هُبّي فقـد طلـع النهـارْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هُبّي فقـد طلـع النهـارْ | والحـبُّ أحـلاهُ جِهـارْ |
والعيش في كَشْف الهوى | والعذر في خلع العِـذارْ |
والصُّبح يهـزأ بالدُّجـى | والغصن يرقص بالهزارْ |
صاغ الغمامُ من النـدى | درراً بأجيـاد البَـهـارْ |
وغـدا النسيـم الرطـب | ينسـم للأزاهيـر الأزار |
يسري فيَحـدث للجسُـو | مِ بضَعفه منـه اقتـدارْ |
والجلنـار لـذوب تِبْـر | الزهر يُوقد جُـلّ نـارْ |
قم يـا نديـم فعاطِنـي | بالـود كاسـاتِ العُقـارْ |
فعسى حديثك لي يُخَفِّـفُ | مـا بقلبـي مــن أوارْ |
بعلايـة الجـرداءِ لـي | عربٌ لهم لم تَخْبُ نـارْ |
للضيف ممـا أنضجَتْـهُ | وللقـلـوب الاستِـعـارْ |
جعلوا قلـوب العاشقيـنَ | لخيـل ودّهـم مَـغَـارْ |
أظِبـاءَ وادي المنحنـى | باللَّهِ مـا هـذَا النِّفـارْ |
قلبي لكـم جـارٌ وَلـي | دمع على العَرَصات جارْ |
بنتـم فبـان لبُعـدكـم | من بَعدكم جُلّ اصطبـارْ |
كَم أنّةٍ لي فـي الربـوع | وَحنّةٍ لـي فـي الديـارْ |
جزتـم مِنـي فجزيتُـم | خَير المنى في خيـر دارْ |
وَسَرَيتـمُ ووجوهـكـم | تغزو الدُّجُنَّـة بالنهـارْ |
سِرتـم وعندكـم القلـو | بُ بأسرها تحت الإِسارْ |
غـادرتـمُ أجسامـنـا | أبيـاتَ سُهْـدٍ واعتبـارْ |
لـم يهدِنـا لنسيمـكـم | غير الخُزَامى والعَـرارْ |
هـلاّ رحمتـم مُغرَمـاً | لا يستقـر لـهُ قــرارْ |
فإذا أضَا بـرق هَمَـتْ | من أجفني الدِيم الغِـزارْ |
فلذا اكتسى وادي الأراك | بأدمعي ثوب اخضـرارْ |
جئنـاهُ وَهْنـاً والنجـوم | لنـا بأعينـهـا ازورارْ |
مـا رابنـا إلا علـيـل | نسيمـه فيـه انكـسـارْ |
وهـو العليـل وَبـرْدُه | يشفي العليلَ المستطـارْ |
بحشاي فيـه مَهـاة رم | لٍ لا تـزور ولا تـزارْ |
كم طعنـةٍ مـن لحظهـا | في العاشقين مضت جُبَارْ |
كم عشتُ أرغـدَ عِيشـة | في ظلهـا فَحْـمَ العِـذارْ |
فتقضّـتِ اللـذات فيهَـا | والصَّبـا ثـوب مُعـارْ |
ندمي على زمن الصِّبـا | ندَمَ الفرزدقِ فـي نَـوارْ |
فَدِمايَ منهُ فـي إنهمـا | لٍ والمدامع في انهمـارْ |
كمواهِب السُلطان فيـص | ل لا السُّيول ولا البحارْ |
مـلـكٌ إذا شـاهـدتَـه | أيقنـت إنَّ الـدهـر دارْ |
ملك يسيـر الجـود وال | علياء مَعْهُ حيـث سَـارْ |
تعنو لـهُ اليمـن العَبـا | هِلُ والغطارفـة النـزارْ |
متهلـل بالبشـر مــر | تاح لدى فيض النُّضـارْ |
رحب تضيق الأرض من | رجفاتـه يـوم المَثَـارْ |
كشاف خطـب تنجلـي | بوجوده الفِتَـن الكبـارْ |
متفـردٌ بالحلـم لـكـنْ | حِلمُـهُ معـه اقـتـدارْ |
متـوحـدٌ بـالـرأي لا | يفضي إلى نظر المشـارْ |
غوَّاص دأمـاء التدبـر | فــارس بالإِعتـبـارْ |
متقـسـمٌ مـعـروفـه | متبسـم وقـت الكـرارْ |
متقـدم فـي مـوضـعٍ | منه الشجاعُ رأى الفِرارْ |
متواضع للنـاس يحنـو | للصـغـار وللكـبـارْ |
متفـرس فيهـم فـلـم | تحجبه غامضة اختبـارْ |
أسدٌ أبـو الأشبـال تيـم | ور ونـادر والضـوارْ |
جبلان بل بحـران بـل | بدران بل كنـزا يسـارْ |
لمـا دعـانـي جئـتـه | أطوي الفدافـد والقفـارْ |
طوراً أخوض لظى الس | رابِ وتارةً لجج البحـارْ |
وافيتُ مَعْقِلـه المطنَّـبَ | بالعـوالـي والشِـفـارْ |
ما السِيب إلا سَيْبُ راحته | وإن كـانـت ديـــارْ |
لمـا تـوقـد عـزمـه | سيـراً تنـادوا بالمثـارْ |
سَارُوا وهم لا يعلمـونَ | القصد منـه أيـن سـارْ |
وتنافسـت فيـه القـرى | كل تحـب بـأن تـزارْ |
ملؤوا الفضـا والخيـل | تَقْدح من سنابكها الشرارْ |
فكأنمـا بـرق تـألـق | فـي الشآبيـب الغـزارْ |
وكأنمـا العَنْـدَم طــمَّ | على الروابي والصحـارْ |
وكأنما قِطَـعُ السحـاب | سَرَت فأَخْضَبَتْ الديـارْ |
وكـأنَّ عِيسَهـم صقـو | رٌ أو سفائِنُ فـي بحـارْ |
وكأنما السلطـان غـي | ثٌ مرَّ صفحاً فاستـدارْ |
حتى أتـى بلـد الفليـج | ضحىً وقد هجر النهـارْ |
وامتدت الأعنـاق مـن | نخل وتاهـت بالفخـارْ |
فأبى زيارتها وأعـرض | لليميـن عـن اليـسـارْ |
فتبركـت بركـا ولكـن | كوكـب الحفـري نـارْ |
فلـرب محتقَـر عــلا | والعزُّ يبـدأ بالصَّغـارْ |
حتى أتى بلد المصنعـة | فاحتوت شرفِ المـزارْ |
ثم استقلّ إلـى السويـق | فَسِيقَـتِ النِعـم الكبـارْ |
كشفت لهُ الخابورة العلياء | أخـبــاراً فـسَــارْ |
حتى لقي صحماً عروساً | فوق صحنٍ من نُضـارْ |
فمضى بموكبه الشريـف | وحلَّ في عُليـا صحـارْ |
فشكت إليـه حـال مـا | تجد الرعايا من ضـرارْ |
وأميرها الوالي سليمـان | الفتـى الحامـي الذمـارْ |
وافـى بموكبـه وقــد | حنّت إليـه لأخـذ ثـارْ |
لم يبق عفريت من البـل | دان إلاَّ مـنـهُ طــارْ |
قد سلَّهُ السُّلطـان سيفـاً | لا يفـلُّ كـذي الفقِـارْ |
وقبائلُ البلـدان جاءتـه | بـــذُلٍّ وانـكـسَـارْ |
ترجُو رضـاهُ وعفـوَهُ | والأمنَ منه مـن بـوارْ |
وَلَـرُبَّ قــوم دَلَّـهـم | للبطش جهـل واغتـرارْ |
أمِنُوا العقوبة فاستخـف | بِهِـمُ هواهـم للخَسـارْ |
فأتوهُ إذ ضاقَ الفسيح به | م وظـنـوا لا فــرارْ |
فكسَاهم العفـو المسكِّـن | إذ أتــوهُ بـاعـتـذارْ |
يا أيهـا الملـكُ الـذي | فضحت مكارمهُ البحـارْ |
عبـدٌ أتــاكَ يـقـودُه | حُسنُ الرَّجا والانتظـارْ |
حاشا جميلُـك أن يَـرد | يدَيَّ عنـكَ باصفـرارْ |
وندى يديكَ همـى وروَّ | ض وانتهى في كـل دارْ |