طَغَتْ أُمَّةُ الجَبَلِ الأَسْوَدِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
طَغَتْ أُمَّةُ الجَبَلِ الأَسْوَدِ | عَلَى حُكْمِ فَاتِحِهَا الأَيِّدِ |
وَهَبَّتْ مُنِيخَاتُ أَطْوَادِهَا | نَوَاشِزَ كَالإِبِلِ الشُّرَّدِ |
وَأَبْلَى النِّسَاءُ بَلاَءَ الرِّجَ | لِ لَدَى كُلِّ مُعْتَرَكٍ أَرْبَدِ |
نِسَاءٌ لِدَانُ القُدُودِ لَهَا | خُدُودُ كَزَهْرِ الرِّيَاضِ النَّدِي |
تَنَظَّمَ مِنْ حُسْنِهَا جَنَّةٌ | عَلَى ذَلِكَ الجَبَلِ الأَجْرَدِ |
وَيَوْمٍ كَأَنَّ شُعَاعَ الصَّبَا | حِ كَسَاهُ مَطَارِفَ مِنْ عَسْجَدِ |
تَفَرَّقَتِ التُّرْكُ فِيهِ عَصَا | ئِبَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى مَرْصَدِ |
يَسُدُّونَ كُلَّ شِعَابِ الجِبَا | لِ عَلَى النَّازِلينَ أَوْ الصُّعَّدِ |
أُسُودٌ تُرَاقِبُ أَمْثَالَهَا | وَلاَ يَلْتَقُونَ عَلَى مَوْعِدِ |
وَكَانَ عِدَاهُمْ عَلَى بُؤْسِهِمْ | وَطُولِ جِهَادِهِمُ المُجْهِدِ |
يُوَافُونَهُمْ بَغَتَاتِ اللُّصُو | صِ وَيَرْمُونَ بِالنَّارِ وَالْجَلْمَدِ |
وَيَفْتَرِقونَ تِجَاهَ الصفو | فِ وَيَجْتَمِعُونَ عَلَى المُفْرَدِ |
وَيَمْتَنِعُونَ بِكُلِّ خَفِيٍّ | عَصِيٍّ عَلَى أَمْهَرِ الرُّوَّدِ |
وَأَيُّ رَأَى شَارِداً يَقْتَنِصْ | هُ وَأَيٌّ رَأَى وَارِداً يَصْطَدِ |
وَيَلْتَقِمُونَ جَنَاحَ الْخَمِي | سِ إِذَا الْعَوْنَ أَعْيَى عَلَى المُنْجِد |
مَنَامُهُمُ جَاثِمِينَ وَقُو | فاً وَلاَ يَهْجَعُونَ عَلَى مَرْقَد |
وَمَا مِنْهُمُ لِلْعِدَى مُرْشدٌ | سِوَى غَادِرٍ سَاءَ مِنْ مُرْشد |
إَذَا لَمْ يَقُدْهُمْ إِلى مَهْلِكٍ | أَضَلَّ بِحِيلَتهِ المُهْتَدي |
وَيَعْتَسِفُ التُّرْكُ فِي كُلِّ صَوْ | بٍ فَهَذَا يَرُوحُ وَذَا يَغْتَدِي |
وَمَا الترْكُ إِلاَّ شُيُوخُ الحُرُو | بِ وَمُرْتَضِعُوهَا مِنَ المَوْلِدِ |
إِذَا أَلْقَحُوها الدِّمَاءَ فَلاَ | نِتَاجَ سِوَى الفَخْرِ وَالسًّؤْدُدِ |
سَوَاءٌ عَلَى المَجْدِ أَيّاً تَكُنْ | عَوَاقِبُ إِقْدَامِهِمْ تَمْجُدِ |
وَلَكِنَّ قَوْماً يَذُودُونَ عَنْ | حَقِيقَتِهِمْ مِنْ يَدِ المُعْتَدِي |
وَتَعْصِمُهُمْ شَامِخَاتُ الجِبَا | لِ وَكُلُّ مَضِيقٍ بِهَا مُوصَدِ |
وَيَدْفَعُهُمْ حُبُّ أَوْطَانِهِمْ | وَيَجْمَعُهُمْ شَرَفُ المَقْصِدِ |
لَوِ المَوْتُ مَدَّ إِلَيْهِمْ يَداً | لَرَدوهُ عَنْهُمْ كَلِيلَ اليَدِ |
وَكَانَ مِنَ التُّرْكِ جَمْعُ القَلِي | لِ عَلَى رَأْسِ مُنْحدَرٍ أَصْلَدِ |
كَثِيرِ الثُّلُومِ كَأَنَّ الفَتَى | إِذَا زَلَّ يَهْوِي عَلَى مِبْرَدِ |
وَقَدْ نَصَبُوا فَوْقَهُ مِدْفَعاً | يَهُزُّ الرَّوَاسِخَ إِنْ يَرْعَدِ |
وَحَفُّوا كَأَشْبَالِ لَيْثٍ بِهِ | وَهُمْ فِي دِعَابٍ وَهُمْ فِي دَدِ |
فَفَاجَأَهُمْ هَابِطٌ كَالْقَضَا | ءِ فِي شَكْلِ غَضِّ الصَّبِي أَمْرَدِ |
فَتىً كَالصَّبَاحِ بِإِشْرَاقِهِ | لَهُ لَفْتَةُ الرَّشَإِ الأَغْيَدِ |
يَدُلُّ سَنَاهُ وَسِيمَاؤُهُ | عَلَى شَرَفِ الجَاهِ وَالمَحْتَدِ |
تَرُدُّ سَوَاطِعُ أَنوَارِهِ | سَلِيمَ النَّوَاظِرِ كالأَرْمَدِ |
أَقَبُّ التَّرائِبِ غَضُّ الرَّوَا | دِفِ يَخْتَالُ عَنْ غُصْنٍ أَمْيَدِ |
لَهِيبُ الحُرُوبِ عَلَى وَجْنَتَيْ | هِ وَالنَّقْعُ فِي شَعْرَهِ الأَسْوَدِ |
وَفِي مِحْجَرَيْهِ بَرِيقُ السُّيُو | فِ وَظِلُّ المَنِيَّةِ فِي الأُثْمُدِ |
فَأَكْبَرَ كُلُّهُمُ أَنَّهُ | رَآهُ تَجَلَّى وَلَمْ يَسْجُدِ |
وَظَنُّوهُ مُسْتَنْفَراً هَارِباً | أَتَاهُمْ بِذلَّة مُسْتَنْجِدِ |
وَلَمْ يَحْسَبُوا أَنَّ ذَا جُرْأَةٍ | يُهَاجِمُ جَمْعاً بِلاَ مُسْعِدِ |
تَبَيَّنَ هُلْكاً فَلَمْ يَخْشَهُ | وَأَقْدَمَ إَِقْدَامَ مُسْتَأْسِدِ |
فَأَفْرَغَ نَارَ سُدَاسِيَّهِ | عَلَى القَوْمِ أَيَّا تُصِبْ تُقْصِد |
وَضَارَبَ بِالسَّيْفِ يُمْنَى وَيُسْ | رَى فَأَيْنَ يُصِبْ مَغْمَداً يُغْمِدِ |
سَقَى الصَّخْرِ مِنْ دَمِهِمْ فَارْتَوَى | وَلَمْ يَشْفِ مِنْهُ الفُؤَادَ الصَّدي |
فَمَا لَبِثُوا أَنْ أَحَاطُوا بِه | فَدَانَ لِكَثْرَتِهِمْ عَنْ يَدِ |
وَلَوْلاَ اتِّقَاءُ الخِيَانَة فِي | ه لَكَان الأَلَدُّ لهُ يَفْتَدي |
فَلَمَّا احْتَوَاهُ مَقَرُّ الأَمِي | يرِ مَقُوداً وَمَا هُوَ بِالْقَيِّد |
أَشَارَ وَمَا كَادَ يَرْنُو إِلَيْ | ه بِأَنْ يَقْتُلُوهُ غَدَاةَ الغَدِ |
فَأَقْصَي الفَتَى عَنْهُ حُرَّاسَهُ | وَشَقَّ عَنِ الصَّدْرِ مَا يَرْتَدي |
وَأَبْرَزَ نَهْدَيْ فَتَاةٍ كِعَا | بٍ بِطَرْفٍ حَيِيٍّ وَوَجْهٍ نَدِي |
كَحُقَّيْ لُجَيْنٍ بِقُفْلَيْ عَقِي | يقٍ وَكَنْزَيْنِ فِي رَصَدٍ مُرْصَدِ |
فَكَبَّرَ مِمَّا رَآهُ الأَمِي | رُ وَهَلَّلَ أَشْهَادُ ذَاكَ النَّدِي |
وَرَاعَهُمُ ذَلِكَ التَّوْأَمَا | نِ وَطَوْقَاهُمَا مِنْ دَمِ الأَكْبُدِ |
وَوَثْبُهُمَا عِنْدَمَا أُطْلِقَا | بِعَزْمٍ إِلى ظَاهِرِ المِجْسَد |
كَوَثْبِ صِغَارِ المَهَا الظَّامِئَا | تِ نَفَرْنَ خِفَافاً إِلى مَوْرِد |
وَأَرْخَتْ ضَفَائِرَهَا فَارْتَمَتْ | إِلى مَنْكِبَيْهَا مِنَ المَعْقدِ |
تُحِيطُ دُجَاهَا بِشَمْسٍ عَرَا | هَا سَقَامٌ فَحَالَتْ إِلى فَرْقَدِ |
وَقَالَتْ أَمُهْجَةُ أُنْثَى تَفِي | بِثَارَاتِ صَرْعَاكُمُ الهُمَّدِ |
تَفَانَوْا فَمَا خَاسَ فِي وَقْعَةٍ | فَتىً مِنْ مَسُودٍ وَلاَ سَيِّدِ |
يَرَى العِزَّ فِي نَصْرِ سُلْطَانِهِ | وَإِلاَّ فَفِي مَوْتِ مُسْتَشْهَدِ |
وَمِنْ خُلُقِ التُّرْكِ أَنْ يُوْرِدُوا | سُيُوفَهُمُ مُهَجَ الخُرَّدِ |
فَدُونَكُمُ قِتْلَةً حُلِّلَتْ | تَدِي مِنْ دِمَائِكُمُ مَا تَدِي |
فَأَصْغَى الأَمِيرُ إِلى قَوْلِهَا | وَلَمْ يُسْتَفَزْ وَلَمْ يَحْقِدِ |
وَأَعْظَمَ نَفْسَ الفَتَاةِ وَبَأْ | ساً بِهَا فِي الصَّنَادِيدِ لَمْ يَعْهَدِ |
وَحُسْناً بِمُشْرِكَةٍ دَاعِياً | إِلى الشِّرْكِ مَنْ يَرَهُ يَعْبُدِ |
أَبَى عِزَّةً قَتْلَ أُنَثَى تَذُو | دُ ذِيَادَ المُدَافِعِ لاَ المُعْتَدِي |
فَقَالَ انْقُلُوهَا إِلى مَأْمَنٍ | وَأَوْصُوا بِهَا نُطُسَ العُوَّدِ |
لِتعْلَمَ أَنَّا بِأَخْلاَقِنَا | نُنَزَّهُ عَنْ تُهَمِ الحُسَّدِ |
فَإِذْ أُخْرِجَتْ قَالَ لِلْمَاكِثِي | نَ وَهُمْ فِي ذُهُولِهُمُ المُجْمَدِ |
لَهَا اللهُ فِي الغِيدِ مِنْ غَادَةٍ | وَفِي الصِّيْدِ مِنْ بَطَلٍ أَصْيَدِ |
أَنُهْلِكُ شَعْباً غَزَتْ دَارَهُ | ثِقَالُ الجُيُوشِ فَلَمْ يَخْلُدِ |
خَلِيقٌ بِنَا أَنْ نَرُدَّ الْقِلىَ | وِ اداً وَمَنْ يَصْطَنِعْ يَوْدَدِ |
فَمَا بَلَدٌ تَفْتَدِيهِ النِّسَا | ءُ كَهَذَا الْفِدَاءِ بِمُسْتَعْبَدِ |