أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَمُشَيِّعٌ أَنَا كُلَّ يَوْمٍ ذَاهِباً | وَمُشَيِّعٌ في الإِثْرِ قَلْباً ذَائِبا |
يَا صَاحِبِي أَخْلَفْتَ لِي أُمْنِيَّةً | كَانَتْ دُعَائي لا عَدِمْتُكَ صَاحِبا |
أَقْوَتْ مَعَاهِدُنَا وَكَانَتْ بِالهَوَى | مَعْمُورَةً فَإِخَالُهُنَّ خَرَائِبَا |
وَأَرَى وُجُوهَ الشَّاهِدِينَ كَأَنَّهَا | تَتَفَقَّدُ الوَجْهَ المُنِيرَ الغَائِبَا |
كُنْتَ الأَخَ المَحْبُوبَ وَالإِلْفَ الَّذِي | لَمْ يَنْسَ مُفْتَرِضاً وَيُهْمِلَ وَاجِبَا |
إنْ كَانَ فِي عَيْشِي وَقَدْ فَارَقْتَهُ | طِيبٌ فَلَيْسَ العَيْشَ بَعْدَكَ طَائِبَا |
إِنَّ الَّذِي كَابَدْتَ فِيهِ مُحَاذِراً | وَمُصَابِراً لَمْ يَبْقَ فيهِ رَاغِبَا |
تَوْفِيقُ أَخْطَأَكَ الَّذِي تُدْعَى بِهِ | وَالمَوْتُ لاَ يَرْعَى لِحَيٍّ جَانِبَا |
أَيْنَ الكَلاَمُ الحُلوُ تُسْقَاهُ المُنَى | كَالشُّهْدِ مَهْمَا يَخْتَلِفْنَ مَشَارِبَا |
أَيْنَ الأَحَادِيث اللِطَافُ وَكُلُّهَا | سِيَرٌ مُلِئْنَ طَرَائِفاً وَغَرَائِبَا |
أَيْنَ المَلِيْحُ بِخُلْقِهِ وَبِخَلْقَهِ | أَلطَّاهِرُ الشِّيَمِ النَّقِيُّ مَآرِبَا |
سَامِي الشَّمَائِلِ فِطْرَةً لَمْ يَتَّخِذْ | مِنْ غَيْرِهِنَّ مَرَاتِباً وَمَنَاصِبَا |
يُجْنَى عَلَيْهِ فَمَا تَرَاهُ حَاقِداً | أَوْ يُسْتَفَزُّ فَمَا تَرَاهُ غَاضِبَا |
وَيَظَلُّ بَسَّاماً مَا هُوَ وَجْهَهُ | بَلْ قَلْبُهُ وَسِوَاهُ يَبْسِمُ كَاذِبَا |
أَخْلاَقُ إِنْسَانٍ بِمَعْنَاهُ الَّذِي | صَقَلَتْهُ أَحْقَابٌ فَتَمَّ مَنَاقِبَا |
أَحَسِيبُ إِنْ تُسْلَبْ أَخَاكَ فَإِنَّنِي | شَاكٍ كَمَا تَشْكُو الزَّمَانَ السَّالِبا |
قَدْ كُنْتَ أُسْتَاذِي فَهَلْ أَنَا وَاجِدٌ | قَوْلاً يُثَبِّتُ مِنْكَ قَلْباً وَاجِبا |
يَكْفِي عَزَاءً تَرْكُهُ الدُّنْيَا وَقَدْ | مُلِئَتْ أَسىً وَفَوَاجِعاً وَنَوَائِبا |
فَليَلْقَ عِنْدَ إِلهِهِ مَا لَمْ يَكُنْ | لِيُنَالَ فِيهَا مِنْ مُنَىً وَرَغَائِبَا |