لِطَلْعَتَ حَرْبٍ فِي مَجَالِ اجْتِهَادِهِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لِطَلْعَتَ حَرْبٍ فِي مَجَالِ اجْتِهَادِهِ | مَفَاخِرُ يَحْرَى ذِكْرُهَا أَنْ يُرَدَّدَا |
فَقَدْ كَانَ فِي إِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ | بِأَوْفَى المَعَانِي قُدْوَةً لِمَنِ اقْتَدَى |
وَفِي سِيَرِ الغُرِّ المَيَامِين كَمْ جَلَتْ | لَنَا المثُلُ العُلْيَا مَنَائِرَ لِلهُدَى |
بِنَفْسِ عِصَامٍ رَامَ عِزّاً وَسُؤدَداً | فَأَدْرَكَ عِزّاً لاَ يُرَامُ وَسُؤْدَدَا |
وَأَثْرَى مِنَ المَالِ المُؤَثَّلِ بِالنُّهَى | وَأَثْرَى مِنَ الْحَمْدِ المُؤَثَّلِ بِالنَّدَى |
أَتَى آخِرَ الأَقرَانِ فِي حَلْبَةِ العُلَى | فَجَلَّى وَلَمْ يُلْحَقْ إِلَى آخِرِ المدَى |
كَبِيرُ المُنَى هَيْهَاتَ أَنْ يَبْلُغَ المُنَى | إِذَا طَاشَ فِي آرَائِهِ وَتَرَدَّدَا |
وَمَنْ لَمْ يُعِنْ بِالجِدِّ عَالِيَ جَدِّهِ | فَيَقْظَتُهُ حُلْمٌ وَعِيشَتُهُ سُدَى |
بِهَذَا تَسَامى كُلُّ مَنْ رَاضَ نَفْسَهُ | وَقَوَّمَ مِنْ أَخْلاَقِهِ مَا تَأَوَّدَا |
فَتىً عُلِّقَ الآدَابَ فِي مَيْعَةِ الصِّبَا | وَقَدْ قَلَّ مَا تُجْدِي وَقَدْ حَلَّ مَا شَدَا |
فَلَمْ يُغْنِهِ عِلْمٌ بِسُوقِ جَهَالَةٍ | وَلَمْ يُرْضِهِ رِزْقٌ يَحِقُّ فَيُجْتَدَى |
وَآثَرَ أَنْ يَخْتَطَّ فِي العَيْشِ خُطَّةً | أَسَدَّ وَأَمْلَى أَنْ تُحَقِّقَ مَقْصِدَا |
يُجَشَّمُ فَيهَا مَا يُجَشَّم عَالِماً | بِأَنَّ طَرِيقَ الفَوْزِ لَيْسَ ممَهَّدَا |
فَمَاذا اقْتضته حَاله مِن تجَددٍ | وَقدْ يَقْتَضِي عَزْمُ الأُمورِ التَّجَدُّادَ |
تَوَلَّى الأَبِيُّ الحرُّ خِدْمَةَ غيْرِهِ | وَلمْ يَكُ جَبَّاراً وَلاَ متمَرِّدَا |
يحَاوِلُ مَا يَبْغِي وَيَصْفو عَلَى القذى | إِلَى أَمَدٍ وَاليَوْمُ يَجْلُو له الغدَا |
وَمَن كَافحَ الدُّنْيَا وَقَدْ صَحَّ عَزْمُهُ | تَعَوَّدَ فِيهَا غَيْرَ مَا قَدْ تَعَوَّدا |
أَيَسْتَقْبِلُ الغُصْنُ الرَّبِيعَ وَثَوْبُهُ | قَشِيبُ الحِلَى إِلاَّ إِذَا مَا تَجَرَّدَا |
فَمَا زَالَ بِالأَيَّامِ حَتَّى تَكَشَّفَتْ | لَهُ عَنْ ثَنَايَا لِلصُّعُودِ فَأَصْعَدَا |
كِلا مَوْقِفَيْهِ مُونِقٌ وَمُشْرِّفٌ | فَلِلَّهِ مَا أَمْسَى وَاللهِ مَا غَدَا. |
أَصَابَ مِنَ الإِيسَارِ مَا شَاءَ فَانْثَنَى | إِلى مَطْلَبٍ فِي المَجْدِ أَسْنَى وَأَبْعَدَا |
يُريدُ حَيَاةً لِلبِلاَدِ جَدِيدَةً | تَرُدُّ عَلَى القوْمِ الثرَاءَ المبَددَا |
فمَا كل حَتى وَجَّهَ القَوْمَ وِجْهَةً | مُوَفَّقَةً أَجْدَى عَلَيْهِمْ وَأَرْشَدَا |
وَهَلْ كانَ شَعْبٌ سَيِّداً فِي دِيَارِهِ | إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ سَيِّدَا |
لِمصْرَ سُيُوفٌ في حَديث جهَادهَا | حَمَتْ حَوْضَهَا منْ أَنْ يَظَلَّ مُهَدَّدَا |
وَطَلعَتُ حَرْبٍ المُرَادَاة دُونَهَا | أَبَى أَنْ يُذَادَ الورْدُ عَنْهَا فَأَوْرَدَا |
أَجَلْ كَانَ سَيْفاً للحسَاب مُجَرَّداً | وَلَمْ يَكُ سَيْفاً للضِّرَاب مُجَرَّدَا |
يُنَافحُ عَنْ أَرْزَاق مصْرَ لأَهْلهَا | وَمَنْ صَانَ حَقّاً مَا تَعَدَّى وَلاَ اعْتَدَى |
وَمَا يَمْنَعُ الجَالينَ نَفْعاً مُحَلَّلاً | وَلَكَّنهُ يَأْبَى عَلَى مَنْ تَزيدا |
لمصْرَ بَنَى مَا عَزَّ قَبْلاً بنَاؤُهُ | عَلَى مُقْدمٍ جَلدٍ فَأَعْلَى وَمَدَّدَا |
بَنَى بَنْكَهَا منْ مَالهَا برجَالهَا | وَهَيَّأَ صَرْحاً بَعْدَ صَرْحٍ فَشَيَّدَا |
مَعَالمُ قَامَتْ وَاحداً تِلوَ وَاحدٍ | فَكَانَتْ يَداً مَيْمُونَةً أَعْقَبَتْ يَدَا |
بهَا منْ جَنَى مصْرٍ وَمنْ نَسْج كَفِّهَا | كُسَاهَا وَلَمْ يَمْدُدْ غَريبٌ لَها يَدَا |
وَسَيَّرَ فِي البَحْر المُحيط سَفينَهَا | فَمَا كَانَ أَحْلى عَوْدَهُنَّ وَأَحْمَدَا |
وَأَطْلَقَ فِي الجَوِّ السَّحيق نسُورَهَا | تَجُوبُ فَضَاءَ الله مَثْنَى وَمَوْحَدَا |
وَأَنْشَأَ دُوراً للصِّنَاعَات جَمَّةً | بهَا خَيْرُ عَهْدٍ للصِّنَاعَات جُدِّدَا |
وَكَمْ في سَبيل العلمِ عَبَّأَ بَعْثَةً | وَكَمْ في سَبيل الفَنِّ أَنْشَأَ مَعْهَدَا |
يُيَسِّرُ أَرْزَاقاً وَيَرْعَى مَرَافقاً | زَكَتْ مَصْدَراً للعَاملينَ وَمَوْرِدَا |
وَيُولي بُيُوتَ العلمِ منْ نَفَحَاتهِ | ذَرَائعَ إِصْلاَحٍ لمَا الفَقْرُ أَفْسَدَا |
وَيَذْكُرُ للآدَاب عَهْداً فَمَا يَني | مُعيناً لمَنْ يُعْنَى بهِنَّ وَمُنْجدَا |
مَآثرُ مِا دَامَتْ سَتُثْني بمَا بهَا | عَلَى فَضْلهِ الأَوْفَى وَتُزْري المُفَنِّدَا |
فَلَمَّا دَعَاهُ اللهُ بَعْدَ جهَادهِ | إِلَى الرَّاحَةِ الكًبْرَى وَقَدْ بَاتَ مُجْهَدَا |
تَوَارَى وَملْءُ النَّاظرَيْنَ شُعَاعُهُ | فَرَاعَ مَغيباً مثْلَ مَا رَاعَ مَشْهدَا |
ذَخْيرَةُ قَوْمٍ فُوجئُوا بضِيَاعهَا | فَمَا دَفَعَ الحرْصُ القَضَاءَ وَمَا فَدَى |
فَأَيُّ أَديبٍ اَلْمَعيٍّ طَوَى الثَّرَى | وَأَيُّ اجْتمَاعيٍّ حَكيمٍ تَغَمَّدَ |
وَأَيُّ اقْتصَاديٍّ رَمَاهُ وَلَمْ يَبِنْ | لَهُ مَقْتَلٌ رَامٍ خَفيٌّ فَأَقْصَدَا |
فَقيدٌ عَلَى قَدْرِ المَعَالي تَعَدَّدَتْ | مَآتمُهُوَالرزْءُ فيهِ تَعَدَّدَا |
فَفي مِصْرَ بَلْ فِي الشَّرْقِ أَحْزَانُ أُسْرَةٍ | عَلَى خَيْرِ أنْ لَمَّ الشَّتَاتَ وَوَحَّدَا |
تَوَلَّى وَمَا خلْنَاهُ يُحْصَى زَمَانُهُ | عَلَيْه وَمَا خلْنَا امْرَءاً منْهُ أَسْعَدَا |
لَهُ منْ خُلُودِ الذِّكْرِ عُمْرٌ وَلَيْتَ مَنْ | يُرَجَّى جَنَاهُ كَانَ بالعُمْرِ أُخْلدَ |
فَيَا آلَهُ هَلْ يُوحَشُ الدَّارِ أُنْسُهُ | وَقَدْ تَرَكَ الذِّكْرَ الجَميلَ المُؤَبَّدَا |
ليَمْنَحْكُمُ اللهُ العَزَاءَ وَخَيْرُهُ | تَعَهُّدكُمْ منْ مَجْدِهِ مَا تَعَهَّدَا |
وَيَا مَنْ تَوَلَّى بَعْدَهُ رَعْيَ مَا بَنَى | لَقَدْ كُنْتَ خَيْراً حَافِظاً وَموَطِّدَا |
مَكَانُكَ فيمَنْ أَنْجَبَ العَصرُ بَاذخ | وَمَا زلْتَ في أَعْلاَمه الشُّمِّ مفْرَدَا |
إِذَا مُنَيتْ عَلياءُ مصْرَ بفَرْقَد | تَغَيَّبَ عَنْهَا أَطْلَعَ اللهُ فَرْقَدَا |