أرشيف الشعر العربي

لَكَ يَا وَلِيدُ تَحِيَّةُ الأَحْرَارِ

لَكَ يَا وَلِيدُ تَحِيَّةُ الأَحْرَارِ

مدة قراءة القصيدة : 7 دقائق .
لَكَ يَا وَلِيدُ تَحِيَّةُ الأَحْرَارِ كَتحِيَّةِ الجَنَّاتِ وَالأَطْيَارِ

تُهْدَى إِلى سَحَرٍ مِنَ الأَسْحَارِ

أَقْبَلْتَ وَجْهُكَ بِالطَّهَارَة أَبْلَجُ وَالوَقْتُ طلْقٌ والرَّبِيعُ مُدَبَّجُ

وَالشَّمْسُ سَاكِبَةٌ سُيُولَ نُضارِ

آيَاتُ حُسنٍ لَمْ يَكُنْ مَظَاهِرَاً لِلسَّعْد فِيكَ وَلا ضُرِبْنَ بَشَائِرَا

لَكِنَّهُنَّ عَرَضْن فِي التَّسْيَارِ

لَوْ كَانَ بَيْتُ إِمَارَةٍ لَكَ مَنْبِتَاً لأَجَلَّتِ الدُّنْيَا وِلادَكَ مِنْ فَتَى

وَسَرَى بَشِيرُ البَرْقِ فِي الأَمْصَارِ

وَلَقال رَاجٍ أَنْ يُثَابَ بِمَا افْتَرَى تِلْكَ العَلائِمُ فِي السَّمَاءِ وَفي الثَّرَى

مِنْ شِدَّة الإِعْظَامِ وَالإِكْبارِ

لكِنْ وُلِدْتَ كمَا أُتِيح وَمَا دَرَى أَحَدُ الأَنَامِ لأَيِّ أَمْرٍ قُدِّرَا

أُعْدَدْتَ مُنْذُ بَدَاءَة الأَعْصَارِ

سِرٌّ وَكُلُّ ابْنٍ لأُنْثَى يُولدُ سِرٌّ لِهَذَا النَّاسِ يَكْشِفُهُ الغَدُ

عَمَّا تُكِنُّ مَشِيئَةُ المِقْدَارِ

عَنْ سَائِمٍ بَيْنَ الرَّعِيَّةِ ضَائِعِ أَوْ كوْكبٍ مَاحِي الكوَاكِبِ سَاطعِ

مُتَكَامِلٍ فِي السَّيْرِ كَالأَقْمَارِ

مَا حِكْمَةُ الرَّحْمَنِ فِيكَ أَتَنْجَلي عَنْ آخِرٍ فِي القومِ أَمْ عَنْ أَوَّلِ

عَنْ مُحْجِمٍ أَمْ مُقْدمٍ مِغْوَارِ

فَلَئِنْ سَمَوْتَ إِلى مَقَامِ إِمَارَةٍ يَوْماً فَعِيسَى كانَ طِفْلَ مَغَارةٍ

ورَضِيعَ رَائِمَةٍ مِنَ الأَبْقارِ

وَأَحَقُّ مَا حَقَّ العَلاءُ لِنَائِلٍ مَا نِلْتَهُ مِنْ هِمَّةِ وَفَضَائِلِ

عَنْ كابِرَيْنِ مِن الأُصُولِ كِبارِ

مَا لِي وَمَا لأَبِيكَ أُطْرِئُهُ فَمَا هِي شِيمَتِي وَأَبُوكَ لا يَعْنِيه مَا

يَثْنِيه عَنْهُ مُخْبِرُو الأَخْبَارِ

وَهُوَ السَّعِيدُ بِأَنْ أُمَّكَ أَهْلُهُ أَلمُزْدَهِي عَجْباً بِأَنَّك نجْلُهُ

وكفَاهُ مُلْكُ رِضىً وتَاجٌ فَخارِ

فَسُرُورُ كلِّ مُهَنإٍ بِكَ لَمْ يَكنْ إِلاَّ بِذاتِكَ إِنْ تعِزَّ وَإِنْ تَهُنْ

يَا طِفْلُ فِي مُسْتَقْبِلِ الأَدْهَارِ

يرْجُون أَنْ تحْيا وإِنْ لَمْ تَنْبُغِ لا يَبْتَغُونَ لكَ الَّذي قَدْ تَبْتَغِي

فِيمَا يَليِ مِنْ بَاذِخِ الأَخْطَارِ

أُمْنِيَة الآبَاءِ لا يعْدُونهَا وَهْي الَّتِي لِلطِّفْلِ يَسْتَهُدْونَهَا

مِنْ فَضْلِ خَالِقِهِ بِلا اسْتِكْثارِ

وَسِوَى الحَيَاةِ مِنَ المُنَى يَدْعُونَهُ لِلّه يَقْضِي فِي الوَليِد شُؤُونَهُ

نَحْساً وَإِسْعَاداً قَضَاءَ خِيَارِ

فهُوَ الَّذي يُعْلِي العَلِيَّ القَادِرَا وَهُو الذي يَضَعُ الوَضِيعَ الصاغِرَا

لُطْفاً لِمَا يَبْغِي مِنَ الأَوْطَارِ

إِنْ شَاءَ جَاءَ الطِّفْلُ فِي مِيقَاتهِ فَشَأَى بَنِي أَوْطَانهِ وَلِداتهِ

وَسَمَاهُمُ وَأَضَاءَ كالسيَّارِ

أَوْ شَاءَ خالَفَ وَقْتَهُ فَذُكَاؤُهُ كَلَظَى الحرِيقِ شُبُوبُهُ وَضِيَاؤُهُ

لِلسُّوءِ لا لِقِرى وَلا لِمُنَارِ

ولَقَدْ شَفَى مِنَّا قُدُومُكَ حَسْرَةً وَأَقَرَّ أَعْيُنَ وَالِدَيْكَ مَسَرَّةً

إِنْ كَان فِي مُتفَتَّحِ النَّوَّارِ

حَيثُ الرِّيَاضُ تَظَاهَرَت بَهَجَاتُهَا فتَفتَّقَتْ مَسْرُورَةً مُهَجَاتُهَا

عَنْ غُرِّ أَزْهَارٍ وَغُرِّ ثِمَارِ

فَجَمِيعُكُمْ مُتَهَلِّلٌ فِي كِمِّهِ مُتَنَاوِلٌ أَلْبَانَهُ مِنْ أُمِّه

سُمَحَاءُ بَيْنَ مَرَاضِعٍ وَصِغَارِ

أَلأُم تغْذُو طِفْلَهَا مِنْ ضِرْعِهَا وَالأَرْضُ تَغْدُو أُمَّهُ مِنْ زَرْعِهَا

والكوْنُ عَيْلَةُ رَازِقٍ غَفَّارِ

فَعَلامَ مِنْ دُونِ الأَزَاهِرِ أُتْهِمَا أَبَوَاكَ يَا هَذَا الصَّبِيُّ وَإنْ هُمَا

إِلاَّ كَهَذَا النَّبْتِ فِي الأَزْهَارِ

أَيُّ القُسُوسِ أَتَى النَّباتَ فَزَوَّجَا بَعْضاً بِبَعْضٍ مِنْهُ كَيْما يُنْتِجَا

بِدُعَائه نَسْلاً مِنَ الأَخْيَارِ

هَلْ سَاجِعُ الأَيْكَاتِ حِينَ يُغَرِّدُ فِي ذَلِكَ الرِّيشِ المُلَوَّنِ سَيِّدُ

يَشْدُو لِيَجْعَلَهَا مِنَ الأَبْرَارِ

وَهَلِ الرِّياحُ يَعِيبُهَا أَنْ تَحْمِلا نَسَمَ الهَوى الدَّوْرِيَّ مِنْ ذكَرٍ إِلى

أُنْثَى تُلَقِّحُهَا مِنَ الأَشْجَارِ

وَمَن الذي يَرْمِي السَّوَابِحَ بِالخَنَا وَيَرَى مُنَاسَلَةَ السِّبَاعِ مِنَ الزِّنا

وَمُوَلَدَاتِ الطيْرِ فِي الأَوْكَارِ

هُنَّ اسْتَبَحْنَ إنَاثَهُنَّ بِلا نُهَى وَالمَرءُ فرَّقَ بِاخْتِيَارِ بَيْنهَا

لِيَكُونَ صَاحِبَ أُسْرَةٍ وَذرَارِي

سَنَّ العَفافَ كمَا ارْتآهُ فضِيلةً وَدَعَا الخلافَ نقِيصةً وَرَذِيلةَ

فِيمَا اقْتضاهُ خُلْقُ الاسْتِئْثارِ

ناطَ الزَّوَاجَ بِصِيغةٍ تتعَدَّدُ أَشْكالُهَا عَددَ الطَّوَائفِ يُقْصَدُ

حِفظُ النِّظامِ بِهَا وَصَوْنُ الدارِ

فإِذا اصْطفى ما شاءَ مِن أَعْرَاضِهَا وَجَرَى عَلى المَرْعِيِّ مِن أَغرَاضِهَا

أَصْلاً فَأَيُّ مَعرَّة وَخَسَارِ

قالُوا أَتَى نُكْراً وَنُكْرٌ قَوْلُهُمْ لَوْلا تَبَجُّحُهُمْ وَلوْلا طَوْلُهَا

مَا خَيَّمَتْ رِيَبٌ عَلى أَطْهَارِ

دَفَعَ ادِّعَاءَهُمُ وَأَبْطَلَ زعْمَهُمْ زمَنٌ طوَى تَحْتَ الغَبَاوَةِ ظُلْمَهُمْ

وَأَمَاطَ ستْرَ الزُّهْد عَنْ تُجَّارِ

يَا طِفْلُ قَلِّبْ طَرْفكَ المُترَدِّدَا أَوَ مَا تَرَى شَبَحاً عبُوساً أَسْوَدَا

مُتَجسِّساً لكَ مِنْ وَرَاءِ سِتَارِ

هَذَا أَسَاءَ إِلَيْكَ قَبْلَ المَوْلدِ وَجنَى عَلَيْكَ جِنَايَةَ المُتَعَمِّدِ

ومِن السَّماءِ دعَاكَ صَوْبَ النَّارِ

زعَمَ الإِلهَ يُريدُ مِثْلَكَ مُذْنِباً مِنْ يَوْمهِ وَمُعَاقَباً وَمُعَذَّبَاً

فِي الغَيْبِ قَبْلَ مَظِنَّةِ الإِسْفَارِ

تَاللّه إِنْ تَنظُرْهُ نَظْرَةَ مُغْضَبِ تُرْهِقْهُ إِرْهَاقَ الشِّهَابِ لِغَيْهَبِ

فَيُوَلِّ عَنْكَ مُمَزَّقاً بِشَرَارِ

لَكِنْ أَرَاك تَبَشُّ بَشَّةَ سَامِحِ وَأَرَاكَ تَرْمُقُهُ بِعَيْنِ الصَّافحِ

مَا لِلهِلالِ وَلِلسَّحَاب السَّارِي

رُسْلَ المَسِيحِ الشَّارِبِينَ دِمَاءَهُ الآكِلِينَ بِلا تُقىً أَحْشَاءَهُ

أَلمُولِمِينَ عَلَيْهِ كُلَّ نَهَارِ

أَفذَبْحُكُمْ ذَاكَ الذبِيحَ لِفِدْيَةٍ أَمْ تِلْكَ مَأْسَاةٌ تُعَادُ لِكُدْيَةٍ

أَمْ ذَاكَ مُصْطَبَحٌ وَرَشْفُ عُقَارِ

مَا أَجْمَلَ الصُّلاَّحَ مِنْكُمْ خَلَّةً مَا أَبْشَعَ الظُّلاَّمَ مِنْكُمْ فِعْلةً

إِذْ يَنْقِمُونَ وَمَا لهُمْ مِنْ ثارِ

اللّه أَوْحَى فِكْرَةً هِيَ دِينُهُ فَمَنِ اهْتَدَى هِيَ نُورُهُ وَيَقِينُهُ

أَوْ ضَلَّ فَليُبْحِرْ بِغَيْرِ مَنارِ

نَزَلَتْ عَلى الفَادِي الأَمِينِ الشَّافعِ كَلِماً ثَلاثاً تَحْتَ لَفْظٍ جَامعِ

قُدْسِيَّةَ النفَحَاتِ وَالآثَارِ

أَلحُبُّ فِي المَعْنَى العَمِيمِ الكَامِلِ مَعْنَى المَرَاحِمِ وَالفِدَاءِ الشامِلِ

بِالبِرِّ لِلأَعْداءِ وَالأَنْصَارِ

وَالعَدْلُ يَقْضِي بِالخَرَاجِ لِقَيْصَرَا وَالصَّفْحُ عَنْ كُلٍ يُسِيءُ مِنَ الوَرَى

هَذي دِيَانَتُهُ بِلا إِنْكَارِ

أَلْقَى مَبَادِئَهَا وَكُلاًّ خَوَّلا تَعْلِيمَهَا وَنفَى الرِّئَاسَةَ والْعُلى

مِنْهَا وَنَزهَّهَا عَنِ الأَسْرَارِ

وَأَرَادَكُمْ لِتُعَلِّمُوا وتُبَشِّرُوا وَأَرَادَكُمْ لِتُسَامِحُوا وَلِتَغْفِرُوا

وَدَعَا الصِّغَارَ إِليْه بِاسْتِئْثَارِ

فَنَذَرْتُمُ لِلّه بَطْناً مُشْبِعَاً وَيَداً إِذَا مُدَّتْ فَكيما تَجْمَعا

وَعَقِيرَةً لِلشجْبِ وَالإِنْذَارِ

وَزَهِدْتُمُ فِي غَيْرِ مَا ترْضَونَهُ وَرغِبْتُمُ عَنْ كُلِّ ما تأْبوْنَهُ

إِلاَّ عَلى قَدَرٍ مِنَ الإِظْهَارِ

وَقسَمْتُمُ دِينَ المَسيحِ مَذَاهِبَاً تَسْتَكْثِرُونَ مَرَاتِباً وَمَنَاصِباً

فَأُضِيعَ بَيْنَ تَشَتُّتِ الأَفْكَارِ

وَمَضيْتُمُ فِي الغَيِّ حَتى نِلْتم فِي بَعْضِ وَهْمِكُمُ الجَنِينَ وَقُلْتُمُ

هَذَا الْبَرِيءُ رَهِينَةٌ لِلعَارِ

فَلئِنْ يَكنْ فِي الخَلْقِ خَلْقٌ طَاهِرُ فَالطِّفلُ تِمْثَالُ العَفَافِ الظَّاهِرُ

فِي عَالمِ الآثامِ وَالأَوْزَارِ

أَفَمَا كفى ذَاكَ الرَّهِينةُ لِلرَّدَى مَا سَوْفَ يَلْقَاهُ مِنَ الدُّنْيَا غَدَا

حَتَّى يُذالَ وَيُبْتَلى بِشَنَارِ

يَا مَنْ عَرَفْتُ وَكَانَ قَسّاً صَالِحاً عَدْلاً كَمَا يَرْضى المَسِيحُ مُسَامِحَاً

مُتَبَتِّلَ الإِعْلانِ والإِسْرَارِ

مُتَجرِّداً عَنْ عِزِّهِ وَشَبَابِهِ وَهَنَاءِ عِيشَتهِ وَلَهْوِ صِحَابِهِ

مُتَنَعِّماً بِالزُّهْدِ وَالإِعْسَارِ

يَهْدي الأَنَامَ بِقَوْلهِ وَبِفِعْلهِ مُسْتَرْشِداً فِي الرَّيْبِ حِكْمَةَ عَقْلهِ

لِيَرَى مُؤَدَّى النَّصِّ بِاسْتِبْصَارِ

مُتَجَنِّبَ التَّحْرِيمِ فِيهِ حَيْثُمَا تَنْبُو قُوَى الإِدْرَاكِ عَنْهُ فربَّمَا

أَفْضَى إِلى التَّنْفِيرِ والإِيغَارِ

مُتَوَفِّراً لِلخَيْرِ جُهْدَ نَشَاطِهِ يَفْنَى وَلا يُفْنِي قُوَى اسْتِبْاَطِهِ

لِبُلُوغِ قَدْرٍ فَائِقِ الأَقْدارِ

مُتَرَدِّياً مِسْحاً كَثِيفاً شَائِكَاً مُخْشَوْشِناً يَجِدُ اللَّذَاذةَ فَارِكا

وَيَرَى الخِيَانَةَ طَبْعَةَ الدِّينَارِ

قُمْ مِنْ ضَرِيحِكَ بِالبِلى مُتَلَفِّفَا وَاخْزِ الطُّغَاةَ المُفْسِدينَ وَقُلْ كَفى

سَرَفاً بِهَذَا البَغْيِ وَالإِصْرَارِ

لا تَنْقُضُوا بَيْتاً لَدَى تَكْوِينهِ وَحَذَارِ مِنْ يُتْمِ الصَّغِيرِ بِدينهِ

وَحذَارِ مِنْ يَأْسِ الهَضِيمِ حَذارِ

هَذي المَذاهِبُ كُلهَا دِينُ الْهُدَى كَأَشِعَّةِ الشَّمْسِ افْتَرَقْنَ إِلى مَدَى

وَالمُلْتَقَى فِي مَصْدَرِ الأَنْوَارِ

يا طِفْلُ إِنَّكَ لِلفَضِيلَة مَعْبَدُ فَلَدَيْكَ أَرْكَعُ بِالضَّمِيرِ وَأَسْجُدُ

لِلصَّانِعِ المُكَبِّرِ الجَبارِ

أَجْثُو وَأَرْجُو ضَارِعاً مُتَخَشِّعَاً مِنْكَ ابْتِسَاماً أَجْتَلِيهِ لِيُقْشِعا

عَنِّي مَكَايِدَ دَهْرِيَ الغَدَّارِ

فَلَقَدْ صفَحْتَ تَكَرُّهاً وَتَطوُّلاً عَمَّنْ أَبَوْا إِلاَّ الأَذَى لَكَ وَالقِلى

حتى أَرَابُوَ فِي سَمَاحِ البارِي

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (خليل مطران) .

إِلَى خَليلٍ وَلِنْدَا

هَيْهَاتْ نَقْضِي مِنْ كَبِيرِ جَمِيلِكُمْ

لَيْسَ بِدْعاً وَقَدْ رَأَيْتُكَ فِي

إن تلتمس رجلاً حراً شمائله

غَيْرُ مُغْنٍ قُلُوبَنَا يَا مُحَمَّدْ


ساهم - قرآن ٢