رَاعَ العُيُونَ جَمَالُ هَذَا المَنْظَرِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
رَاعَ العُيُونَ جَمَالُ هَذَا المَنْظَرِ | لِلّهِ دَرُّكَ مِنْ صَبَاحٍ مُسْفِرِ |
يَفْرِي الظلامَ ضِيَاؤُهُ وَبِوَجْهِهِ | تُجْلى تبَاشِيرَ الغَدِ المتَنَظَّرِ |
هَذِي الحَيَاةُ جَدِيدَةٌ وَجَدِيرَةٌ | بِفَخَارِ مُحْدِثِهَا وَإِن لَمْ يَفخَرِ |
لَك يَا عَلِيُّ مَآثِرٌ وَطَنِيةٌ | كثُرَتْ وَلكِنْ مِنْكَ لَمْ تُستَكْثرِ |
أَعْظِمْ بِمَا تَبْغِي وَكُلُّ عَظِيمَةٍ | إِنْ تَبْغِها بِالصِّدْقِ لَمْ تتَعَذَّرِ |
لَمْ تَأْلُ حِينَ حَدَتْكَ آمَالُ العُلى | أَلاَّ تُجِيبَ دَعَاءَ طِيبِ العُنْصُرِ |
مَا أَحْسَنَ الأَصْلَ الزَّكِيَّ وَقَدْ نَمَا | مُتَجَدِّداً فِي فرْعِهِ المُخْضَوْضِرِ |
بَيْنَ المَغَارِسِ وَالمَصَانِعِ لَمْ يَدَعْ | بُرْهَانُ سَبْقِكَ حُجَّةٌ لِمُقصِّرِ |
وَيَزِيدُ فَضْلَكَ فِي التقَدُّمِ مَا بِهِ | مِنْ قُدْوَةٍ لِلقَادِرِ المُتَأَخِّرِ |
لَمْ تسْتِعنْ إِلاَّ بِنَفْسِكَ وَهْيَ مَا | هِيَ فِي الكِفَايَةِ لِلمَرَامِ الأَكْبَرِ |
نَفْسٌ لهَا أَنْصَارُهَا وَحُمَاتُهَا | مِنْهَا فَإِنْ تُقْدِمْ بِهَا لمْ تُقْهَرِ |
هِيَ مِنْ نَدَاهَا فِي رِعايَةِ أُسْرَةٍ | وَمِنَ العَزَائِمِ فِي حِيَاطَةِ عَسْكرِ |
إِنَّا رَأَيْنَا فِي رِحَابِكَ آيَتَيْ | حَزْمٍ وَفِيرِ جَنىً وَعَزْمٍ مُثْمِرِ |
ضَرْبٌ مِنَ الخلْقِ الحَرِيبِ بَعَثْتَه | بَعْثَ الخَصِيبِ مِنَ الثرَى إِنْ يُمْطَرِ |
كَمْ عَاطِلٍ وَجَدَ السِبيلَ لِرِزْقِهِ | فَمشَى إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِالمُتَعثِّرِ |
كَمْ بَاهِلٍ مُتحَيِّرٍ فِي أَمْرِهِ | بِهُدَاك عَادَ وَليْسَ بِالمُتحَيِّرِ |
كمْ جَاهِلٍ حَاكَ الرِّدَاءَ وَزَانَهُ | بِالوَشْي بَيْنَ مُرَقَّمٍ وَمُسَطَّرِ |
لَمْ يَبْدُ مِنْ أَثَرٍ لِغِلطَةِ كفِّهِ | فِي صُنْعِهِ مِنْ سَاذَجٍ وَمُصَوِّرِ |
أَقْوَاتُ هَاتِيكَ المِئَاتِ كَفَلتَهَا | بِسَمَاحِ مِعْطَاءٍ وَقَصْدِ مُدبرِ |
وَسَقَيْتَهَا المَاءَ القَرَاحَ وَلَمْ يَكُنْ | فِي العَيْشِ مَا نُسْقَاهُ غَيْرُ الأَكْدَرِ |
أَلنِّيلُ يَحْمِلُ لِلنَّباتِ غِذَاءَه | فَإِذَا صَفَا جَادَ الأَنامَ بِكَوْثَرِ |
هَذَا هُوَ البِرُّ الصحِيحُ بِأُمةٍ | أَخْنَى بِهَا إِهمَالُهَا مِنْ أَدْهَرِ |
وَكَمَا بَنَيْتَ لَوِ السرَاةُ بَنَوْا لهَا | لَنجَتْ مِنَ المُبْتَزِّ وَالمُسْتَعْمِرِ |
أَمْجِدْ بِطَلَعت حَرْبِ فِي زُعَمائِهَا | وَفؤادِ سُلطَانِ فتَاهَا العَبْقَرِي |
أَلفرْقَدَيْنِ تَآلفاً وَتَحَالُفاً | وَهِدايَةً لِبَصِيرَةِ المُتَنورِ |
آثرْتَ فيمَا مَهَّدَاه وَأَحْكَمَا | سَنَناً جَدِيراً بِاخْتِبارِ المُؤْثِرِ |
وَحَذَوْتَ حَذْوَهُمَا عَلى قَدَرٍ وَمِنْ | لُبِّ الصِّوَابِ الجُودُ بِالمُتَيَسرِ |
فَإِلَيْكَ مِنِّي يَا عَلِيُّ قِلادَةً | لَوْ جُسمَتْ أَزْرَتْ قِلادَ الجَوْهَرِ |
صَوَّرْتُهَا وَالفَضْلُ فِي إِبْدَاعِهَا | لِجَمَالِ فِعْلِكَ لا لِحُسْنِ تَصَوُّرِي |
وأَعِدَّني بِتحِيَّتي لَكَ مُفْصِحاً | عَمَّا يُخَامِرُ فِكْرُ كُلِّ مُفَكِّرِ |