مَضَوْا تِبَاعاً وَهَذَا يَوْمُ مَسْعُودِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مَضَوْا تِبَاعاً وَهَذَا يَوْمُ مَسْعُودِ | هَلْ فِي الكِنَانَة قَلْبٌ غَيْرُ مَكمُودِ |
نَوَابِغٌ مَلأُوا بِالفَخْرِ عَصْرَهُمُ | وَجَدَّدُوا المَجْدَ فِيهِ كُلَّ تَجْديدِ |
عَادَتْ بِه لِفُحُولِ الشِّعْرِ دَوْلَتُهُمْ | وَدَوْلَةٌ لِلنَّحَارِيرِ المَجَاوِيدِ |
أَلكَاتِبُ الفَذُّ قَدْ أَلْقَى بَرَاعَتَهُ | بَعْدَ اصْطِحَابٍ طَوِيلِ العَهْدِ مَحْمُودِ |
بَحْرٌ مِنَ الأَدَبِ الزَّخَّارِ مُصْطَفِقٌ | بِصَدْرِ أَرْوَعَ فِيه حِشْمَةُ الرُّودِ |
تَرَاهُ فِي وَجْهِ مسْتَحْيٍ وَتُخْبِرُهُ | فَلَسْتَ تَخْبُرُ غَيْرَ النُّبْلِ وَالجُودِ |
تُبْدي ظَوَاهِرُهُ مَا فِي سَرَائِرِهِ | وَقَدْ تَشِعُّ نُفُوسٌ فِي التَّجَالِيدِ |
يَحْيَا وَدُوداً وَمَوْدُوداً كَأَحْسَنِ مَا | يَرْجُو وَهَلْ مِنْ وَدُودٍ غَيْرِ مَوْجُودِ |
وَلَمْ يَكُنْ مَعَ لِينِ الطَّبْعِ وَاهِيَهُ | وَلَمْ يَكُنْ بِمُدَاجٍ أَوْ بِرِعْديدِ |
وَرُبَّمَا صَالَ ذَوْداً عَنْ حَقِيقَته | فَجَالَ فِي الشَّوْطِ جَوْلاَتِ الصَّنَادِيدِ |
جَارَى صِحَافَةَ مِصْرٍ مُنْذُ نَشْأَتِهَا | وَعِبْئُهَا مُرْهِقٌ فِي نَضْرَةِ العُودِ |
بِالعَزْمِ وَالحَزْمِ يَسْتَوْفِي مَطَالِبَهَا | وَهَلْ بِغَيْرِهِمَا إِدْرَاكُ مَنْشُودِ |
حَتَّى إِذَا آبَ مِنْ أَقْطَابِ نَهْضَتِهَا | وَسَدَّدَ الرَّأْيَ فِيهِ كُلَّ تَسْدِيدِ |
أَجْرَى بِمَا يُخْصِبُ الأَلْبَابَ أَنْهُرَهَا | كَالنِّيلِ بِالخِصْبِ يَجْرِي فِي الأَخَاديدِ |
وَعَلَّمَ الطَّيْرَ فِي أَفْنَانِ رَوْضَتِهَا | شَتَّى الأَفَانِينِ مِنْ شَدْوٍ وَتَغْرِيدِ |
إِنَّ الصِّحَافَةَ مَوْسُوعَاتُ مَعْرِفَةٍ | يُزَوَّدُ العَقْلُ مِنْهَا خَيْرَ تَزْوِيدِ |
تَزِيدُ أَخْبَارُهَا بِالنَّاسِ خِبْرَتَهُ | حَتَّى تُقَوِّم مِنْهُ كُلَّ تَأْوِيدِ |
مَسْعُودُ مَهَّدَ فِي مِصْرَ السَّبِيلَ لَهَا | فَحازَ فَضْلَيْنِ مِنْ سَبْقٍ وَتَمْهِيدِ |
ثُمَّ انْتَحَى مُرْصِداً لِلعِلمِ همَّتَهُ | مُتَابِعاً كُلَّ مَجْهْودٍ بِمَجْهُودِ |
يُوعِي مَعَارِفَ أَلْوَاناً وَيُخْرِجُهَا | لَفْظاً وَمَعْنىً بِإِتْقَانٍ وَتَجْوِيدِ |
فَمِنْ تَآلِيفَ لاَ تُحْصَى فَوَائِدُهَا | مَحْدُودَةٍ وَمَدَاهَا غَيْرُ مَحْدُود |
وَمِنْ رَسَائِلَ فِي فَنٍّ وفِي لُغَةٍ | سِيقَتْ لإِقْرَارِ رَأْيٍ أَوْ لِتَفْنِيدِ |
وَمِنْ مَبَاحِثَ فِي التَّارِيخِ شَائِقَةٍ | وَفِي البِحَارِ وَفِي الأَمْصَارِ وَالبِيدِ |
وَفِي صِفَاتِ بَنِي الدُّنْيَا وَمَا اصْطَلَحُوا | عَلَيْهِ فِي عَهْدِهِمْ مِنْ غَيْرِ مَعْهُودِ |
وَفِي عَوَالِمِ أَفْلاَكٍ تُحِيطُ بِنَا | مَا بَيْنَ مُحْتَجِبٍ مِنْهَا وَمَرْصُودِ |
هَدِيَّةٌ وَهُدىً مِنْهُ لأُمَّتِهِ | وَمَوْطِنٍ بَعْدَ وَجْهِ اللهِ مَعْبُود |
مَسْعُودُ يَبْكِيكَ أَبْنَاءٌ بَرَرْتَ بِهِمْ | فَنُشِّئُوا نَشْأَةَ الغُرِّ الأَمَاجِيدِ |
يَبْكِيكَ قَوْمٌ مَشَوْا وَالحُزْنُ يَشْمَلُهُمْ | فِي مَشْهَدٍ لَكَ يَوْمَ البَيْنِ مَشْهُودِ |
يَبْكِيكَ إِخْوَانُ صِدْقٍ هَا هُنَا احْتَشَدُوا | يُنَوِّهُونَ بِفَضْلٍ غَيْرِ مَجْحُودِ |
يَمْضِي الزَّمَانُ وَتَبْقَى فِي ضَمَائِرِهِمْ | خَلِيقَ ذِكْرَى بِتَكْرِيمٍ وَتَخْلِيدِ |