كَعابٌ أَتَت في الحُسنِ فَخرَ الكَواعِبِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كَعابٌ أَتَت في الحُسنِ فَخرَ الكَواعِبِ | لبانَتُها نيطَت بِحَدِّ القَواضبِ |
لَها كَوكَبٌ في كُلِّ عينٍ منوِّرٌ | يُفاخِرُ بِالأَنوارِ كلّ الكَواكِبِ |
لِماذا وَلم تَطلب سِوى الحَقِّ رائِداً | تحفُّ بِها الأَضدادُ من كُلّ جانِبِ |
رَغِبتُ إِلى الأَقوامِ أَن يَحتفوا بِها | فَلَم تَنزلِ الأَقوامَ عِندَ رَغائِبي |
إِذا اِبتَسَمت فَاللُؤلُؤُ الصِرفُ ثغرها | وَإِمّا بَكَت فَالماسُ تَحتَ الحَواجِبِ |
وَفي طرف الأَجفانِ سُلَّت مَضارِبٌ | تَقوم عَلى أَحداقِها كَالمَضارِب |
لَقَد وَصمتها زمرَة الجَهل بِالريا | وَأَلوَت عَلى أَفعالها بِالمَثالِبِ |
وَما زُمرَةُ الجَهّالِ إِلا غَياهبٌ | سَيخرقُ نورُ الفَجرِ لَيلَ الغَياهِبِ |
بصرتُ بِها وَالدَمعُ فَوق خدودِها | وَما دَمعُها إِلا رموزُ المَصائِبِ |
وَقد حَمَلت من شِدَّة الحزن رَأسها | وَأَلقَت سوادَ الثَغرِ فوقَ التَرائِبِ |
فَقُلتُ لها خلّي الهُمومَ فَإِنَّها | لناحيَة المَغلوبِ لا لِلغَوالِب |
فَلَيسَ نَصيرُ الظُلم إلا معاقِباً | سَيَلقى من الأَيّام شرّ العَواقِبِ |
أَلَستِ اِبنَةَ البستيل يَوم خربَتِهِ | وَشيّدتِ برجَ العَدلِ فَوقَ الخَرائِبِ |
وَحَكَّمتِ سَيفَ الحَقِّ في عُنقِ الريا | فَسالَت دِماءُ الجورِ من كُلِّ خائِبِ |
أَما أَنتِ من رَاس الوُجودِ دماغه | تَجيئينَ أَبناءَ الوَرى بِالعَجائِبِ |
جَعَلتِ دِياناتِ الشُعوبِ شَقائِقاً | وَآخَيتِ في الأَكوانِ كلّ المَذاهِبِ |
دُموعِك من جفنِ اللُيوثِ مذابَةٌ | فَلا تَذرِفيها مورداً لِلثَعالِبِ |
وَكوني عَلى رُغمِ النَوائِبِ لبوةً | تَسيرُ معَ الأَشبالِ فَوقَ النَوائِبِ |
وَأَعطي دُروساً لِلشُّعوبِ شَريفَةً | تُعَلِّمهُم كَيفَ اِرتِقاء المَناصِبِ |
وَأَنَّ حقوقَ الإِجتِماعِ خَليقَة | بِأَهلِيَّةٍ في الشَخصِ لا بِمَآرِبِ |
لَقَد أَخرَسوا في مرشَفيكِ حَقيقَةً | مُهَدَّدَةً بِالوَيلِ من كُلِّ غاضِبِ |
فَلا تَخذلي يا أَخت كلَّ فَضيلَةٍ | فَلَيسَ حُسامُ المُستَبدِّ بِقاضِبِ |
لَدَيكِ من الجُندِ العِظامِ كتائِبٌ | فَسَيري عَلى جِسر الوَلا بِالكَتائِبِ |
عَشَقتُكِ طِفلاً يَوم كُنتِ نَسائِماً | تَهزّينَ مَهدي كَالغَلامِ المداعِبِ |
وَقَبَّلتُ مِنكِ الثَغرَ مُذ كُنتِ زَهرَةً | تَقطّرك الأَنداءُ عِندَ المَغارِبِ |
عَشِقتُكِ بَدراً في السَماءِ منوِراً | يُطِلُّ عَلى الدُنيا كَعَينِ مراقِبِ |
فَينظرُ أَبناءَ الوُجودِ محاطَةً | بِأَسدالِ إِظلامٍ كَأَثوابِ راهِبِ |
عَشقتُكِ دونَ البَعضِ روحاً تَمَرَّدت | عَلى كُلِّ غَدّارٍ محابٍ وَكاذِبِ |
لَقَد حَطَمَت دونَ الجَميعِ قُيودِها | وَسارَت بِأَبطالٍ لَها في المَواكِب |
عَشقتُكِ دوماً أُمَّةً مُستَقلةً | وَلا شَأنَ في اِستِقلالِها لِلأَجانِب |
عَشِقتُكِ فَوقَ الكلِّ شاعِرَةً لَها | مَواهِبُ تَسمو فَوقَ كلِّ المَواهِبِ |
كَتبتِ عَلى لوحِ الوُجودِ بِريشَةٍ | لَها مَهبَطُ الإِلهامِ أَكبَرُ كاتِبِ |
أَلا حرَّروا هذا الوَرى من عُبودَةٍ | هيَ الذِئبُ كم غالَ الوَرى بِالمَخالِبِ |