تَفتحت أعينُ الدَراري
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَفتحت أعينُ الدَراري | واستيقظَت أنفسُ اللَيالي |
وَهينَمَت في الدَجى الأماني | ورفرَفت أجنُحُ الخَيال |
وأَفلَتَ الحُلمُ من عِقالٍ | فَطارَ يَسعى إلى الجَمالِ |
فَقُم بِنا يا سَميرَ نفسي | نَقفُو الأماني إلى الكَمالِ |
قُم نتَّخِذ للمُنى جَناحاً | يَطيرُ من عالَمِ الحُدود |
عسى نَرى في السماء دَرباً | نَسيرُ فيه ولا نَعود |
نؤمُّ خِدرَ الرُؤى ونَحظى | بما حُرِمناه في الوُجود |
قُم واترُكِ الجِسمَ حيثُ يَبلى | فالموتُ خَيرٌ من الجُمود |
لي كلَّ يومٍ هَوىً جديدٌ | بلا وصالٍ ولا لِقاء |
حَولي مِياهٌ حَلَت وساغت | لكنَّ قلبي بلا ارتِواء |
لو رُمتُ يوماً لكنتُ أجني | من ثَمَر الحُسنِ ما أشاء |
لكن هَوى النفس في خَيال | قد لاحَ للرُوح في السَماء |
أحِنُّ شَوقاً إلى ديارٍ | رأيتُ فيها سَنى الجَمال |
أُهبِطتُ منها إلى قَرارٍ | أمسَت به الروحُ في اعتقال |
أَهِيمُ في الليلِ مثلَ أعمى | جاعَ ولا يُحسِنُ السؤال |
يَهُزُّني في الدُجى حَنينٌ | إلى الذي مرَّ من وِصال |
هل من سبيلٍ إلى رُجوعٍ | هل من طريقٍ إلى وُصولِ |
تَهِيمُ نفسي ولستُ أدري | بحاصلٍ أو بُمستحيلِ |
يا صاحِ قد حِرتُ أين أمضي | والسُبلُ ضلَّت عن الضَلولِ |
فاستَلمشحِ البرقَ هل تراهُ | فإنَّه أوَّلُ السَبيلِ |
انظُر فلي في البُروقِ سِرّ | تَعرِفُه النفسُ في البُروقِ |
ألا تَرى البرقَ نارَ رَكبٍ | تقدَّمونا على الطريقِ |
من ألفِ دَهرٍ وألفِ دُنيا | سَمَوا إلى المَشرَعِ الحقيقي |
فسر بنا نَقتَفِي خُطاهم | نَصِر إلى مَنبِتِ الشُروقِ |
سِر قبل أن تَحجُبَ الغَوادي | عن ناظِرَينا ذُرى السماء |
سِر لستُ أخشى على فؤادي | أن يَبقى في الأرضِ للفَناء |
وكيفَ ترجو اصطحابَ قلبي | والنفسُ والقلبُ في عِداء |
إن كان لا بدَّ من فؤادٍ | فلنَبقَ في الأرضِ للشَقاء |
إن كان لا بدَّ من فؤادٍ | فقم نُفتش عن الفؤاد |
إن فاتنا أو نَوى استتاراً | نستَهدِ بالحُزنِ والسَواد |
نلقاه حيثُ الجِهادُ يُفني | أو حيثُ لا نفعَ في الجِهاد |
أوسائراً في رِكابِ ريحٍ | يَهرُبُ فيها من العِباد |
يا نسماتٍ سَرَين ليلاً | متى تَعودينَ يا نَواسِم |
سَلَبتِ قلبي وقد أراه | يطوفُ في رَكبِك العَوالم |
فهل تَراه يَعودُ يوماً | إليَّ أو لا يَزالُ هائم |
يا ويحَ قلبي وويح نفسي | من صُحبةٍ لم تكن تُلائِم |
يا قلبُ يا طائراً صغيراً | مُضطَرِباً في يدِ الحياه |
يا ظامئاً والدِماءُ تَجري | منه لِيَروي بها سواه |
تعالَ نَختَر لنا طريقاً | نَقفو بها الحُلمَ في سُراه |
تعالَ أو تنقضِي الليالي | فننثني دون أن نَراه |
تقَرَّحَت أعيُنُ الدَراري | وحَشرَجَت أنفُسُ اللَيالي |
وَولوَلت في الدُجى شُكوكي | ورَفرَفت أجنُحُ المُحالِ |
واستأسَرَ الحُلمُ باختيار | وطار همِّي بلا عِقالِ |
فعُد بنا يا سمِيرَ حُزني | نقنَعُ في الأرضِ بالخَيالِ |