أرشيف المقالات

انتبه للأساليب الحلزونية الملفوفة !!!!!

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
لا ريب أن المجتمع البشري مع الأسف ترفرفه أمواج إلحاد وعواصف تبشير وموجات تكفير، ويفتح أمامه سبلا جائرة، حائدة عن الحق المبين دعاةُ الشر والفساد.
فمن حائر به يحتاج إلى بيان، ومن غافل يحتاج إلى تنبيه، ومن جاهل يحتاج إلى تعليم، ومن معاند يحتاج إلى المجادلة
بالتي هي أحسن وإن أفضل وسيلة لإنقاذ هذه البشرية، هي الدعوة إلى الله على بصيرة، 
{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} [سورة فصلت 33].

دعوة يزينها عمل صالح وقول صادق ونية حسنة وبيان للحق مهما كانت الظروف{الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا} [سورة الأحزاب 39].

وروى البخاري وغيره من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه «والله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم».

والدعوة إلى الله ليست مقصورة على الكلمات الرنانة في المجتمعات والمحاضرات وعلى المنابر، بل هي علاوة على ذلك، تربية وتعليم واخلاق ومعاملات، يروى أن أحد السلف قال لتلاميذه: ادعو الناس إلى الله وأنتم صامتون قالوا وكيف ذلك؟ قال ادعوهم بأخلاقكم قبل أقوالكم.

ومن رحمة الله تعالى للبشرية، أن قيض لهذه الدعوة رجالا، همهم وشغلهم الشاغل، حمل بيضة الإسلام، واقتدت سنته تعالى أن يكون لأولئك الذين جعلوا حياتهم رهنا للدعوة الحقة أعداء من شياطين الإنس والجن {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} [سورة الأنعام 112].

وفي سنن الترمذي من حديث ابي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن العلماء ورثة الأنبياء}

فلا غرابة إذن أن نرى اليوم، أساليب حلزونية ملفوفة، يسلكها الطاعنون في دعاة الحق وعلماء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم كالأئمة الأربعة ومن على دربهم اقتفى..

لأنه لما يئس أهل الأهواء وأصحاب البدع ، من القدح بدعوة الحق وأدلتها، وجدوا أن أسلم وسيلة لهم هي تلكم الأساليب الحلزونية للطعن برموز وهداة السنة المطهرة، ولكن سرعان ما يكشف الله عن أنيابهم وكفى الله المؤمنين القتال.

حكى الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء 13|174أنه قيل لعبد الوهاب الوراق، إن تكلم أحد في أبي طالب والمروزي، (وهما من تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله) أمالبعد عنه أفضل؟ قال نعم من تكلم في أصحاب أحمد فاتهمه ثم اتهمه فإن له خبئة سوء وإنما يريد أحمد.اهـ

وذلك لأن مغزى أهل الإنحراف، مكشوف لكل من كان لنفسه منصفا، والميزان عند أهل السنة واضح جلي لاينكره إلا من كان معتل العقيدة ، وكما قال الشاعر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد *** وينكر الفم طعم الماء من سقم

وقال الإمام قتيبة بن سعيد: إذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري، ومالك بن أنس والأوزاعي و....فاعلم أنه صاحب سنة.اهـ من (عقيدة السلف أصحاب الحديث) (ص 108).

وقال أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انه زنديق، وذلك أن الرسول عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، فالجرح بهم أولى وهم زنادقة.
(اهـ الكفاية للخطيب البغدادي ص 48).

وسئل شيخ الإسلام بن تيمية عن اعتقاد الشافعي فأجاب قائلا: اعتقاد الشافعي رضي الله عنه واعتقاد سلف الأمة
كمالك والثوري والأوزاعي وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه هو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبد الله التستري وغيرهم، فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أصول الدين.............) مجموع الفتاوى 5|256

وعليه فإن ما نسمع اليوم، من الطعن في الأئمة المقتدى بهم، وحملة سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم كابن باز والألباني وابن عثيمين، ومن قبلهم كمحمد بن عبد الوهاب،رحمة الله عليهم جميعا، ونحوهم من الناشرين لعلوم الوحيين لا شك أنه طعن في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: «سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخوَن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة»، قيل ومالرويبضة؟ «قال الرجل التافه في أمر العامة» (وروى أحمد نحوه).

فما أكثر الرويبضة اليوم، يتخبطون خبط عشواء في أعراض الدعاة وعلماء المسلمين، ليعلموا أن لحوم أهل العلم مسمومة كما قال الإمام بن عساكر: اعلم –يا أخي- وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم أهل العلم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة،لأن الوقيعة فيهم-بما هم منه براء- أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم، والإختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم...والإرتكاب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الإغتياب جسيم،{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (اهـ تبيين كذب المفتري ص 29-30).

إذن أحبتي في الله! إذا رأيتم أحدا يغمز هؤلاء الأئمة وحملة سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ودعاتها، فاتهموه،فإن دعوتهم واضحة جلية ومبنية على أصول ثلاتة: الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح.

ولكن لا يعني كلامنا هذا، عصمتهم من الخطأ كلاَ، فلكل جواد كبوة، ولكل حصان نبوة، ولكن ثمة فرق بين التنبيه والتشويه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
_________________________________________________
الكاتب: عبدالله نياوني أبو عبدالرحمن

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢