لسَانُ دمعي بفرط الحبِّ قد نطقا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لسَانُ دمعي بفرط الحبِّ قد نطقا | فكلما قال قولاً في الهوى صدقا |
والدمع كالبارق السَّاري تكُفكفه | ريح الصَّبا فإذا مرَّت به اندفقا |
هذا يُساقط دُرّاً في الفضاء وذا | يرمي العقيق وكلٌّ يملأُ الأفقا |
والقلبُ كالبرق قد أورى الغرامُ بهِ | ناراً وكلٌّ لأكناف الحمى خفقا |
رقى بي الحب حداً والغرام رقى | ودمع عيني حاشا أن يكون رقا |
ما أخطأ البعد عيني بالسهاد فها | أنا المصُاب هوى أبغي قليل رُقَى |
ونخلةٌ عكف الحسنُ البديع بهَا | والقلبُ طار عليها إذ زهت ورقا |
كالبدر في جنح ليل قد أنار على | غصن رطيب تثنى في كثيب نقا |
قد أشربت صفوة الدنيا جوارحه | وسيط فيها نهىً عشاقه علقا |
كلاهما رقَّ أوصافاً وأفئدةً | لكن إذا رمقا لم يتركا رمقا |
قالت وقال وقاك الله من دنف | أفديك بالنفس يا من قال فيَّ وقا |
كيف احتيالي وبالجرداء لي رشأ | إذا دنت منه آساد الشرى رشقا |
قد أشرقت وجنتاه جذوةً وكذا | ريَّا سواريه من ماء الصِّبا شرِقا |
والخال فاز ولكن وسط نارهما | لولا فيوضات ماء الحُسن لاحترقا |
بي منه وَقْدُ غرامٍ كلما افترقت | نارُ الصَّبابة من أهل الهوى ألِقَا |
حاولتُ منهُ برَوْضٍ خلسةً فعدا | وخلفَه الدمع كلٌّ عادَ منطلقا |
أفدي الذين تناءت دارهم فكسوا | طرفي وقلبي ذا سُهداً وذا حرقا |
فبعدهم باب جفني صار منفتحا | وبعدهم صار باب الأنْسِ منغلقا |
يا برَّد الله قلباً تحت ظلهمُ | متى غدا بيته بالبعد محترقا |
يا دهر أين ليالينا التي نظمت | فيها محاسنك الأحباب والرُفَقا |
لا زلت منك أرجّي أن تصوغ لنا | ما اختل من دُرّها يوماً فما اتفقا |
عسى الزمان الذي بالبعد غيرنا | أن يجمع الشمل يوماً بعدما افترقا |
كما تجمع شمل الدين بالملك السلطان | فالتف بالاحسَان واتفقا |
هو الهمام مليك العصر ملجؤُنا | محمد من بنشر الفضل قد سبقا |
أسدى الملوك يداً أقصاهم أمداً | أفضاهم سدداً أذكاهُم خلقا |
مؤيد العزم لو أبدى عصاهُ على | هام الخِضّمّ بإذن الله لانفلقا |
مبارك السعي لو أقصى لهُ أمداً | كيوانَ هيَّا إلى أدراكه عَنَقا |
رحْبُ الفنا والثنا كلٌّ يصوغ لهُ | حَلْيَ المدائح إن تبراً وإن وَرِقا |
إن المناظر و الأقلام ألسنة | و البيض و الصمع كل باسمه نطقا |
ذو نعمة شرعت رشد الورى فرقا | ونقمة صرعت أسد الشرى فرقا |
إذا سطا تختشي من سيفه حرقا | وإن عطا تختشي من سيبه غرقا |
نما بطلعته الاسلام وانقشعت | سحابة الكفر كم أحيا وكم مَحَقا |
قامت سياسته تجري فتخدم با | طلا ولا عجب ان باطل زهقا |
السِّلكَ مَدَّ فإن ينطق لنازلة | أوحى إليه لسان البرق مستبقا |
سدَّ الثغور حمى الاسلام جندل ه | امَ الكفر شتت شمل المعتدي شنقا |
فالبر والبحر كل داس هامته | بكل سيَّارة كالبرق مخترقا |
ذلَّت لهيبته غُلْبُ الملوك فهم | يخشونه فرَقَاً لو جمَعَّوا فِرَقا |
واستسلمت دول الدنيا لدولته | وهي التي رستِ الدنيا بها عمقا |
والله رب السما والأرض لو خلت | الآفاق من كلمة التوحيد لانطبقا |
يا أيهُّا الملك الميمون جانبه | أوضحتَ للملك في تسديده طرقا |
هذي هي السَّهلة البيضاء أنتَ لها | محيي ولا غَرْو إن أحييت ما سبقا |
الأمر شورى وللآراء مجتمع | وعقلك المحض معيار لها فرقا |
فما سلكتَ فنهج العدل متضح | وما تركت فعنه مهرب وتقى |
الله أكبر ذا التدبير والقبس التن | وير أصل رعاه ربَّه وسقى |
النور ذاك أم الدستور أم وضح المست | ور أم كونه المعمور قد شرقا |
ودولة الترك لا زالت مخلدة | ولم يزل دهرها بالفضل منتطقا |
ولا يزال لواء النصرِ يَقْدُمها | فإنه لحمى الاسلام قد خفقا |
لم تترك الترك شيئاً من ذرى شَرَفٍ | إلا وقد ملأت من نشره الأفقا |
فعش مدى الدهر يا سلطانها فلقد | أخمدتَ جوراً وأطلعتَ الهُدى شفقا |
هذا سلام محب هزّه طرَب | يهدي إلى البحر من در الثنا طبقا |
ضاقت به الحال من دَين أحاط به | وللخلاص ينادي فضلَكَ العَبِقا |
والدهرُ دهرُك والأقدار مُسعدةً | والله عونُك فارتع في ظلال بَقا |