عَزِيزٌ غُرُوبُ البِكْرِ فِي بُكْرَةِ العُمْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عَزِيزٌ غُرُوبُ البِكْرِ فِي بُكْرَةِ العُمْرِ | كَغَيْبَةِ شَمْسِ الأُفْقِ فِي طَلْعَةِ الفَجْرِ |
فَيَا شَمْسُ سَرْعَانُ القَضَاءِ تَهَجُّماً | عَلَيْكِ وَلَمْ يُمَهِلكِ فِي السَّبْعِ وَالعَشْرِ |
خَطِيبَةُ شَهْرٍ سَابَقَ المَوتُ بَعْلَهَا | إِلَيْهَا فَأَغْوَاهَا وَلَكِنْ عَلى طُهْرِ |
أَتَاهَا عَلى غَيْرِ ارْتِقَابٍ بِخِدْرِهَا | سَرِيعاً خَفِيفاً خَارِقَ الحُجْبِ كالفِكرِ |
وَقَبَّلَهَا فَاسْتَلَّ جَوْهَرَ رُوحِهَا | وَأَبْقَى عَلى رَسْمٍ كَبَعْضِ الدُّمَى الغُرِّ |
كَذَلِكَ نِيرَانُ الصوَاعِقِ تَنْثَنِي | عَنِ التُّرْبِ إِعْرَاضاً وَتَأْخُذُ بِالتِّبْرِ |
فَلَما نَعَوْا تِلْكَ الْفَتَاةَ لأُمِّهَا | أَلَمَّ بِهَا سُكْرٌ وَمَا هِيَ فِي سُكْرِ |
عَرَاهَا خَبَالٌ فهْيَ تَرْقُصُ تَرْحَةً | وَتَنْشُدُ أَصْوَاتَ السُّرُورِ وَلا تدْرِي |
وَتهْذِي مِن الحُمَّى بِمَا شَاءَ ثكْلُهَا | وَيَنْهَلُّ مِنْ أَجْفَانِهَا الدَّمْعُ كَالقَطْرِ |
بُنَيَّةُ لا بَأْسٌ عَلَيْكِ مِنَ الرَّدَى | فَإِنَّكِ فِي أَمْنٍ لَدَى بَعْلِكِ الحُرِّ |
عَرُوسٌ يُفَدِّيهَا بِمُهْجَتِهِ فَتى | لَهَا أَرْخَصَ الدُّرِّ الغَوَالِيَ فِي المَهْرِ |
فَيَا أَفْرَسَ الفُرْسَانِ فِي حَوْمَةِ الوَغَى | إِذَا سَالَتِ الأَسْيَافُ بِالأَنْفُسِ الحُمْرِ |
تَخِذناكَ بَعْدَ اللّهِ حامِي دَارِنا | ولَيْسَ لَنَا عَوْنٌ سِوَاكَ عَلى الضُّرِّ |
فَكَيْفَ يَنَالُ المَوْتُ مَنْ أَنْتَ عَاصِمٌ | فَيَخْطِفُهَا مِنِّي وَيَسْلَمُ مِنْ وِتْرِ |
لِمَنْ تَسْتَعِدُّ السَّيْفَ كُنْتُ أَوَدُّهُ | يُرَوِّي الثَّرَى الظَّمْآنَ مِنْ مُهْجَةِ الدَّهْرِ |
أَعِدَّوا لَهَا ثَوَبَ الزَّفافِ مُرَصَّعاً | وَصُوغُوا لَهَا الحَليَ الثَّمِينَ مِنَ الدُّرِّ |
وَلا تُنْكِرُوا هَذَا السُّكُونَ بِنَوْمِهَا | أَلَيْسَ كَذَا نَوْمُ المُحَصَّنَةِ البِكْرِ |
وَدَمْعِي دمْعُ الأُمِّ فِي عُرْسِ بِنْتِهَا | فَلا تُنْكِرُوُه لَيْسَ فِي الدَّمْعِ مِنْ نُكْرِ |
لَكِ اللّهُ مَا أَبْهَى زَفَافَكِ إِنَّهُ | تَفَرَّدَ مَا بيْنَ الموَاكِبِ فِي مِصْرِ |
وَلَكِنْ لِمَ الأَيْدِي تُقِلُّكِ فَوْقَهَا | مُوسَّدَةً وَالصَّاحِبَاتُ بِلا عِطْرِ |
يَضُمُّكِ نَعْشٌ أَمْ أَرِيكَةُ زَفَّةٍ | ويَحْفِلُ قوْمٌ لِلسُّرُورِ أَمِ الأَجْرِ |
أَلاَ إِنَّ هَذَا مَوْكِبُ المَوْتِ زَانَهُ | لَكِ الأَهْلُ بِالطَّرْزِ الأَنِيقِ وَبِالزَّهْرِ |
وَأُمُّكِ لاَ يَكْفي التَّفَجُّعُ قَلْبُهَا | إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي صُوَرَةِ السَّعْدِ وَالبِشْرِ |
فَيَا شَمْسَ حُسْنٍ بَكَّرَتْ فِي زَوَالِهَا | لَئِنْ غِبْتِ فَالزَّهْرُ الثَّوَابِتُ فِي الإِثْرِ |
بَكَيْتُكِ لا أَني عَرَفتُكِ إِنَّما | لِخَطبِكِ هَذا كُلُّ ناضِبَةٍ تَجْرِي |