أَطفىء ضياكَ وَأَظلِم مِثلَ إِظلامي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَطفىء ضياكَ وَأَظلِم مِثلَ إِظلامي | وَخلِّني في كَوابيسي وَأَحلامي |
فَرُبَّ نيِّرَةٍ يا لَيلُ توقِظُني | إِلى العَفافِ فَأَنسى عِبءَ آثامي |
أَحسُ في جَسَدي شَوقاً يُعَذِّبُني | فَفي دَمي سورَة كَالخَمرِ في جامي |
لَم يَبقَ في حِفنَتي نارٌ لِغَير هَوىً | يودي بِجِسمي كَما أودى بِأَجسامِ |
حُبّي النَقِيُّ كَإيماني القَديمِ مَضى | وَهمٌ هَذيتُ بهِ من بَعضِ أَوهامي |
أَترى الغُصنَ مُذ يَمُرُّ عَلَيهِ | |
عاصِفُ الريحِ كَيفَ تذوي زُهورُه | |
هكَذا القَلبُ حينَ تَلبِسُه | |
الآثامُ يَقسو وَقَد يَجِفُّ شُعورُه | |
يا حَسرَة اللَيلِ كَم توحينَ من حُلُم | ميتٍ لِقَلبٍ بَغيٍّ أُختِ آلامِ |
أَو قَلب أَرمَلَة جار الزَمانُ عَلى | عَفافِها فَأَماتَت قَلبَها الظامي |
مَهما يَكُن سَبب اِستِسلامِها أَهَوىً | في النَفسِ أَم كانَ إِنقاذاً لِأَيتامِ |
فَلتَقضِ شَهوَتِها حَتّى يُهَدِّمها | ما كانَ في صَدرِها مِن عُهرِها الدامي |
وَتُنجزَ الشَهوَةُ الحَمراءِ دورَتَها | فَيمحي رَحمٌ مِن بَينِ أَرحامِ |
أَميرَةَ الشَهوَةِ الحَمراءِ إِنَّ دَمي | مِن نَسلِكِ الهادِم المَهدومِ فَاِحتَرِمي |
خُلِقتِ تَحتَرفينَ المَوتَ فَاِقتَرِبي | مِنّي فَإِنّي اِحتَرَفتُ المَوتَ مِن قِدَمِ |
حَملتُ منجلَه في العَهر مُنتَقِماً | مِن النِساءِ فَهاتيهِ لِتَنتَقِمي |
هاتي مِن العُهرِ أَشكالاً مُلَوَّنَةً | نمهر بِها بَعضنا بَعضاً وَنَنهَدمِ |
لَقَد تَعِبتُ مِن الأَحلامِ في جَسد | ملَّ العَفافَ بِأَلوانٍ مِنَ الأَلَمِ |
وَلِنُعاطِ الهَوى لَعَلَّ عَصيراً | |
مِن ثِمارِ الشَفاهِ وَالأَكبادِ | |
أَو لَعَلَّ الآثامَ تشرَبُ مِنّا | |
ما تَبَقّى مِن طهرِ ماءِ العمادِ | |
إِنّا أَتَّحَدنا لِيَومٍ واحِدٍ وَغَداً | يَأتي فَيخلفني قَومٌ بِحُبِّهِمِ |
سَيَعشَقونَكِ يَوماً يَغنَمونَ بِهِ | ما غادَرت مِنكِ ساعاتي لِلَيلِهِمِ |
وَسَوفَ تَنسينَ يا أَخت الدما فَمهم | كَما نَسيتِ عَلى رُغمِ الدِماء فَمي |
عُشرونَ قَلباً شَرِبتِ الحُبَّ مِن دَمِها | وَما شَبِعتِ وَلَم يُشبِعكِ شُربُ دمي |
إِذن فَسَوفَ تَظل النَفس جائِعَة | حَتّى يَجِف دَمٌ في غِلفِها النَهمِ |
سَتَرجِعينَ وَلكِن مِثلَ آمالي | جَوفاءَ مَشلولَةً في جِسمِكِ البالي |
سَتَرجعينَ مدمّاةً مُشَوَّهَةً | أَدنى إِلى المَوت مِنّي رُغم أَثقالي |
سَترجِعينَ وَلا أقصيكِ عَن جَسَدي | حَتّى تَحلَّ اللَيالي الحُمر أَوصالي |
حَتّى يحلَّ وَباءُ الخُلد في كَبدي | وَيَعلقَ العارُ مِن بعدي بِأَذيالي |
غَيرَ أَنّي وَلي يَراعٌ مدمّى | |
سَوفَ يَنقى ذِكري وَتَنقى دِمائي | |
سَتَقولُ الأَجيالُ كانَ شَقِيّاً | |
فَليقدَّس فيجملَة الأَشقِياءِ | |
وَيَرفَعُ الحُبُّ لي في كُلِّ زاوِيَة | مِن القُلوبِ ضَريحاً خالِداً عالي |
أَما الشَبابُ فَفي أَقصى سُلالَته | لَن يَنتَسي كَيفَ كانَت في الهَوى حالي |
سَيَنظُرُ الغَد في أَمسي وَيَغفِرُه | لِأَنَّ قَلبي كَنفسي غَير مُحتالِ |
وَكُلَّما ذَكَر اِسمي مَرَّ في فَمِه | ذِكرُ الَّتي صَقَلَت لِلمَوت أَغلالي |
ذكرُ الَّتي اِختَصَرَت عُمري بِشَهوَتِها | وَخَلَّدَت عُهرَها الدامي لِأَجيالي |
أَجل سَتُذَكِّرُكِ الأَعقابُ وَالحقبُ ما دا | مَ في الأَرضِ مِن صُلب الزِنى عَقبُ |
لا مِثلَم اذكر الإِفرَنج لورهمُ | وَلا كَما ذَكرت عَفراءُها العربُ |
بَل مِثلَما ذَكَرت روما قَبائِحَها | في مُقلَتي مسلّينا وَهيَ تَضطَرِبُ |
هذا هوَ اللَيلُ فَاِسقي هاتِفَة | لَعَلَّ في الناسِ قَوماً بَعدُ ما شَرِبوا |
وَسَرِّحي يَدك الصَفراءَ فَوقَ هَوى | يَسيلُ في محجريهِ الجهد وَالتَعَبُ |
وَلتَكُن هذِهِ الإِشارَة رَمزاً | |
لِاِصفِرارٍ عَلى المَلَذّات مرّا | |
لَوِّنيها بِالاِصفِرارِ إِلى أَن | |
يَختامَ المَوتُ نَزعَها المُستَمِرّا | |
أَطفىء ضياكَ فَإِن النورَ يُذكرني | أَمسي وَتقلق روحي هذِهِ الشُهبُ |
قَد يوقِظ النورُ أَعياداً مُقَدَّسَة | تَشعُّ مِن خَلَل الماضي وَتَلتَهِبُ |
أَطفَئهُ يا لَيلُ وَاِغمرني بِحالِكَةٍ | مِنَ الظَلامِ فَأَنسى حينَ أَحتَجِبُ |
أَشقى بِلِذَّتي الحَمراءِ في جَسَدي | وَأَمّحي لا هَوى يَبقى وَلا وَصبُ |
خَرَّبتُ قَلبي وَأَطعَمتُ الوُحوشَ دَمي | في كُلِّ مَخلَبِ وَحشٍ مِنهُما خِربُ |