أَلمُورِيَاتُ أَخْمَدَتْ زِنَادِي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَلمُورِيَاتُ أَخْمَدَتْ زِنَادِي | وَالمَرْثِيَاتُ أَنْضَبَتْ مِدَادِي |
وَكادَ لاَ يَتْرُكُ إِلاَّ لَوْنَهُ | فِي أَعْيُنِي تَعَاقُبُ الحِدَادِ |
يَا مُلْهِمَ الشِّعْرَ طَغَى الحُزْنُ عَلَى | فِكْرِي فَهَلْ فَضْلٌ مِنَ الإِمْدَادِ |
أَلعَلمُ الخفَّاقُ فِي الشَّرْقِ هَوَى | عَنْ طَوْدهِ المُوفِي عَلَى الأَطْوَادِ |
أَأَصْبَحَ اليَوْمَ فَقِيدَ قَوْمهِ | مَنْ عَاشَ فِيهِمْ فَاقِدَ الأَنْدَادِ |
وَاعُمَرَا أَسَامِعٌ يَوْمَ النَّوَى | آهَة مِصْرٍ وَأَنيِنَ الْوَادي |
اَسَامِعٌ فِي أُمَّةٍ وَالِهَةٍ | شَكْوَى الأَسَى مِنْ رَائِحٍ وَغَادِ |
إِسْكنْدَرِيَّةُ التِي آثَرْتَهَا | مَا نَالَهَا مِنْ أَلَمِ البِعَادِ |
وَكُنْتَ فِيهَا مَوْرِداً مُبَارَكاً | وَمَصْدَراً لِلخَيْرِ وَالإِسْعَادِ |
فِي النُّوبِ وَالسُّودَانِ قَوْمٌ رُزِئُوا | أَكْفى نَصِيرٍ وَأَبَرُّ هَادٍ |
شدَّ بِمَا أُوتِيَهُ مِنَ القُوَى | أَوَاخِيَ الإِلْفِ وَالاِتَّحَادِ |
بِكُلِّ قُطْرٍ عَرَبِيٍّ نَزَلَتْ | نَازِلَةٌ تَفُتُّ فِي الأَعْضَادِ |
مَا بِالحِجَازِ وَالسَّوَادَيْنِ وَمَا | بِالشَّامِ مِنْ تَصَدُّعِ الأَكْبَادِ |
أَلَمْ تَكُنْ أَوْحَى وَأَقْوَى نَاصِرٍ | لِكُلِّ شَعْبٍ نَاطِقٍ بِالضَّادِ |
وَهَلْ أُبِيْحَ مِنْ حِمى فِي الشَّرْقِ لَمْ | يَفُزْ بِذُخْرٍ مِنْكَ أَوْ عَتَادِ |
أَعْظِمْ بِمَا خَلَّفْتَ فِي الجِيلِ الَّذي | عَايَشْتَهُ مِنْ خَالِد الأَيادي |
أَلسْتَ أَوَّلَ المَيَامِينِ الأُولَى | دَعَوْا إِلى تَحَرُّرِ البِلاَدِ |
يحْفِزُكَ الإِيمَان بِالحقِّ وَمَا | تَثْيِنكَ عَنْهُ صَوْلَةٌ لِعَادي |
وَإِنَّمَا الأرَاءُ أَنْ تَجْلُوَهَا | مَا تَفْعَلُ السُّيُوفُ فِي الأَغْمَادِ |
أَيُّ أَميرٍ كُنْتَ ما أَتْقَى وما | أَنْقَى وما أَهْدى إِلى السِدادِ |
أَيُّ وَفِيٍّ لاَ وَفِيَّ مِثْلُهُ | أَيُّ هُمَامٍ مُسْعِفٍ جَوَادِ |
أَيُّ أَبٍ لِلْفُقَرَاءِ وَأَخٍ | لِلضُّعَفاءِ عَاجِلِ الإِنْجَادِ |
أَيُّ حَكِيمٍ لَمْ يُكدِّرْ صَفْوَهُ | تَخَالُفُ الرَّأْيِ وَالاِعْتِقَادِ |
وَيَرأَبُ الصُّدُوعَ فِي أُمَّتهِ | بِحِكْمَةٍ تَشْفِي مِنَ الأَحْقَادِ |
وَيَجْعَلُ الخُلْفَ بِمَا فِي وُسْعِه | زِيَادَةً فِي الإِلْفِ وَالوِدَادِ |
كَمْ جَدَّ فِي صِيَانَةِ السَّوَادِ مِنْ | غَوَائِلِ التَّاْوِيدِ وَالفَسَادِ |
بِمَنْحهِ الأَخْلاَقَ قِسْطاً وَافِراً | مِنْ هِمَمٍ تُعْطِي بِلاَ نَفَادِ |
أَلجَهْلُ وَالخَمْرُ وَآفَاتُهُمَا | أَلَسْنَ مِنْ أَسْلِحَة الأَعَادي |
كانَ البِدَارُ دَأْبَهُ عِنَايَةً | بِشَأْنِ مَنْ يَرْعَى مِنَ العِبَادِ |
أَجَائِزٌ لِي ذِكْرَ إِحْسَانٍ لَهُ | عِنْدِي وَفِي الحَقِّ بِه اعْتِدَادِي |
مَا أَخْطَأَتْنِي كُتْبُهُ فِي فَرَحٍ | أَوْ تَرَحٍ بِحُسْنِ الاِفْتِقادِ |
عَوَارِفٌ هَيْهَاتَ أَنْ تُنْسَى وَقَدْ | يُضَاعِفُ الجَمِيلَ لُطْفُ البَادي |
فِي عُمْرِكَ المَيْمُونِ كَمْ مِنْ مَسْجِدٍ | عَمَرْتَهُ وَمَعْهَدٍ وَنَادِ |
وَكَمْ جَمَاعَةٍ وَكَمْ نِقَابَةٍ | أُلْتَ بِهَا مَرَافِقَ العِبَادِ |
لَمْ تَدَّخِرْ نُصْحاً وَلاَ عَزِيمَةً | فِي سُبُلِ المَعَاشِ وَالمَعَادِ |
عُنِيتَ بِالزَّرْعِ وَبِالزُّرَّاعِ مَا | فَرَّطْتَ فِي جُهْدٍ وَلاَ اجْتِهَادِ |
عُنيتَ بِالفُنُونِ وَالآدَابِ لَمْ | تَضَنَّ بِالعَطْفِ عَلَى مِجْوَادِ |
وَكُنْت لِلعَدْلِ نَصِيراً يَقِظاً | وَكُنْتَ لِلظَّالِمِ بِالمِرْصَادِ |
هَذَا وَكَمْ عَانَيْتَ فِي ضُحَاكَ مِنْ | جُهْدٍ وَفِي دُجَاكَ مِنْ سُهَادِ |
فَجِئْتَ بِالآيَاتِ تَعْيَا دُونَهَا | عَزَائِمُ الجُمُوعِ لاَ الآحَاد |
مِنْ كُتُبٍ أَخْرَجْتَهَا وَصُحُفٍ | دَبَّجْتَهَا لِلهَدْيِ وَالإِرْشَادِ |
وَسِيَرٍ بَعَثْتَهَا فَجَدَّدَتْ | مَفَاخِرَ الآبَاءِ وَالأَجْدَادِ |
وَذِكَرٍ نَشَرْتَ مِنْ مَطْوِيِّهَا | مَآثِرَ الجُيُوشِ وَالقُوَّاد |
وَقَبَسَاتٍ مِنْ هُدَى الأَسْفَارِ فِي | حَواَضِرِ الدُّنْيَا وَفِي البَوَادِي |
وَصُورٍ تَجْلُو بِهَامَا غَيَّبَتْ | أَيْدي البِلَى فَكُلُّ خَاف بَادِ |
وَأَثَرٍ تَرُدُّهُ مِنْ غُرْبَةٍ | وَقَدْ بَذَلْتَ فِيه بَذْلَ الفَادِي |
تِلكَ ذَخَائِرٌ لِتَارِيخِ الحِمَي | لَوْلاَكَ ظَلَّتْ طُرُفاً بَدَادِ |
يَا مَنْ سَمَا بِنَفْسه كَمَا سَمَا | بِشَرَفِ المَحْتدِ وَالمِيلاَدِ |
فَارَقْتَ دُنْيَاكَ وَلَمْ تَأْبَهْ لَهَا | مُجْتَزِئاً عَنْهَا بِخَيْرِ زَادِ |
مُنْتَبِذاً بَهَارِجَ التَّشْيِيعِ وَالتَّ | وْدِيعِ فِي نِهَايَة الجِهَادِ |
أَثَابَكَ اللهُ بِمَا أَسْلَفْتَ مِنْ | مَحَامِدٍ تَبْقَى عَلَى الآبادِ |
وَزَادَ نَجْلَيْكَ كَمَالاً وَعُلىً | فِي الأُمَرَاءِ النُّجُبِ الأَمْجَادِ |