خليَليَّ هبَّا هذه نسمة الحمى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ّخليَليَّ هبَّا هذه نسمة الحمى | سرت سَحَراً تشفي القلوب من الظما |
تذكرنا الغيدَ الحسَان وما مضى | من العهد والذكرى تشوق المتيما |
تعجلنا نحو الحبيب وإنما | قُصارى الفتى النائي الرجوع إلى الحمى |
مَسَكْنا دموعاً أن تذوب من الهوى | وسرّاً بألفاظ الدموع مترجما |
زمان الصبا أنت الزمان وما عدا | أُويقاتك الغراء ليلٌ تجهّما |
ولي نشوة لم أصحُ منها وإن بدا | بليل شبابي نورٌ شيب فأنجَما |
وإني بحبّ الغانيات لمولَع | ونفسي تأبى أن تنال المحَرّما |
وإني لمصدوع الفؤاد بصدمة | البِعاد وتذكاري زماناً تقدّما |
تميزتُ من بين المحبين بالوَفا | وفزتُ من الأحباب باللّثم للُّمى |
وكلفت نفسي حمل كل شديدة | وذقت أمور الدهر أرياً وعلقما |
أخوض سراب البر نجداً ووهدةً | وأفري سنام البحر أوهدَ أو طمَى |
فيوماً شددنا من صحارٍ وحالنا | عصيراً وغادرنا الشمال ميمّما |
حقائبنا مملؤةُ الشكرِ والثنا | على من علينا بالمواهب أنعما |
ووادي حتى قد قطعنا وكم بدا | لنا من عجيب في عجيب محزما |
وسرنا على ذات اليمين جوانبَ | الشمال وجئنا نبتغي الوصل مغتما |
وهاجرةً من أم جيوين سيرنا | على الرجل براً كاد يقتلنا الظما |
بذلنا نفوساً آيسات من البقا | فأدركها الرحمان من لطفه بما |
مدحنا مسيراً للشمال وقد غدا | إلى أم جيوين المسير مذمّما |
عرفت غطاريف الشمال ورضتهم | وكنت خبيراً بالرجال مُعلّما |
فلم أرَ أسخى في الورى مثل آل بو | سعيد ولا أحنى ولا كان أكرما |
وأحمد فيهم ىل أحمد أنهم | ملوك تجلّوا في سَما الفضلِ أنجما |
كأن العلا والمجد قال لقطبها | فتى أحمد فاصعد فدونَك سُلّما |
إذا ما مشى الشهم الهمام محمد | حسبت هلال الأفق خرَّ من السَّما |
فتى ملأ الأُسد الضواري مهابةً | وأوسع أرجاء البسيطة أنعما |
فما البدر إلا مِن سناه تقسَّما | وما البحر إلا من نداه تعلما |
يمين به أفضلت على الخلق يُمنَها | فعاشوا كانَّ الرزق منها تقسَّما |
وسيف له لو كان دام مجرَّدا | بحق لما أبقى على الأرض مجرِما |
وكفٌّ له لو طاف بالأرض رزقها | لفيض الغنى لم يُبق في الأرض مُعْدِما |
إذا ذكروا أهل الفضائل والنهى | وأهل العُلا والمجد كان المقدما |
وفي الحالتين الحرب والسلم دائماً | تراهُ إذا ما جئته متبسما |
فلم يأته الانسان إلا موفّقاً | ولم يمضِ عنه المرءُ إلا مكرما |
رجعت إليه من بعيد مسلِّماً | وحُقَّ لمثلي أن يكون مسلِّما |
وفاض لنا عند المسير نواله | ونرجوه حقاً للجميل متمما |
فلا زال غيثاً في البرية هامياً | ولا زال ليثاً في الكتيبة مُعْلَما |
ولا برحت دهراً صحار بفضله | مزخرفة حَسناء تعنو لها الدُّمى |
أما إنه للناس لا زال سيّداً | وكل الديار العامرات لها إمَا |
حوائج عن تحصيلها قصَّرت يدي | وبالفضل منه أن تطول وتغنما |
نداهُ غدا بدءاً وخاتمة لنا | ومَنْ أحسنَ الإبداءَ زاد المُختمّا |