تَدَاوَلَ قَلبِي وَجْدُهُ فِيكَ وَالذِّكْرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَدَاوَلَ قَلبِي وَجْدُهُ فِيكَ وَالذِّكْرُ | فَهَذَا لَهُ لَيْلٌ وَهَذا لهُ فَجْرُ |
وَكِدْتُ أَحِبُّ السُّهْدَ مِمَّا أَلِفْتُهُ | وَكَادَ لِطولِ الصبْرِ يَحْلُو لِيَ الصَّبْرُ |
وَأَنْكَرَ قوْمي فِي هوَاكَ تَجَرُّدي | عَلَى زَعْمِ أَنَّ الزُّهْدَ آفَتُهُ العُسرُ |
أَعُسْر بمَنْ يَهْوَى وَأَنْتَ لَهُ الْغِنَى | إِذَنْ فَثَرَاءُ الْعَالَمينَ هُوَ الْفَقرُ |
مُحِبكَ لا يَشْقى وَأَنْتَ نعيمُهُ | وَصَبَّكَ لاَ يَصْدَى وَأَنْتَ لهُ القَطْرُ |
سِوَى أَنَّنِي شَاكٍ نَوَاكَ وَذَاكِرٌ | تَبَارِيحَ وَجْدِي يَوْمَ فرَّقَنَا الهَجْرُ |
زَجَرْتُ فؤَادِي أَنْ يَبوحَ بِحُزْنِهِ | فَبَاحَتْ بِهِ عَيْنِي وَلَم يَنْفَع الزَّجْرُ |
وَمَا زَجْرُكَ الْكَأْسَ الدِّهَاقَ بِخَمْرِهَا | إِذا هِيَ سَالَت عَن جَوَانِبِهَا الخمْرُ |
فَكاشَفْتُهَا مَا بِي وَإِنَّ افْتِضَاحَهُ | لأَيْسَرُ لِي مِنْ أَنْ يُرَدَّ لَهَا أَمْرُ |
جَلاَ الدَّمْعُ نَفْسِي مِنْ خَبَايَا سَرَائِرِي | تَلُوحُ وَلا كَتْمٌ وَتُجْلى وَلاَ سِتْرُ |
فَزَالَ قِنَاعِي عَنْ ضَمِيرٍ مُطَهَّرٍ | يُصَانُ بِهِ عُرْفٌ وَيُنْفَى بِهِ النُّكْرُ |
وَعَنْ جَائِلٍ مِنْ دُونِهِ البَرْقُ سُرْعَةً | وَنُوراً فَلاَ بُعْدٌ يَعُوقُ وَلاَ سِتْرُ |
وَعَنْ خَافِقٍ مِلءَ الْوَفاءِ خُفُوقُهُ | عَجِبْتُ لهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِهِ الصَّدرُ |
وَعَنْ نَافِحٍ طِيبَ الرِّيَاضٍ مُنَوَّرٍ | بِأجْمَلِ مَا تَزهو الرَّيَاحِينُ وَالزهْر |
هُنالِكَ مَثوَى حُبِّهَا وَمَثارُهُ | وَمسْطَعُهُ الأَذْكَى وَمَنْبِتُهُ النَّضْرُ |
هَوى مِلْءَ رُوحٍ فِي ضَئِيلٍ مُخَيَّلٍ | ولَكِنَّني إِنْ أُبْدِهِ امْتَلأَ العَصْرُ |
وَقَدْرُ الْهَوَى فِي ذِي الْهَوَى قَدْرُ نَفْسِهِ | وَمِرْآتُهُ قلْبُ المُتَيَّمِ وَالفِكْرُ |
وما يَسْتوِي فِي الحُبِّ أَرْوَعُ فاضِلٌ | وَأَحْمَقُ مَذْمُومٌ خَلاَئِقهُ غِرُّ |
وما يَسْتوِي وُدٌّ هُوَ الغُنْمُ لِلْوَرَى | كوُدِّ ابْنِ تَوْفِيقٍ وَوُدٌّ هُوَ الْخُسْرُ |
رَعَتْكَ عُيونُ اللّهِ يَا ابْنَ محَمدٍ | كَمَا أَنْتَ ترْعَانَا ورَائِدُكَ الْبرُّ |
تَعَهَّدْ ثُغُورَ المُلْكِ أَيّاً تَحُلُّهُ | فَذَاكَ لَهُ قَلْبٌ وَسَائِرُهُ الثَّغرُ |
يقُومُ لَدَيْكَ النَّاسُ فِي خَيْرِ مَحْفِلٍ | ويَسْتقَبِلُ الإِجْلاَلَ رَكْبَكَ وَالبِشْرُ |
وَتبْذلُ حَبَّات الْقُلُوبِ كرامَةً | لدَيكَ وَيُزْرِي أَنْ يَضَنَّ بِهِ التِّبرُ |
يُنَادُونَ عَبَّاساً نِدَاءَ تَيمُّنٍ | وَيَدْعُونَ أَنْ يحْيَا وَتحْيَا بِهِ مِصْرُ |
ودَعْوَاهُمُ حَمْدٌ لَهُ وَملاَمَةٌ | لأَهْلِ نُذُورٍ لاَ يُوَفَّى لَهُمْ نَذرُ |
أَعَبَّاسُ إِنْ تَكْبُرْ على النَّاسِ هِمَّةً | فَأَيْنَ مَقامُ النَّاسِ مِنْكَ وَلاَ فَخْرُ |
تُرِيدُ اللَّيَالِي مِنْكَ مَا لاَ تُرِيدُهُ | لَكَ الْحَقُّ وَالآمَالُ وَالْهِمَمُ الْغُرُّ |
فإِن ظَلَمَتَ حُرّاً وسَاءَكَ ظُلْمُهُ | فأجْمِلْ بِهَا عُقْبى يُسَرُّ بِهَا الْحُرُّ |
لَكَ التَّاجُ زَانَتْهُ الْخِصَالُ بِدُرِّهَا | فَزِدْهُ لِحِينٍ دُرَّةً وهِيَ الصَّبْرُ |
لَكَ النِّيلُ مَوْكُولاً لأَمْرِكَ أَمْرُهُ | بِحَقٍ مِنَ المِيرَاثِ أَيَّدهُ النَّصْرُ |
لَكَ المُلْكُ مَوْفُورَ السلاَمَةِ هَانِئاً | شقِيّاً بِهِ المُشْقِي مُصَاباً بِهِ الضُّرُ |
أَموْلاَيَ إِنْ مَرَّتْ بِبَدْرٍ سَحَابَةٌ | فمَا كسَبَتْ نُوراً وَلاَ أَظْلمَ الْبدْرُ |
تمُرُّ بَعِيداً عَنْ مَعَالِي سَمَائِهِ | وَتَمْضِي عُبوساً وَهْو جَذْلاَنُ يَفْتَرُّ |