يوم أتى بنسيم الريح موسوما
![يوم أتى بنسيم الريح موسوما](http://islamarchive.cc/upload/poems/absi.jpeg)
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يومٌ أتى بنسيم الرِّيح موسوما | مباركٌ بزمام المُلك مزموما |
المهرجان الذي كانت تبجِّله | ملوك تبجيلاً وتعظيما |
فاليمن طائرُه والسعد طالعُه | تفاؤلاً يوجب الزلفى وتنجيما |
جاءتك عافيةٌ فاز الأنامُ بها | فوزاً عظيماً فمخصوصاً ومعموما |
من بعدما شَنَّقَ الإرهاقُ أنفسَهم | وضُرِّمَت جمراتُ الخوف تضريما |
وَعكُ الأمير وقاه اللَه كلَّ أذىً | أنشا سحاباً من الأحزان مركوما |
لم يبق في الأرض لا روحٌ ولا بدنٌ | إلا وقد كان من حُمّاك محوما |
حُمّاك نغَّصتِ اللذات فانقلبت | من التنغُّص غِسليناً وزقُّوما |
حتّى حسبنا نسيمَ الريح صار لظىً | يشوي القلوب وصار الظلُّ يحموما |
قسمتَ حُسناك بين الناس كلِّهمِ | فصار وَعكُك بين الناس مقسوما |
لقد أبارَت قلوبَ الناس من جزعٍ | أنفاسُ كربٍ يُفَكِّكنَ الحيازيما |
فقد كفى اللَه ما خافوا وما حذروا | فعاد مستبشراً مَن كان مهموما |
من بعدما اصفرَّ وجهُ العيش حين رأى | خدَّ السرور بكفِّ الحزن ملطوما |
وأقبل الجودُ كالولهان حين بدا | دمعُ المكارم والإحسانِ مسجوما |
كانت لعلَّتك الدنيا على وجلٍ | خوفاً وكان لك الإسلامُ مغموما |
سبحان مَن كشف البلوى وفرَّجَها | من بعدما صمَّم المكروهُ تصميما |
فنحمد اللَه في تجديد نعمته | حمداً يحقِّق للتجديد تتميما |
هذا الأمير ابن يزدادَ الذي ملأت | آثارُه وأياديه الأقاليما |
والناس قد علموا مقدارَ سيرته | منهم وزادهم الإشفاقُ تعليما |
يا عصمة الدين والدنيا وزينتها | لا زلتَ من نكبات الدهر معصوما |
وكيف لا يتمنّى الناسُ كلُّهم | حياةَ مَن قد أماتَ الجورَ واللُّوما |
* * * | |
عدلُ الأمير وإحسانُ الأمير هما | رَدّا الزمانَ عن الأحرار مخصوما |
لا تعد مَنَّك دنياً أنت واحدُها | إذ كان شبهُك في ذا الدهرِ معدوما |
صارت بك البصرة المأوى وقد غَنِيَت | وصار معنومها في الناس معنوما |
عهدي بها وهي إقليم الشقاق فقد | صَيَّرتَها أنت للتأليف إقليما |
فزادك اللهُ تمكيناً ومقدرةً | وزاد أنفَ الذي عاداك ترغيما |
صَيَّرتَ حُسناك حتماً منك مفتَرَضاً | فصار حبُّك مفروضاً ومحتوما |
صنائعٌ لك في الدنيا مشهَّرةٌ | تكاد بالشكرِ أن يفُصِحنَ تكليما |
زحزحت عن كلِّ مظلومٍ ظُلامَتَهُ | فصار مالُكَ للراجين مظلوما |
فحين حُكِّمتَ في الدنيا وزخرفها | حَكَّمتَ دِينك في دنياك تحكيما |
أقبلتَ تخدم تقوى اللَه مجتهداً | فصرت باليمن والإقبال مخدوما |
يستنشق الناس طِيباً إن ذكِرتَ لهم | كأنَّ أسماعهم صارت خياشيما |
يا مَن إذا ما رأى المحرومُ طلعتَه | فلن يُرى ذلك المحروم محروما |
لا زال ركنك موطوداً تُشيِّده | ولم يزل ركنُ مَن ناواك مهدوما |
من رام يبغيك لم يظفر ببغيته | حتّى يرى الزِّنج في ألوانهم رُوما |
اني لأكتم حاجاتٍ تُثَقِّلني | وأثقلُ السقمِ سقمٌ كان مكتوما |
ما حيلة العبد في إذكار سيِّدِه | بعد التغافلِ عمّا كانَ معلوما |
بَينا أُؤمِّل أن أزداد نافلةً | حتّى مُنِعتُ الذي قد كان مرسوما |
والموت أجمل بالإنسان منزلةً | من أن يُرى بخِطام الذلِّ مخطوما |
لِم أخَّرَ الكاتبُ الإنجازَ في عِدَتي | وكيف لا يجعل التأخير تقديما |
هذا على أنَّه المرضيُّ مذهبُه | في السرِّ والجهر تعديلاً وتقويما |
* * * | |
قد هذَّبَته بتقويمٍ صرامَتُه | وزاده النصح تهذيباً وتصريما |
ولا يُلام فتىً يحتاط منتصحاً | ليس احتياطُ الفتى في النصح مذموما |
لكن أرى المطلَ داءً في تطاولِهِ | وبالعناية يُلقى الداءُ محسوما |
هل غير إحسانِ فعلٍ أو إساءَته | يبقى جزاؤهما في الصُّحف مرقوما |
لا خير في القول معسولاً مذاقَتُه | حتّى إذا اختبروه كان مسموما |
لا بدَّ من نفثة المصدور ينفثها | لولا الكلام لكان القلب مكلوما |