-1- |
لأنني أمشي |
أدركني نعشي. |
-2- |
أسيرُ في الدرب التي تُوصلُ اللهَ |
إلى الستائر المُسدلَهْ |
لعلّني أقدر أن أبدلَهْ. |
-3- |
قالَ خَطْوي وَرَدّتْ أبعادي: |
"قد تكون الحياةُ أضيقَ من ثقبٍ صغيرٍ في كومةٍ من رمادِ". |
-4- |
كاللعبِ |
تركض في مفاصلي |
كلّ رياحِ التّعبِ ، |
هل رُوّعتْ من لَهبي |
فالتجأت لريشتي |
واختبأتْ في كتبي ؟ |
-5- |
حولي ، على وجه الضّحى ، صدَأٌ |
يغفو على بابي |
في شكل أظفار وأنيابِ |
أرنو له بغدي وأغسلهُ |
بدمي وأعصابي. |
-6- |
ألموعد المجهولُ في صمت العذابِ |
إبرٌ تخيّط لي إهابي. |
عَمِيتْ دروبي: أين وَجْهُ الأفْق يقرأ لي كتابي؟ |
-7- |
وطني يُغَلْغِلُ في متاهٍ أجردِ |
هذا غدٌ ؟ لا لستُ من هذا الغدِ. |
-8- |
نهر العالم ارتوى |
من سراديب رجسهِ |
أرضه، منذُ كوّنت |
أَطفأتْ شمعة الغدِ ، |
قال عنه تجدّدي: |
"أنا أجري بعكسهِ". |
-9- |
لكي تقول الحقيقَهْ |
غيِّر خطاكَ ، تهيّأْ |
لكي تصيرَ حريقهْ. |
-10- |
كلّ العالم فِيّ جديدُ |
حين أريدُ. |
-11- |
لأنّه روّى من دمِه قولَهْ |
لأنّه أسمى |
من كلّ مَن حولَهْ، |
قالوا له: "أعمى" |
وانتحلوا قولَهْ. |
-12- |
حتى الخطيئهْ ، |
تتلبّس الصُّور المضيئهْ |
وتقول: "حدسيَ مطلقٌ بكرٌ ن وتجربتي بديئه". |
-13- |
يبتكرون الحياةَ بالعددِ |
بواحدٍ جائعٍ بدون يدِ، |
وآخرٍ نصْفهُ من الزّبدِ: |
لا يُبدع الرّملُ أيّ أغْنيةٍ |
ولا تُحسُّ الأشياءُ بالأبَدِ. |
-14- |
يطغى بي الحُلُمُ |
فأضيعُ مِن شَغَفٍ، |
وأكاد بالعَبثِ الفضيّ أرتطمُ. |
-15- |
لا ، لا . أحبّ ، أحبّ أن أثقا: |
وبسطتُ أجنحتي ومنحتُها الأفُقا |
فتناثرت مِزَقا... |
-16- |
بنثرةٍ من الملَلْ ، |
أردم كلّ لحظةٍ |
بُحيرةً من الأمَلْ. |
-17- |
في جانحيّ دليلٌ |
يسير بي للطّريق |
وفي الطّريق رمادٌ |
يخبو ، ووهجُ حريق. |
-18- |
أمسحُ بانتظاري |
عناكبَ الغُبارِ... |
-19- |
بغد غَدٍ أبني |
بيتيَ بالأمسِ |
وأمسِ كالرَمسِ: |
وارحمةَ الشمسِ... |
-20- |
قال لي تاريخيَ الغارِسُ في الرفض جذورَهْ: |
"كلما غبتَ عن العالم أدركتَ حضورَهْ". |
-21- |
ناضلْ حتى يصل الحجَرُ |
للشمس - لِما لا يُنتظَرُ. |
-22- |
في الطّاقة الخَرزيّهْ |
مازال خيطُ بصيصٍ |
من الضحى، وبقيّه. |
-23- |
أصوغ من وساديَ المحجّرِ |
أغنيتي وريشتي ودفتري. |
-24- |
لا، لم يُقطَفْ بعدُ الثّمَرُ |
فهو جنينٌ مُنْتَظَرُ.. |
-25- |
أجدرُ بالحاضرِ لو يُقَلَبُ: |
لو كعبُهُ يحلمُ، أو يكتُبُ.. |
-26- |
قال الربيعُ: |
"حتى أنا في كل ثانيةٍ أضيّعها، أضيعُ". |
-27- |
أنا بيت الضّوء الذي لا يُضاءُ: |
قلقي شعلةٌ على جبل التّيه |
وحبّي منارةٌ خضراءُ. |
-28- |
في عروقي تغفو طواعيةُ الحلم، وتبكي قيثارة الأشياءِ: |
ما على الفجر لو ترسّم خطوي |
ما علي الشمسِ ، لو تسيرُ ورائي ؟ |
-29- |
في بلادي تمشي أماميَ حُفْرَهْ |
صُنِعت من دمٍ وعَسْفٍ ومكرِ، |
في بلادي تُبنى السماء بشَعْرَهْ |
وتُهدُّ الدنيا بلطْمة ظفْرِ. |
-30- |
رَقصت بين جفوني الخائِفَهْ |
جثة الليل وحرْباءُ المدينَهْ، |
فَتقنّعْتُ بعشتار الحزينَهْ |
ورسمتُ العاصِفَهْ. |
-31- |
أمسِ ، فأرَه |
حَفَرتْ في رأسيَ الضائعِ حُفْرَه ؛ |
ربما ترغب أن تَسكن فيهِ |
ربما تطمح أن تملك فيهِ |
كل تِيه |
ربما ترغبُ أن تُصبحَ فكْرَه.. |
-32- |
أَعْطِ للفأرة سوطاً |
تتبختَرْ كالطُّغاةِ ، |
رَحِمُ الفأرةِ مزحومٌ بذئبٍ وبِشاةِ. |
-33- |
شَدّ على لسانِه وكَمّا |
فمات ، بعد برهةٍ ، أصمّا. |
-34- |
بدلّ حتى خطَاه |
بِلألأهْ: |
كيف يصوغُ مَبْدأهْ ؟ |
-35- |
يا وجهَ الممكن ، وجهَ الأفُقِ |
غيَرْ شمسَك ، أو فاحترقِ... |
-36- |
أعمقُ أن أغيبا |
أن أسكنَ الغريبا ، |
لكي أصوغَ شكلَ السؤال، أو أجيبا. |
-37- |
هذا الجيل الطالع بعدي مثلَ هدير الأشياءِ |
هذا الجيل وقفتُ عليه كل غنائي |
لم يُولد بعد، ولكن ها هو ينبض في أعماق الوطن |
ها هو يحرق ثوب العفَنِ. |
ها هو ينقب سدّ الأمسِ، |
بيد الشّمسِ، |
ذاك الجيل الطالع بعدي مثل الماءِ |
مثل هدير الأشياءِ. |
-38- |
قلبت كرسيّ عرشي: |
فحين أزهو وألهو |
أصوغ، في السرّ ، نعشي |
وحين أتعبُ ، أمشي. |
-39- |
تيْبسُ ، تيبسُ أعصابي |
كالقَشِّ ، كفأس الحطّابِ : |
أيّ دخيلٍ تحت إهابي ؟ |
-40- |
لأنّه الأفْقُ صدىً كلُّهُ |
قلبٌ من الآتي وتسبيحُ، |
لا تهرمُ الريحُ. |
-41- |
أرقبُ اللهَ عن كثَبْ |
بَصري نورُ شمععة |
وحنايايَ من لهَبْ: |
وحدَهُ ، يفهم التَعَبْ. |
-42- |
لا أنحني |
إلا لأحضن موطني |
أنا صدرُ أمّ مرضعٍ تحنو ، وجبهةُ مؤمنِ. |
-43- |
من يرى الموتَ مِثلَهُ والحياةَ ، |
يكتب الليلَ والنهار يعينيه |
وتمحو أوراقهُ الممْحاةَ. |
-44- |
لأنّه يحيا صدىً وأشتاتا ، |
إحساسُه ماتا. |
-45- |
هذا العالم ، منذُ ابتدأَ |
لم يطفئْ حتى .. حتى الظَمأَ .. |
-46- |
يتّكئْ السجنُ على قَملتينْ: |
إحداهما حُبلى ، وتلك التي |
ماتت ، تصبّ الأكل في قَصْعتينْ. |
-47- |
يا شمعةَ المستقبل البصيرَهْ ، |
مالي أخاف الطّرُقَ القصيرَهْ ؟ |
-48- |
أحسّ المغيّب ينبت قربي: |
خطايَ اكتشافٌ |
وسيريَ أبعدُ من كل دربِ . |
-49- |
قال الغد الحائرْ: |
"إن طفر اللحنُ |
من شفتيْ طائِرْ ، |
لا يطربُ الغصنُ". |
-50- |
هذا العالمُ: من يبنيهِ |
يرميه أكثرَ في التّيهِ. |
-51- |
رأسه تحت وجهه |
والعصافير فوق رأسهِ |
تتلهّى بيأسِه ، |
والليالي تخثّرت |
عَلَقاً مِلْءَ نفسِه. |
خلف عينيه قصّةٌ |
لم تُترجم حروفها |
جذعها الشكّ والحذرْ |
والمآسي قطوفها. |
عمره شقُّ حفرةٍ |
وسراديبُ تُبتكَرْ |
هو دنيا طويلةٌ |
برغيفين تُختَصرْ. |
غده خلف أمهِ |
وحانياه للتهرّؤِ والقي مشتلُ ، |
كادت الأرض تجفلُ |
حين همّت بلمسِه. |
... |
زمن الشمس في خطاه جليدٌ محجّرُ |
والثواني تفسّخت عبثاً لا يُفسّرُ |
في ينابيع حدسهِ. |
... |
قلبه خيط سنبلٍ |
واختلاجاته قصبْ |
رُبّ جفنين من حطبْ |
رفْرفا عبر هجِه: |
لا تقل مات يأسهُ |
نبضه سرّ يأسِه. |
-52- |
بعد الموتِ، |
لا صوتَ يجسِّدُ لي صوتي. |
-53- |
أتفهمني وأنا كالحياة عميقٌ بعيدُ؟ |
وكيف تحقّقتَ أني أحبّ وأني أريدُ |
وفي رغبتي للرّياح مقرٌّ وقطبُ |
وفوق لساني حديدُ؟ |
أتفهمني؟ لون عينيّ شمسٌ |
ولونُ خطايَ جليدُ. |
-54- |
أَطعمِ الأيام زندَكْ، |
تكبرِ الأشياء بعدَك. |
-55- |
أعمق ما يفسّر الأرضا |
حشرجةُ المرضى. |
-56- |
أجيءُ مع الناس للكونِ حلماً |
وأذهبُ حُلما |
وحسبي ، أضيفُ لهذا الوجودِ |
صباحاً ، ورفّةَ جَنْحين ، واسْما . |
-57- |
هُوذا ، يرفض أن يرقى |
إلا حرْقا ، |
فيه نارٌ لا تخبو |
فيه القلبٌ. |
-58- |
نوافذُ من الدموع هاجرتْ |
وجبلٌ من الزّنودِ غائِرٌ |
يرصدُه الهواءُ والصَنوبرُ الحزينُ ، كلّ لحظةٍ. |
وتينةٌ عتيقةٌ |
جفونها من البكاء التصقت بساقِها |
والصّمتُ سنَّ إبرَ النسيجِ: |
خاطَ جَرساً من الحُفَرْ. |
خُيِّلَ لي كأنني |
أسمعُ لغوَ طفلةٍ تسمّرت على السرير كفُّها |
وعَلِقت جفونُها بخاطرٍ تحسبه فراشةً |
أو كرةً أو لعبةً لم تلمح السماءُ مثل لونها. |
خُسِّل لي كأنني في سهَرٍ وفي سَمَرْ |
أجلس مع سيدةٍ تظنني حفيدها |
تأسرنا بالقصص الغريبِ كلّ ليلةٍ: |
"جنّيةُ المياه في غلالةٍ من الدّجى |
تبدو لنا شرارةً أو شبحاً |
تحبّنا ، تأخذنا لأرضها، |
تُلبسنا ثيابَها الريحيّة ، الخفيّة الخيوطِ . |
وحارسُ القطيع في تلالِه |
تقتله الذئابُ أو يقتلُها. |
والفارس الجميلُ في هجومه |
يقضي على غريمه بلفتةٍ |
ويخطفُ الحبيبةَ الحلوة من خِبائها". |
... |
خُيّل لي كأنني |
أُمسِكُ شعرَ الزمن المسافر الذي عَبَر |
أجدله أُعيده نوافذاً |
وطفلةً صغيرةً وجدّةً |
وأستعيدُ ما غَبَرْ. |
-59- |
عِشْ ألَقاً وابتكر قصيدةً وامضِ: |
زدْ سَعة الأرضِ. |