من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (4)
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (4)شق له صدره عدة مرات عناية به من رب الأرض والسماوات:
أولًا: شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو في سن الرابعة من عمره الشريف ببنى سعد:
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظُّ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمَّدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره)؛ رواه مسلم.
2- عن عرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى عليهما السلام، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، واستُرضعت في بني سعد بن بكر، فبينا أنا في بهم لنا، أتاني رجلان عليهما ثياب بيض، معهما طست من ذهب مملوء ثلجًا، فأضجعاني فشقَّا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء، فألقياها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى انقياه رداه كما كان، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بعشرة فوزنتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنني بمائة فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم، فقال: دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم)؛ صحيح[1].
ثانيًا: شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو في السنة العاشرة من عمره الشريف:
1- عن أُبي بن كعب أن أبا هريرة كان جريئًا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره، فقال: يا رسول الله، ما أول ما رأيت في أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا، وقال: (لقد سألت أبا هريرة، إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا رجل يقول لرجل: أهو هو، قال: نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إليَّ يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مسًّا، فقال أحدهما لصاحبه: أضْجِعه، فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، وقال أحدهما لصاحبه: أفلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري، ففلقها فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له: أخرِج الغل والحسد، فأخرج شيئًا كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها، فقال له: أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج يشبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى، فقال اغدوا سلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير ورحمة للكبير)؛ رجاله ثقات[2].
ثالثًا: شق صدره صلى الله عليه وسلم عند البعثة:
1- عن عروة بن الزبير، يحدث عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلنا: يا رسول الله، كيف علمت أنك نبي؟ قال: «ما علمت حتى أُعلِمت ذلك يا أبا ذر، أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة»، فقال أحدهما: أهو هو؟ قال: فزنه برجل، «فوزنت برجل فرجحته»، قال: فزنه بعشرة، «فوزنني بعشرة فوزنتهم»، ثم قال: زنه بمائة، «فوزنني بمائة فرجحتهم»، ثم قال: زنه بألف، «فوزنني بألف فرجحتهم»، ثم قال أحدهما للآخر: لو وزنته بأُمَّته رجحها، ثم قال أحدهما للآخر: شق بطنه فشق بطني، فأخرج منه فغم الشيطان، وعلق الدم فطرحها، فقال أحدهما للآخر: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملاء، ثم دعا بالسكينة كأنها رهرهة بيضاء فأُدخلت قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه: خِطْ بطنه فخاط بطني، وجعلا الخاتم بين كتفي، فما هو إلا ولَّيا عني كأنما أعاين أو فكأنما أعاين الأمر معاينة)، وزاد ابن معمر في حديثه (فجعلوا ينثرون عليَّ من كفة الميزان)[3].
رابعًا: شق صدره صلى الله عليه وسلم عند الإسراء والمعراج:
1- عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أُسري به، قال: (بينما أنا في الحطيم، وربما قال: في الحجر مضطجع بين النائم واليقظان، أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه، قال الراوي من ثغرة نحره إلى شعرته، فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا، فغسل قلبي ثم حشِي ثم أعيد)؛ رواه ابن حبان وصححه الألباني.
[1] أخرجه في المستدرك على الصحيحين وصححه الألباني 1545.
[2] رواه أحمد (5/ 139)، وقال الهيثمي في المجمع: رواه عبدالله (يعني ابن أحمد)، ورجاله ثقات، وثقهم ابن حبان (8/ 222، 223).
[3] قال في البحر الزخار ( 9/414 ): (وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا من هذا الوجه، ولا نعلم سمع عروة من أبي ذر)، وأخرجه البزار (9/437، رقم 4048)، قال الهيثمي (8/255): فيه جعفر بن عبدالله بن عثمان بن كثير، وثقه أبو حاتم الرازي وابن حبان، وتكلم فيه العقيلي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح، وانظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 3/ 483 ).