بيني وبينك يا ظلوم الموقف
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بيني وبينَك يا ظلومُ الموقفُ | والحاكمُ العدل الجواد المنصفُ |
فلقد خشيتُ بأن أموت بغصَّتي | أسفاً عليك وأنت لا تتعطَّفُ |
لي مهجة تبكي وطرف ساهر | وجوارح تضنَى وقلب مدنفُ |
أسفٌ يدوم وحسرة ما تنقضي | وجوىً يزيد وكُربةٌ ما تُكشَفُ |
وكأنَّ لي في كلِّ عضوٍ واحدٍ | قلباً يحنُّ وناظراً ما يطرفُ |
أشكوكَ أم أشكو إليك فإنني | في ذا وذا متحيِّرٌ متوقِّفُ |
أخشاك بل أخشى عليك فتارةً | أرجو رضاك وتارةً أتخوَّفُ |
أتلفتُ روحي في الهوى فإلى متى | تلهو وتترك مَن يحبُّك يَتلفُ |
لا مت أو تُبلى بمثل بليَّتي | فعسى تَذوق كما تُذِيق فتنصفُ |
لا تنكرنَّ تأسفي إن فاتني | روحُ الحياة فكيف لا أتأسفُ |
لو أنَّ لقمان الحكيم رأى الذي | أبصرتُ منك رأيتَه يتلهَّفُ |
شوقاً إلى من لو تجلَّى وجهُهُ | للبدر كادَ من التحيُّر يُكسَف |
بل لو رأى يعقوبُ حُسنَ محمدٍ | ما كان يحزن إذ تغيَّب يوسفُ |
طاووس حُسنٍ بل أتمُّ محاسناً | صنم الملاحة بل أجلُّ وألطفُ |
بشمائلٍ أغصانُها تتعطَّفُ | وروادفٍ أردافُها تتردَّفُ |
* * * | |
تتصلَّف الأرضُ التي هو فوقها | زهواً به وتراه لا يتصلَّفُ |
وكأنَّه في سَرحِهِ ضرغامُهُ | صاف الى مُهَج الورى يتصرَّفُ |
متفرِّد في لونه فكأنَّه | ماءٌ زلالٌ فيه خمرٌ قَرقَفُ |
وكأنَّه في سَرحِهِ ضرغامُهُ | صاف الى مُهَج الورى يتصرَّفُ |
ما ضرَّه أن لا يكون مقلَّداً | سيفاً ففي عينيه سيفٌ مرهفُ |
وكأنَّ قوس الحاجبين مقوّساً | سَهمٌ فويلٌ للذي يستهدفُ |
قد صُبَّ في قُرمُوصِه بلياقةٍ | صَبّاً ففيه تمكُّنٌ وتخفُّفُ |
إنّي لأحسدُ باشِقاً في كفِّه | أتراه يدري أيّ كفٍّ يألفُ |
إن كان باشقُهُ يحلِّق طائراً | فمحمدٌ لقلوبنا يتخطَّفُ |
مولاي لو وصفَتكَ أفواهُ الورى | طُرّاً لكنتَ تجلُّ عَمّا تُوصَفُ |
قد ساعَفَتك محاسنٌ قد حيَّرت | فيك العقولَ وأنت لا تتسعف |
سل ورد خدِّك أي حُسنٍ غرسُهُ | إنّا نراه يعود ساعةَ يُقطَف |
لو لم تضاعف لي عذابي في الهوى | ما راح نرجُس ناظريك يضعِّفُ |
علمت لواحظُك الضِّعاف تجلُّدي | ومن العجائب غالبٌ مستضعَفُ |
لو لم تُرِد قلبي بغير جنايةٍ | ما كنت تنكر في الهوى ما تعرفُ |
فرأيتَ في النَّوم الذي أنكرتَه | في يقظةٍ من هاتفٍ بك يهتفُ |
فتألَّفَت أرواحُنا عند الكرى | إذ كانت الأجسامُ لا تتألَّفُ |
فأتَتك روحي حين ذاك بقولها | بيني وبينك يا ظلومُ الموقفُ |