يقولون صف حرب الرعية والجند
![يقولون صف حرب الرعية والجند](http://islamarchive.cc/upload/poems/absi.jpeg)
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يقولون صِف حربَ الرعيَّة والجندِ | وصلحَ رجالٍ من بلالٍ ومن سعدِ |
ولي شغل في صلح قلبي وناظري | على تَلفي حتى فنيتُ من الوجدِ |
ويقبح ذكرى وقعةٍ وبمهجتي | وقائع شتّى من جهاد ومن جهدِ |
وكم قتلةٍ لي في حروبٍ من الهوى | تسلَّط فيهن الظباءُ على الأُسدِ |
فواللَهِ ما هَزُّ الرماح بمقلتي | بأروع لي من هَزِّ معتدل القد |
وان ارتكاض الشوق في حلبة الحشا | لأَهوَلُ من ركض المسوَّمة الجردِ |
ولحظ عيون العِين أمضى مضارباً | وأتلفُ للأرواح من قضُب الهندِ |
وأنفَذُ من وقع السهام تغازلٌ | على القرب أو حُسن الإشارة من بُعدِ |
سهام الهوى تُهدى إلى باطن الحشا | وتُردي ولكن لا تؤثِّر في الجِلدِ |
عجبتُ من الطرف المكحَّل أنه | يُشحِّطني بالسيف والسيف في الغمدِ |
فلو أنني في غمرَتي حرب داحسٍ | وحرب بسوسٍ كان دون الذي عندي |
وشيطان شعري ليس يُعذَر حيث لا | يراد له ما نفع زرعٍ بلا حصدِ |
ولي هاجس طَلق على كل لذةٍ | وما هاجسي وقفاً على الأجر والحمد |
وأبسط أُنسي في الملاح ممازحاً | فإن تسطو بي صار مزحي إلى حدِّ |
فمن حيث داروا درتُ فيهم ككوكب | بأرزن من قاضٍ وأسخف من قرد |
ولي قلبُ برقٍ تحت رعدِ فكاهةٍ | فأستمطر اللذات بالبرق والرعدِ |
وأطرد من أحببتُ طردَ تظرُّفٍ | فيجذبه لي ما تقدَّم من طردي |
مفاكهةً طوراً وطوراً دماثة | وطوراً مجوناً كلُّ ذلك من عندي |
فتُقضى ديون العاشقين نسيئة | بوكسٍ ودَيني في وفاء وفي نقدِ |
خليليَّ هل أبصرتما أو سمعتما | بأكرم من مولىً تمشّى إلى عبد |
أتى زائراً من غير وعدٍ وقالي لي | أصونك من تعليق قلبك بالوعدِ |
فما زال نجم الكأس بيني وبينه | يدور بأفلاك السعادة والسعدِ |
سَلِ الكأسَ لِم تبدي لنا في خدودنا | حياءً وفي أفعالنا قِحَةً تبدي |
تواقح تجميشي فأظهر خدُّهُ | حياءً على تلك الوقاحة يستعدي |
ولكن إذا راحٌ وروح تغازلا | تحاقد ذاك الخدُّ واحمرَّ للحقدِ |
لثمتُ ثناياها فذقتُ رُضابَها | كذوب نقيِّ الثلج في خالص الشَّهدِ |
فقلتُ لها لمّا ترشَّفت ريقَها | فأطفى غليلاً كان مضطرم الوقدِ |
أرى نَفَسي خلَّى الجحيم بلا لظى | وريقك خلّى الزمهرير بلا بردِ |
فقالت تمتَّع بالحياة فإنما | حياة الفتى تعديله الضدَّ بالضدِّ |
فمازلتُ في كدٍّ هو الفوز بالمنى | وكم راحةٍ للروح في ذلك الكدِّ |
تمردت في المرد الملاح لأنهم | من المهد شرطي سرمداً وإلى اللحدِ |
أُموِّه كذباً بالل تستراً | على عاذلي والله يعلم ما قصدي |
ببدرين من بدر السماء ووجها | وليلينِ من ليلٍ ومن فرعها الجعدِ |
فبتنا بليلٍ كان من طيب عيشه | وتخليد ذكراه جنى جنة الخلد |
وأفركُ رمّانَ الصدور وأكتفي | بورد جنيّ في الخدود عن الورد |
فلو لم يكن في العشق سحرٌ وأُخذةٌ | لمَا أنِس الوحشُ المفرّدُ بالقهد |
وإن ترني فرداً وحيداً فإنما | تزيف إناثُ الطير للذكر الفرد |
فكم نلتُ نعمى أحمد اللَه عندها | وقد تعب الشيطان فيها بلا حمد |
لقد ركز الشيطان بند جيوشه | ببندي فكل الجيش يأوي الى بندي |
فلو وُلد المولود بالصين فارهاً | أتتني به الأخبار ركضاً على البُردِ |
يزيد مجوني عند عشقي كمثل ما | تزيد بوهج الجمر رائحة الندِّ |
صلابة وجهي في الهوى لو تمثلت | بأيام ذي القرنَينِ أغنت عن السدِّ |
اذا جمحت خيل الهوى للذاذتي | فألف عنان لا يطيق بها ردّي |
ولم ينتفع بي غير إبليس وحده | وإن متُّ لم يظهر على غيره فقدي |
وكنتُ فتىً من جند إبليس فارتقى | بي الأمر حتى صار إبليس من جندي |
فلو مات قبلي كنتُ أُحسن مثله | صنايع فسق ليس يُحسِنُها بعدي |