أرشيف الشعر العربي

هذِهِ القَصَّةُ لا شَأنَ لَها

هذِهِ القَصَّةُ لا شَأنَ لَها

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .
هذِهِ القَصَّةُ لا شَأنَ لَها بِأَقاصيص عَجوز خَطِلِ
فَهيَ نُطقٌ سَمِعتهُ أُذني وَبَيانٌ أَبصَرَتهُ مُقلَي
فَأَنا في سَردِها أَصدقُ إِذ إِنَّها قَد حَدَثَت في مَنزِلي
فَاِسمَعوها وَاِفقَهوا جَوهَرِها وَخُذوا مَوعِظَةً مِمّا يَلي
قُمتُ في ذاتِ ضحىً من مَضجَعي وَبناتُ الشِعرَ قَد قامَت مَعي
وَتَوَجَّهتُ كَأَمسي يائِساً أَنزَوي مُنفَرِداً في مَخدَعي
مُخدعٌ كَالقَفص الضَيِّقِ قَد سَكَنَت فيهِ عَذارى أَدمُعي
كُلَّ عَذراءَ عَلى قَيثارِها هَجَعَت وَالشعرُ بَينَ المُقلِ
فَسمعتُ الطَيرَ في مَجثَمِهِ مُنشِداً يَستَقبِلُ الفَجرَ الجَديدا
وَرَأَيتُ الفَجرَ سَكرانَ هَوىً يَردُ الطهرَ وَلا يسقي الوُجودا
وَعلى قيثار فينوس شَدَت ربةُ الحِكمَةِ ميزفا النَشيدا
إِنَّ لِلفَجرِ غَراماً طاهِراً ما دَرى مَعناهُ غَيرُ البُلبُلِ
طَلَعَ الصُبحُ رُوَيداً وَأَنا أَسكُبُ الأَشعارَ مِن قارورَتي
مُطلِقاً زَفرَةَ صَدري بِأَسى فَأَثيرُ الروحَ في نرجيلَتي
وَأَرى دَخنَتَها ثائِرَةً تَتَلاشى في زَوايا غُرفَتي
كُلَّما أَطلَقتُ فيها زَفرَةً هَمَسَت في الصُبحِ حَتّى يَنجَلي
وَإِذا صَوتٌ تَعالى مُلحِناً مِن بَعيدٍ مِثل أَوتارِ النَغَم
صادَمتَهُ نَسماتٌ في الصَبا فَأَتى كَالهَمسِ في أُذنِ النسم
عِندَ ذا أَطلَلتُ من نافِذَتي تارِكاً قِرطاسَ شِعري وَالقَلَم
فَإِذا بصارَةٌ برّاجةٌ تَكشِفُ البَختَ بِقَولٍ مُنزلِ
ما تَرددتُ بِأَن نادَيتُها وَعَلى ثَغري خَيالُ البَسمات
فَأَتَت وَالوَشمُ في مرشفِها طُرقاتٌ لمرورِ المُعجِزات
قُلتُ يا عرّافَتي هل أَنتِ مَن قَرَأَت في الغَيبِ أَسرارَ الحَياةِ
أَطلِعيني عَن مَآتي وَطَني وَعن الحالَةِ في المُستَقبَلِ
فَأَجابَت بَعد أَن مَدَّت يَداً لاِستِلامِ الغَرشِ من كَفّي نَصيب
وَرَمَت في حُجرَتي أَبواقِها فَتَعالى نَغَمٌ مِنها غَريبُ
ضَع عَلى الأَبواقِ يُمناكَ وَقل إِنَّني آمَنتُ بِاللَهِ المُجيب
ثُمَّ قالَت لي كَلاماً صائِباً فَاِسمَعوا يا قَومُ ما قالَتهُ لي
إِنَّ لُبنانَ ضَعيفٌ رزاحٌ تَحت أَثقالِ ظَلامٍ أَسودِ
لَعبَت فِتيانُهُ فيهِ دداً ما اَرادَت مهنَةً غيرَ الدَدِ
هَجَعَت سكرى بِأَحلامِ الصِبا هَل دَرَت ماذا تَوارى في الغَدِ
إِنَّ شَعباً كَثُرت أَحلامُهُ لَهو شَعبٌ ضائِعٌ في الدُوَلِ
لبِلادِ الأَرزِ أَبناءٌ نَأَت فَهيَ تَشقى في زَوايا المَهجرِ
وَلها قَلبٌ إِذا ما ذُكر ال وَطنُ اِهتَزَّ اِهتِزازَ الشَجرِ
سَعدُ لُبنانَ كَبيرٌ إِنَّما بِسِوى أَبنائِهِ لَم يكبُرِ
وَله بُرجٌ علا مُرتَفِعاً مِن قَديمٍ وَغداً لا يُعتَلى
عِندَما الغُؤّابُ تَعتادُ الحمى لِتَرى مُستَقبَلاً في الوَطَنِ
عِندَما الأَمواهُ تُمسي مُسكِراً جارِياتٍ من أَعالي القُننِ
عِندَما المَهجِرُ يُمسي خالِياً من رِجالٍ نَشَأَت في الدِمَنِ
بَشَّروا لُبنانَ بِالعودِ إلى زَمنٍ مِثل الزَمانِ الأَوَّلِ
عِندَما البَغضاءُ تُمسي مهجاً تَنسلُ الحُبُّ وَتَأوي الرجلا
عِندَما الأَرماحُ تُمسي سككاً وَفرند السيفِ يُمسي منجلا
عِندَما الحاكِمُ في عِزَّتِهِ يُنجِد الفَلّاح حَتّى يَعمَلا
بَشَّروا لُبنانَ بِالعِزِّ فَما وَطنٌ عَزَّ بِغَيرِ العَملِ
كُنتُ أُصغي وَفُؤادي نابِضٌ وَعُيوني شاخِصاتٌ في السَحاب
ناظِراً في عالَمِ الماضي إِلى مَجد قَومي المُتَلاشي كَالضَباب
إِنَّ زَيتَ المَجدِ تشعلُهُ زَفَراتٌ اليَاسِ من صَدرِ الشَباب
فَالتَآخي وَالقُوى تَضرُمُه هَل مُؤاخاة بِهذا الجَبلِ
عِندَ هذا نَهَضَت عَرّافَتي بَعد ما قَد جَمَعت أَبواقها
وَمَضَت تَسرع بِالمشي وَقد وَهَبت من سحرها أَحداقها
وَلَدُن قَد خَرجَت مِن مَنزِلي وَمَضَت ناشِدَةً عشاقَها
صَرخت بصارَةٌ براجةٌ تَكشِفُ البَختَ بقَولٍ مُنزَلِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الياس أبو شبكة) .

عَلى ذَروَةٍ بَينَ أَطلالِ صُور

كُلُّ ما حَولَنا جَميلُ

بَلَدٌ في مَجاهِلِ الأَبعادِ

أَلا تبصرُ الأَغصانَ بلَّلها القطرُ

الصَيفُ يا لَيلُ طار


مشكاة أسفل ١