صَوْتُ الكِنَانَةِ فِي يُوبِيلِكَ الذَّهَبِي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صَوْتُ الكِنَانَةِ فِي يُوبِيلِكَ الذَّهَبِي | صَوْتٌ لَهُ رَجْعَةٌ فِي الْعَالَمِ الْعَرَبي |
فَصَارَ عِيدُكَ فِي الأَيَّامِ مَكْرُمَةً | أَنْ يُطْلِعَ الشَّمْسَ فِي حَفْلٍ مِنَ الشُّهُبِ |
كَذَاكَ تَسْطَعُ أَنْوَارُ الْمَسِيحِ وَمَا | مِنْ حَاجِبٍ فِي دَرَارِيهَا وَمُحْتَجَبِ |
للهِ أنْتَ وَهَذَا الْعِقْدُ مُنْتَظَماً | حَوْلَ الأَرِيكَةِ مِنَ صَيَّابَةٍ نَخُبِ |
إِنَّا لَنَفْخَرَ وَالأَعْمَالُ شَاهِدَةٌ | بِحِبْرِ أَحْبَارِنَا الْعَلاَّمَةِ الأَرِبِ |
الطَّاهِرِ الشَّيْمَةِ الصِّدِّيقِ في زَمَنٍ | وُجُودُ أَمْثَالِهِ فِيهِ مِنَ الْعَجَبِ |
القَانِتِ الْعَائِفِ الدُّنْيَا لَطَالِبِهَا | العِفِّ عَنْ غَيْرِ بَابِ اللهِ فِي الطَّلَبِ |
الصَّالِحِ الوَرِعِ المُوفِي أَمَانَتَهُ | إِيفَاءَ مَنْ طَبْعُهُ يَنْبُو عَنِ الرِّيَبِ |
نِفْسٌ أَتَمُّ سَجَايَاهَا تَعَهُّدِهَا | بِالْعِلْمِ وَالأَخْذِ لِلأَحْدَاثِ بِالأَهِبِ |
مِنَ النُّفُوسِ اللَّوَاتِي لاَ يَجُودُ بِهَا | لِطْفُ الْعِنَايَةِ إِلاَّ فِي مَدَى حُقَبِ |
أَعَدَّهَا لِلْمُهِمَّاتِ الْجَلاَئِل مَا | أَعَدَّهَا مِنْ يَقِينٍ غَيْرِ مُؤْتَشِبِ |
وَمِنْ فَضَائِلَ لاَ يُبْهَى مَحَاسِنُهَا | في الأَمنْ إِلاَّ تَجْلِيهُنَّ في النُّوَبِ |
وَمَنْ مَنَاقِبَ أَزْكَاهَا وَأشْرَفَهَا | تَكَرُّمُ الطَّبْعِ عَنْ حِقْدٍ وَعَنْ غَضَبِ |
وَمِنْ عَزَائِمَ لَمْ تَفْتَأْ مُصَرَّفَةً | فِي النَّفْعِ لِلْنَّاسِ وَالتَّفْرِيجِ لِلْكَرَبِ |
شَمَائِلُ النُّبْلِ فِي كِيرلُّسَ اجْتَمَعَتْ | أشْتَاتُهَا بَيْنَ مُوْهُوبٍ وَمُكْتَسَبِ |
وَهِيَ الَّتِي وَطَأَتْ أكْنَافَ مَنْصِبِهِ | لَهُ وَأَذْنَتْ إِلَيْهِ أَرْفَعَ الرُّتَبِ |
فَجَشَّمَتْهُ أُمُوراً لاَ اضِّطِلاعَ بِهَا | إِلاَّ لِنَدْبِ نَزِيهٍ غَيْرِ مُحْتَقَبِ |
فِي كُلِّ حالٍ عَلَى الْمَولَى تَوَكُّلُهُ | كَمْ فِي التَّوَاكُّلِ مَنْجَاةٍ مِنَ الْعَطَبِ |
إِنْ يُرْجَ لاَ يُرْجَ إِلاَّ فَضْلُ بَارِئِهِ | وَمَنْ رَجَا غَيْرَهُ يَوْماً وَلَمْ يَخِبِ |
يَعْنِي بِمَا يَتَوَخَّى غَيْرَ مُتَّئِدٍ | فَمَا يَخَالُ لَهُ إِلاَّهُ مِنْ أَرَبِ |
هَلْ رَدَّدَتْ نَدْوَةٌ ذِكْرَى مَآثِرَهُ | إِلاَّ وَقَدْ أَخَذَتْهَا هَزَّةُ الطَّرَبِ |
كَمْ بِيعَةٍ قَدِمَتْ عَهْداً فَجَدَّدَهَا | وَبِيعَةٍ شَادَهَا مَرْفُوعَةَ القِبَبِ |
كَمْ دَارِ عِلْمٍ بَنَاهضا أَوْ مُرَدَّمَةٍ | أَعَادَهَا فِي حِلَىً فَخْمَةٍ قَشِبِ |
كَمْ مَعْهَدٍ فِي سَبِيلِ اللهِ أَنْشَأَهُ | لِمُسْتَضَامِ وَمُحْرُوبٍ وَمُغْتَرِبِ |
فِي كُلِّ ذَلِكَ لاَ يَأْلو مَبَانِيَهُ | صَوْناً وَرَعْياً وَلاَ يَشْكُو مِنَ النَّصِبِ |
يَكَادُ يَسْأَلُ مَنْ يَدْرِي تَزَهُّدَهُ | مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِذَاكَ الْمَالِ وَالنَّشبِ |
فَضْلٌ مِنَ اللهِ لاَ يَحْصِيهُ حَاسِبُهُ | يُؤْتَأهُ كُلُّ نَدَىِّ الْكَفِّ مُحْتَسَبِ |
دَعْ مِنْ عَوَارِفِهِ مَا لَيْسَ يَعْلَمُهُ | إِلاَّ الَّذِي كَفْكَفْتَ مِنْ دَمْعِهِ السَّرِبِ |
أوِ الَّذِي كَشَفَتْ ضَيْماً أَلَمَّ بِهِ | أَوِ الَّذِي مَسَحَتْ مَا فِيهِ مِنْ وَصِبِ |
نَطَّافُ سُحْبِ وَلَكِنْ لاَ يُخَالِطُهَا | عَوَارِضُ الْبَرْقِ وَالأَرَعَادِ في السُّحُبِ |
فَلاَ الإِذَاعَةُ تُدْمِي قَلْبَ مَنْ جَبِرَتْ | وَلاَ الإِشَادَةُ تَنْضَى سِتْرَ مَنْتَقَبِ |
الصَّمْتُ أَفْصَحُ وَالأَفْعَالُ نَاطِقَةٌ | مِمَّا تُنَمِّقَهُ الأقْوَالُ في الْخُطُبِ |
وَالسَّعْيُ أَبْلَغُ في نُجْحٍ وَمسْعَدَةٍ | لِلنَّاسِ مِنْ شَقْشَقَاتِ المدْرَةِ الذَّرِبِ |
إِدا النُّفُوسُ إلى غَايَاتِهَا اتَّجَهَتْ | وَلَمْ تُعَوِّلُ عَلَى الأَوْصَافِ وَالنَّسَبِ |
فَالنَّقْصُ في المُتَجَنِّي أَنْ تُنَقِّصُهَا | وَالْعَيْبُ في رَأْيهِ الْمَأْفُونَ أَنْ يَعِبِ |
وَكَيْفَ يُحْسِنُ في فَضْلٍ شَهَادَتُهُ | مَنْ لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَدِّ وَاللَّعِبِ |
إن الأُوْلَى بِالهُدَى وَالرِّفْقِ سِسْتَهُمُ | دَهْراً سِيَاسَةَ رَاعِ صَالِحٍ وَأَبِ |
فَمَا ادْخَرْتَ نَفِيساً قَدْ تَضُنُّ بِهِ | عَلَى الذَّرَاِري نَفْسُ الْوَالِدِ الحَدِبِ |
لَيَعْرِفُونَ لَكَ الْفَضْلَ الْعَظِيمَ بِمَا | أَوْليتَ مِنْ مِنَنٍ مَوْصُولَةِ السَّبَبِ |
يَا سَادَةٌ يَزْدَهَى هَذَا الْمُقَامُ بِهِمْ | مِنَ الأَسَاقِفَةِ الأَعْلاَمِ وَالنُّخَبِ |
مَا أَبْهَجَ الْعِيدَ وَالأَقْطَابُ تَجْمَعُهُمْ | رَوَابِطُ الْوَدِّ حَوْلَ السَّيِّدِ الْقُطُبِ |
هَذِي الْمُشَارَكَةُ الْحُسْنَى تُسَجِّلُهَا | لَكُمْ جَوَانِحُنَا فَضْلاً عَنِ الْكُتُبِ |
وَيَا مَلِيكاً ظَفِرْنَا مِنْ رِعَايَتِهِ | بحُظْوَةٍ لَمْ تَدَعْ في النَّفْسِ مِنَ رَغِبِ |
قَلَّ الثَّنَاءُ عَلَيْهَا في الْوَفَاءِ بِهَا | لَوْ قُرْبَهُ مِنَ أَنْفُسِ الْقُرَبِ |
حَمْدٌ أَجَابَ إِلَيْهِ الْقَلْبَ دَاعِيَهُ | وَلَّى بِهِ فَخْرُ مَنْدُوبٍ وَمُنْتَدَبِ |
فَهَلْ لَدَى بَابِكَ الْعَالِيِّ يَشْفَعُهُ | صُدُورُهُ عَنْ صُدُورٍ فِيهِ لَمْ تَرِبِ |
للهِ دَرَّكَ فِيمَنْ سَادَ مُحْتَكِماً | مِنْ عَاهِلٍ عَادِلٍ للهِ مُرْتَقِبِ |
مُقَلَّدٌ مِنَ سَجَايَاهُ نِظَامُ حُلَىً | يَبُزُّ كُلَّ نِظَامٍ مُوْنَقٍ عَجِبِ |
يَرْعَى الْطَّوَائِفَ شَتَّى فِي مَذَاهِبَهَا | وفي هَوَى مِصْرَ شَعْباً غَيْرَ مَنْشَعِبِ |
تَحِيطُ حُبّاً وَإِجْلاَلاً بِسُدَّتِهِ | كَمَا يُحَاطُ سَوَادُ الْعَيْنِ بِالْهُدُبِ |
بَنَى الْمَفَاخِرَ َأنْوَاعاً مُنَوَّعَةً | لِلْدِّينِ وَالْعِلْمِ أوْ لِلْفَنِّ وَالأَدَبِ |
وَقَادَ في سُبُلِ الْعَلْيَاءِ أُمَّتَهُ | وَرَاضَهَا في مَرَاسِ الْدَّهْرِ بِالْغَلَبِ |
يَبْغِي بِكُلِّ مَرَامِي عَبْقَرِيَتِهِ | تَكَافُؤَ الْحَسَبِ المَصْرِيِّ وَالْنَّسَبِ |
فَدُمْ لِمِصْرِكَ يَا مَوْلاَيّ مَفْخَرَةً | فَوْقَ الْمَفَاخِرِ بَلْ لِلْشَّرْقِ وَالْعَرَبِ |