حَرَمُ الجَمالِ عَلى سَريرِكِ يَحلُمُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حَرَمُ الجَمالِ عَلى سَريرِكِ يَحلُمُ | وَعَلَيكِ مِن سورِ الهَوى مُتَرَدَّمُ |
وَالشَمسُ تِبرٌ في أَديمِكِ كُلَّما | شَبَّ النَهارُ نَما وَأَينَعَ مَوسِمُ |
لُبنانُ يا ريفَ السَماءِ وَثَغرَها | في كُلِّ شِبرٍ مِن تُرابِكَ مُلهَمُ |
ما أَنتَ بِالبَلَدِ اليَتيمِ وَإِنَّما | في كُلِّ عَينٍ لا تَراكَ تَيَتُّمُ |
لَكَ في الفُضولِ عَلى الطَبيعَةِ ذِمَّةٌ | وَعَلى الجَمالِ مُؤَخَّرٌ وَمُقَدَّمُ |
فَمنَ الشِتاءِ أَبٌ يَدِبُّ بِصُلبِهِ | جَيشٌ مِنَ الخَضَرِ الجَنِيِّ عَرَمرَمُ |
وَمِنَ الرَبيعِ أَجِنَّةٌ لَم يَختَمِر | في مِثلِها نورٌ وَلَم يَطهَر دَمُ |
وَلَكَ الشَبابُ كَريمَةٌ أَغصانُهُ | في الصَيفِ تَرتَزِقُ الجِنانُ وَتولَمُ |
وَإِذا الخَريفُ تَكَمَّشَت أَعراقُهُ | أَجرى الفُتوَّةُ فيكَ حَتّى المَأتَمُ |
لَكَ مِن شَبابِكَ أُسرَةٌ مَيمونَةٌ | فَأَبٌ يَفيضُ نَدىً وَأُمٌّ تَراَمُ |
ما اليُتمُ أَن تُشقيكَ أُمٌّ أَو أَبٌ | اليُتمُ أَن تُزريكَ عَينٌ أَو فَمُ |
إِنَّ اليَتيمَ مَنِ اِمَّحى وجدانُهُ | هُوَ مَن يَسوقُ الظُلمَ لا مَن يُظلَمُ |
هُوَ حاكِمٌ يَشقى اليَتيمُ بِعَهدِهِ | جَوراً وَمِن خُبزِ اليَتامى يُطعَمُ |
الخَزُّ يُنكَرُ إِن أَتى بِنَصيحَةٍ | وَالعَنكَبوتُ إِذا تَثَعلَبَ يُكرَمُ |
يُعطيكَ مِن طَرَفِ اللِسانِ حَلاوَةً | وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الأَرقَمُ |
كُلُّ اِمرىءٍ شَطرانِ في سُلطانِهِ | رَأسٌ لَهُ يُحنى وَقَلبٌ يُشتَمُ |
في كُلِّ مَأدُبَةٍ يَسيلُ لُعابُهُ | كَالهِرِّ يُؤمَنُ شَرُّهُ إِذ يُلقَمُ |
عَسَلُ الزَبيبِ يَسيلُ مِن أَحداقِهِ | وَعَلى سَريرَتِهِ يَجِفُّ الحِصرِمُ |
يَخشى لِضَعفِ يَقينِهِ هَمسَ الصَدى | وَيَرى الشفاهَ كَأَنَّها تَتَهَكَّمُ |
وَلَهُ مِنَ الأَبوابِ أَنظارٌ تَرى | وَمِنَ السُقوفِ مَسامِعٌ تَتَفَهَّمُ |
يا حاكِماً في أَيِّ يَومٍ تَستَحي | أَوَلَستَ تَدري كَيفَ أَنتَ وَتَعلَمُ |
هُوَ مُرشِدٌ خُبزُ السَماءِ طَعامُهُ | يُصغي إِلى أَسرارِها فَيُتَرجِمُ |
سُوَرُ التَقى تُتلى عَلى فَمِهِ وَفي | وِجدانِهِ الهاري تَفُحُّ جَهَنَّمُ |
الدينُ حانوتٌ يَبيعُ بِهِ الرَجا | وَاللَهُ نَهبٌ في حِماهُ مُقَسَّمُ |
وَلَهُ كَلامٌ في السِياسَةِ فاصِلٌ | خَطَأُ الشَرائِعِ أَن يُعابَ فَتُرجَمُ |
أَأَبا اليَتامى وَالحَياةُ قَصيرَةٌ | ماذا يُعَلِّمُكَ اليَتيمُ الأَعظَمُ |
لَكَ في الجَحيمِ مَتى تَهِمُّ إِلى السَما | في كُلِّ إِسطَبلٍ يُحَمحِمُ مِرجَمُ |
هُوَ عاشِقٌ لَم يَدرِ شِيَمُ الهَوى | فَإِذا أَحَسَّ فَعِرقُهُ المُتَأَثِّمُ |
روحٌ مُهَرَّأَةٌ وَلَحمٌ جائِعٌ | وَفَمٌ يَنِمُّ وَمُقلَةٌ تَتَضَرَّمُ |
ما بَينَ غَدرَتِهِ وَبَينَ يَمينِهِ | إِلّا تَسَلُّفُ حاجَةٍ تَتَكَتَّمُ |
فَحَذارِ مِن جُرحِ الهَوى فَجِراحُهُ | يَبقى الأَذى فيها وَيَفنى المَرهَمُ |
تَاللَهِ عَصرُكَ يا جَميلُ فَعَصرُنا | فيهِ رُقِيٌّ لِلهَوى وَتَقَدُّمُ |
الفاجِرُ الزَنديقُ فَحلٌ راشِدٌ | وَالعاشِقُ العُذرِيُّ أَبلَهُ مُسقَمُ |
يا بُثنُ كَم يَحلو زَمانُكِ حينَما | تَصفو لَنا لَيلى وَتَغدُرُ مَريَمُ |
ماذا عَسى الواشونَ أَن يَتَحَدَّثوا | إِلّا يَقولوا إِنَّهُ بِكِ مُغرَمُ |
هُوَ تاجِرٌ أَدنى وَأَبخَسُ سِلعَةٍ | وِجدانُهُ يُعطيهِ لا يَتَلَعثَمُ |
حَجَرٌ تَحَجَّرَتِ العُيونُ بِعَينِهِ | فَالناسُ نَقدٌ وَالمَصائِبُ أَسهُمُ |
حَتّى دُموعُ البائِسينَ شَهِيَّةٌ | في قَلبِهِ إِن كانَ فيها مَغنَمُ |
يا تاجِراً تَعلو بِهِ أَسعارُهُ | مِقدارَ ما يَدنى الضَميرُ المُجرِمُ |
سَتَذوبُ في الدُنيا كَأَنَّكَ تَركَةٌ | بِيَدِ المُبَذِّرِ أَو كَأَنَّكَ دِرهَمُ |
هُوَ شاعِرٌ إِن لَم يَذُق أَلَمَ الهَوى | يَكفيكَ مِنهُ أَحرُفٌ تَتَأَلَّمُ |
ما الشِعرُ إِلّا حِليَةٌ بَرّاقَةٌ | خَزَفٌ يَغُرُّكَ أَو زُجاجٌ يوهِمُ |
صُوَرُ الحَياةِ كَثيرَةٌ أَلوانُها | وَأَحَبُّها ما قَد حَواهُ المُعجَمُ |
إِنَّ اليَتامى مَن يَمُجُّهُمُ الوَرى | لَيسَ اليَتامى مَن يَضُمُّ المَيتَمُ |