شُهُبٌ تَبِينُ فَمَا تَأُوبُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
شُهُبٌ تَبِينُ فَمَا تَأُوبُ | فَكَأَنَّهَا حَبَبٌ يَذُوبُ |
أَرَأَيْتَ فِي كَأْسِ الطِّلاَ | دُرَراً وَقَدْ صَعِدَتْ تَصُوبُ |
هُوَ ذاكَ فِي لُجِِّ الدُّجَى | طَفْوُ الدَّرَارِي وَالرُّسُوبُ |
لاَ فَرقَ بَيْنَ كَبِيرِهَا | وَصَغِيرِهَا فِيمَا يَنُوبُ |
كُلٌّ إلى أَجَلٍ وَعُقْبَى | كُلِّ طَالِعَةٍ وُقُوبُ |
أَلْيَوْمَ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ ال | شِّعْرِ أَدْرَكَهُ الغُرُوبُ |
وَثَبَتْ بِهِ فِي أَوْجِهِ ال | أسْنَى فَغَالَتْهُ شَعُوبُ |
لَقِيَ الحَقِيقَةَ شَاعِرٌ | مَا غَرَّهُ الوَهْمُ الكَذُوبُ |
أوْفَى عَلَى عَدْنٍ وَمَا | هُوَ عَنْ مَحَاسِنِها غَرِيبُ |
كَمْ بَاتَ يَشْهَدُهَا وَقَدْ | شَفَّتْ لَهُ عَنْهَا الغُيُوبُ |
يَا خَطْبَ إسْمَاعِيلَ صَبْ | رِي لَيْسَ تَبْلُغُكَ الخُطُوبُ |
جَزعَ الحِمَى لِنَعِيِّهِ | وَبَكَاهُ شُبَّانٌ وَشِيبُ |
أَيْ صَاحِبَيَّ لَقَدْ قَضَى | أُسْتَاذُنَا البَرُّ الحَبِيبُ |
فَعَرَا قِلاَدَتَنَا وَكَا | نَتْ زِينَةَ الدُّنْيَا شُحُوبُ |
إنِّ لأَذْكُرُ وَالأَسَى | بَيْنَ الضُّلُوعِ لَهُ شُبُوبُ |
عَهْداً بِهِ ضَمَّتْ فُؤَا | داً وَاحِداً مِنَّا الجُنُوبُ |
إذْ بَعْضُنَا مِنْ غَيْرِ مَا | نَسَبٍ إلى بَعْضٍ نَسِيْب |
وَبِغَيْرِ قُرْبَى بَيْنَنَا | كُلٌّ إلى كُلٍّ قَرِيْبُ |
أَلشِّعْرُ أَلَّفَنَا فَمَا اخْ | تَلَفَ العَرِيقُ وَلاَ الجَنِيبُ |
وَالفَنُّ يَأْبَى أَنْ تُفَ | رِّقَهُ المَوَاطِنُ وَالشُّعُوبُ |
مُسْتَشْرِفٌ لاَ السِّلْمُ | طَلاَّعٌ إِلَيْهِ وَلاَ الحُرُوبُ |
يَضْفِي بِهِ الضَّوْءَ الهِلاَ | لُ وَيَبْسُطُ الظِّلَّ الصَّلِيبُ |
لَوْ دَامَ ذَاكَ العَهْد لَ | كِنْ هَلْ لِيَوْمِ رِضىً عَقِيبُ |
يَامِصْرُ قَامَ العُذْرُ إِنْ | يُقْلِقْ مَضَاجِعَكِ الوَجِيبُ |
وَعَلَى فَقِيدٍ كَالَّذِي | تَبْكِينَ فَلْيَكُنِ النَّحِيبُ |
مَاتَ الأَدِيبُ وَإِنَّهُ | فِي كُلِّ مَعْنىً لَلأَدِيبُ |
مَاتَ المُحَامِي عَنْ ذِمَا | رِكِ مَاتَ قَاضِيكِ الأَرِيبُ |
مَاتَ الأَبِيُّ وَتَحْتَ لَ | يِّنِ قَوْلِهِ الرَّأْيُ الصَّلِيبُ |
مَاتَ الَّذِي تَدْعُوهُ دا | عِيَةُ الوَلاَءِ فَيَسْتَجِيبُ |
مَاتَ الَّذِي مَا كانَ مَشْ | هَدُهُ يَذَمُّ وَلاَ المَغِيبُ |
مَاتَ الَّذِي مَا كَانَ فِي | أَخْلاَقِهِ شَيْءٌ يَرِيبُ |
مَاتَ الَّذِي مَنْظُومُهُ | لأُلِي النُّهَى سِحْرٌ خَلُوبُ |
ألضَّارِبُ الأَمْثَالِ لَيْ | سَ لَهُ بِرَوعَتِهَا ضَرِيبُ |
هلْ فِي الجَدِيدِ كَقَوْلِهِ ال | مأْثُورِ وَالمَعْنَى جَلِيبُ |
آهَانِ لَوْ عَرَفَ الشَّبَا | بُ وَآهِ لَوْ قَدَرَ المَشِيبُ |
شِعْرٌ عَلَى الأَيَّامِ يَرْ | وِيهِ مُرَدِّدُهُ الطَّرُوبُ |
وَكَأنَّمَا فِي أُذْنِ قَا | رِئِهِ يُغَنِّي عَنْدَلِيبُ |
كُلُّ المَعَانِي مُعْجِبٌ | مَا شاءَ وَالمَبْنَى عَجِيبُ |
نَاهِيكَ بِالألْفَاظِ مِمَّ | ا تجَوَّدَ اللَّبِقُ اللَّبِيبُ |
كَالدُّرِّ مُكِّنَ فِي العُقُو | دِ وَلِلشُّعَاعِ بِهِ وُثُوبُ |
دِيبَاجَةٌ كَأَدَقِّ مَا | نَسَجَتْ شَمَالٌ أوْ جَنُوبُ |
فِيهَا حِلَّى جِدُّ الفَوَا | تِنِ وَشْيُهَا وَاشٍ لَعُوبُ |
آيَاتُ حُسْنٍ كُلُّهَا | صَفْوٌ وَلَيسَ بِهَا مَشُوبُ |
فِي رِقَّةِ النَّسَمَاتِ بِال | عَبَقِ الذَّكِيّ لَهَا هُبُوبُ |
تَسْتَافُهَا رأْدُ الضُّحَى | وَيُظِلُّكَ الوَادِي الخَصِيبُ |
فِي بَهْجَةِ الزَّهْراتِ بَا | كَرَهُنَّ مِدْرَارٌ سَكُوبُ |
فَاللَّحْظُ يَشْرَبُ وَالنَّدَى | مَشْمُولَةٌ وَالكِمُّ كُوبُ |
كَنَسِيبِهِ الأَخَّاذِ بِ | الألْبَابِ فَلْيَكُنِ النَّسِيبُ |
وَكَمَدْحِهِ المَدْحُ الَّذِي | أَبَداً لَهُ ثَوبٌ قَشِيبُ |
وَكَوَصْفِهِ الوَصْفُ الَّذِي | عَنْ رُؤيَةِ الرَّائِي يَنُوبُ |
يَتَنَاوَلُ الغَرَضَ البَعِي | دّ إِذا البَعِيدُ هُوَ القَرِيبُ |
أوْ يُبْرِزُ الخَلْقَ السَّوِيَّ | فَلِلْحَيَاةِ بِهِ دَبِيبُ |
كُلٌّ يُصَادِفُ مِنْ هَوَا | هُ عِنْدَه مَا يَسْتَطِيبُ |
فَكَأَنَّ مَا تَجْري خَوَا | طِرُهُ بِهِ تَجْرِي القُلُوبُ |
لِلَّهِ صَبْرِي وَهْوَ لِلُّ | غَةِ الَّتِي انْتُهِكَتْ غَضُوبُ |
بِالرِّفْقِ يَنْقُدُ مَا يَزِي | فُ المُخْطِئُونَ وَلاَ يَعِيبُ |
فِي رَأْيِهِ اللَّغَةُ البِلاَ | دُ أَجَلْ هُوَ الرَّأْيُ المُصِيْبُ |
يُودِي الْفَصِيْحُ مِنَ اللُّغَا | تِ إِذَا غَفَا عَنْهُ الرَّقِيبُ |
أَفْدِيكَ فَاَقْتَ الْحَيَا | ةَ وَغَيْرُكَ الْجَزِعُ الْكَئِيبُ |
جَارَتْ عَلَيْكَ فَضَاقَ عَنْ | سَعَةٍ بِهَا الذَرْعُ الرَّحِيبُ |
تِلْكَ الْحَيَاةُ وَمَا بِهَا | إلاَّ لأَهْلِ الْخُبْثِ طِيبُ |
كَمْ بِتَّ فِي سُهْدٍ وَأَنْتَ | لِغَايَةٍ شَقَّتْ طَلُوبُ |
جَوابُ آفَاقِ المَعَا | رِفِ وَالأَسَى فِيمَا تَجُوبُ |
حَتَّى تُحَصِّلَ مَا تُحَصِّ | لُ مِنْ فُنُونٍ لاَ تُثِيبُ |
وَجَزَاءُ كَدِّكَ ذَلِكَ ال | دَّاءُ الدَّوِيُّ بِه تَثُوبُ |
أَلكَاتِبُ العَرَبِيُّ مَهْ | مَا يَدْهَهُ فَلَهُ الذُّنُوبُ |
إِنْ لَمْ يُصِبْ مَالاً وَكَيْ | فَ وَتِلْكَ بِيْئَتُهُ يُصِيبُ |
فَالْفَضْلُ مَنْقَصَةٌ لَهُ | وَخِلاَلُهُ الحُسْنَى عُيُوبُ |
وَيَمُرُّ بِالْعَيْشِ الكَرِي | مِ وَمَا لَهُ مِنْهُ نَصِيبُ |
فَإِذا قَنَى مَالاً كَمَا | يَقْنِي لِعُقْبَاهُ الحَسِيبُ |
حَذَرَ المَهَانَاتِ الَّتي | مُتَقَدِّمُوهُ بِهَا أُصِيْبُوا |
أَفْنَى بِمَجْهُودَيْهِ قُوَّ | تَهُ وَأَرْدَاهُ اللُّغُوبُ |
قَتْلاً بِنَفْثِ دَمٍ قُتِلْ | تَ وَعَجَّ مَرقَدُكَ الخَصِيبُ |
فَثَوَيْتَ فِي الْيَومِ المُنَ | جِّي وَاسْمُهُ اليَوْمَ الْعَصِيبُ |
وَبِحَقِّ مَنْ كُنْتَ المُنِي | بَ إِلَيْهِ يَا نِعْمَ المُنِيبُ |
لأخَفُّ مِنْ بَعْضِ المَقَا | لَةِ ذَلِكَ المَوتُ الْحَزِيبُ |
أَعْنِي مَقَالَةَ كَاشِحٍ | فِي قَدْرِكَ الْعَالِي يُرِيبُ |
مِمن يَهَشُّ كَما تَثَا | ءَبَ وَهُوَ طاوِي الكشْحِ ذِيبُ |
شرُّ الأَنامِ البَاسِمو | ن وفِي جَوَانِحِهِمْ لَهِيبُ |
أَلمُدَّعُون الْبَحْثَ حِي | نَ الْقَصْدُ مِنْهُمْ أَنْ يَغِيبُوا |
مُتنقِّصُو مَحْسُودِهِمْ | وَلَهُ التَّجِلَّةُ وَالرُّجُوبُ |
فِئَةٌ تَنَالُ مِنَ الْفَتى | ما لَمْ تَنَلْ مِنْهُ الْكُرُوبُ |
لِفَخَارِهَ تَأْسى كَ | أنَّ فَخَارُهُ مِنْهَا سَلِيبُ |
قَلَتْ لِتَضْلِيلِ العُقُو | لِ وَلَيسَ كَالتَّضْلِيلِ حُوبُ |
صَبْرِي مُقِلٌّ وَردُهُ | عَذْبٌ وَآفَتُهُ النُّضُوبُ |
أَخْبِثْ بِمَا أَخْفَوْا وَظَا | هِرُ قَصْدِهِمْ عَطْفٌ وَحُوبُ |
مَا الشِّعْرُ يا أَهْلَ النُّهَى | وَالذِّكْرُ دِيوَانٌ رَغِيبُ |
مَنْ يَسْأَلِ الحُصَرِيَّ وَ ابْ | نَ ذُرَيْقَ فَاسْمُهُمَا يُجِيبُ |
أَزْهَى وَأَبْهى الوَرْدِ لاَ | يأْتِي بِهِ الدَّغَلُ العَشِيبُ |
مَاذا أَجَادَ سِوَى القَلِيلِ | أَبُو عُبَادَةَ أَوْ حَبِيبُ |
لَوْ طَبَّقَ السَّبْعَ النَّعِي | بُ أَيُطْرِبُ السَّمْعَ النَّعِيبُ |
أَوْ لَمْ يَطُلْ شَدُوٌ وَشَا | دِيهِ الهَزَارُ أَمَا يَطِيبُ |
أَلشِّعْرُ تَلْبِيَةُ الْقَوَا | فِي وَالشُّعُورُ بِها مُهِيبُ |
وَبِهِ مِنَ الإِيقَاعِ ضَرْ | لاَ تُحَاكِيهِ الضّرُوبُ |
هُوَ مَحْضُ مُوسِيقَى وَحِسَّ | اتٌ تُصَوِّرُهَا الضُّرُوبُ |
هُوَ نَوْحُ سَاقِيَةٍ شَكَتْ | لا َقَدْرُ مَا يَحْوِي القَلِيبُ |
هُوَ مَا بَكَاهُ الْقَلْبُ لاَ | مِعْيَارُ مَا جَرَتِ الغُرُوبُ |
هُوَ أَنَّةٌ وَتَسِيلُ مِنْ | جَرَّائِهَا نَفْسٌ صَبِيبُ |
عَمَدُوا إِلَيْكَ وَأَنْتَ مَيْ | تٌ ذَاكَ بَأْسُهُمُ الغَريبُ |
وَلَقَدْ تَرَاهُمْ سَخِراً | مِنْهُمْ وَأَشْجَعُهُمْ نَخِيبُ |
خَالُوا رَدَاكَ إِبَاحَةٌ | خَابُوا وَمِثْلُهُمُ يَخِيبُ |
فَاذْهَبْ أَبَا الشُّعَراءِ فَخْ | رُكَ لَيسَ ضَائِرَهُ الذُّهُوبُ |
أَمَّا بَنُوكَ فَعِنْدَ ظَنِّ | الْنُبْلِ أَبْرَارٌ نُدُوبُ |
نَمْ عَنْهُمُو وَمَقَامُكَ ال | عَالي وَجَانِبُكَ المَهِيبُ |
لَكَ فِي النُّهَى بَعْدَ النَّوَى | شَفَقٌ وَلَكِنْ لاَ يَغِيبُ |