أرشيف المقالات

كونوا مع الصادقين - كان خلقه القرآن - سعد الدين فاضل

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [ التوبة :119].
خواطر حول الآية:
جاءت هذه الآية بعد الحديث عن قصة ابتلاء عظيم للمسلمين في غزوة تبوك.. 
{لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ .
وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}
[117-118]

فالآيتان السابقتان يوضحان من هم الصادقون، هم النبي والذين آمنوا معه من الأنصار والمهاجرين، وأيضًا الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم، وأذكر هذا التوضيح لأن كثيرًا من الناس يتوهم أن الصدق منحصر في القول فقط، فهذا يقول الصدق وهذا يكذب، لكن في الحقيقة الصدق أعم وأشمل من ذلك بكثير، لأن سياق هذه الآية يدل على أن المقصود بالصدق هنا صدق الإيمان وصدق العمل، وصدق التوكل على الله تعالى، وكونوا مع الصادقين لتتعلموا منهم ولتقتدوا بهم ولتتخلقوا بأخلاقهم.
والله سبحانه وتعالى قد امتدح الصادقين في مواضع كثيرة في القرآن الكريم كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم َاللَّهُ عَلَيْهِم ْمِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} [ النساء :69]، فجعل الله سبحانه وتعالى مرتبة الصادقين بعد مرتبة النبوة مباشرة، وقال في موضع آخر: {مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].
والصدق له فوائد عديدة في الدنيا والآخرة ذكرها الله سبحانه في القرآن الكريم، وأرشدنا إليها نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم أذكر منها: 
• الصادق يدافع الله عنه، ففي قصة امرأة العزيز مع نبي الله يوسف عليه السلام: {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف من الآية:51]، فسبب نجاته والدفاع عنه أنه من الصادقين. 
• الصادق من أهل الجنة قال الله: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار} [آل عمران:17]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجن َّةِ، وإنَّ الرَّجُل َليَصدُقُ حتَّى يَكونَ صدِّيقًا، وإنَّ الكذِبَ يَهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّابًا» (صحيح البخاري :6094).
• الصدق علامة من علامات الإيمان. 
وغير ذلك من الفوائد التي تحدث الله عنها في القرآن الكريم، أطلب منك أخي أن تتدبر كلام الله لتصل إليها جميعها. 
ومن أهم الفوائد التي نحتاج إليها في زماننا أن الصدق مفيد جدًا في التربية وله أثر بالغ وكبير في صلاح النشء، لأنك إن ربيت ابنك على الصدق فلن يكذب أبدًا، وهذا يعني أنه سيفكر مرارًا وتكرارًا قبل فعل أي شيء ويعد جوابًا صادقًا لأنه لن يكذب، وهذا يدفعه إلى فعل الصالحات وترك المنكرات، وبالضرورة ينبغي أن تكون صادقًا في تصرفاتك أمامه لا أن تأمره بالصدق ثم تكذب أنت.
دعوة للتدبر (يعقبها نقاش حول كيفية تطبيقها).
أعط لجمهورك فترة 5 دقائق أو كما ترى لتدبر الآية كنوع من التدريب على التدبر، ثم اسألهم على أي شيء توصلوا وكيف يمكنهم تنفيذها 
الواجب التربوي: (كيف نطبقها في حياتنا؟).
• قرر من الآن أن تكون من الصادقين، فلا تكذب أبدًا لا كذبة بيضاء ولا سوداء، ولا كذبة إبريل. 
• تدرب ابنك على الصدق وكافئه عليه أكثر من أي شيء آخر وكن حاسمًا معه إن كذب. 
• لا توافق على الكذب مهما كانت العواقب.
• أرجوك تدبر القرآن وأنت تقرأه لتصل إلى فوائد الصدق في الدنيا والآخرة.
الدعوة والنشر (أخبر جمهورك).
لا تكتفِ بالسماع وفقط. 
رجاء دون ملاحظات حول ما تعلمته عبر هاتفك أو عبر قلمك وشاركه مع الآخرين، بالطريقة التي تراها أكثر تأثيراً لا تنس: (الدال على الخير كفاعله).

شارك الخبر

المرئيات-١