أرشيف المقالات

استثمار العبد البار في الاستغفار

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
استثمار العبد البار في الاستغفار
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن من فضل الله الكريم على عباده ورحمته بهم أن شرع لهم عباداتٍ يسيرةَ العمل عظيمةَ الأجر والثواب، ينهلُ منها أهل الإيمان والعلم والعقل النيِّر، الذين يستثمرون حياتهم في طاعة ربهم؛ ليقطفوا ثمار البركات في دنياهم وآخرتهم، وينجوا من عقاب ربهم وغضبه، ونارٍ وقودُها الناس والحجارة أُعِدَّت للكافرين.
 
ومن هذه العبادات الخفيفة المحمل، الثقيلة الميزان يوم القيامة، المطهِّرة من الذنوب والخطايا: الاستغفارُ؛ فقد جاءت آياتٌ كريمة وأحاديث نبوية صحيحة تُبيِّن فضائله المباركة وفوائده الغالية لمن أراد أن يتزوَّد ليوم اللقاء مع ربه.
 
ونسرد بعضها كما يلي باختصار شديد:
أولاً: دخول الجنة والنظر إلى وجه الله الكريم:
قال سبحانه: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، الحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم يوم القيامة.
 
وقال أيضا: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 15 - 18]، ومحل الشاهد أن الاستغفار من الإحسان.
 
ثانيًا: قبول العمل وحفظه للعبد:
قال سبحانه على لسان عباده: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 193 - 195].
 
ثالثًا: ثناء الله على المستغفر في الملأ الأعلى:
قال سبحانه: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم))، والملأ الأعلى كبار الملائكة.
 
رابعًا: الفوز برحمة الله ومغفرته والأجر الكثير:
قال عز وجل: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، ومحل الشاهد أن الاستغفار من الذكر.
 
خامسًا: طمأنينة القلب والفوز بالسعادة الدنيوية والأخروية:
قال سبحانه: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
وقال أيضًا: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((طوبى لمن وجد في كتابه استغفارًا كثيرًا)).
 
سادسًا: زوال الهم والغم، والسَّعة في الرزق:
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)).
 
ويدخل في الرزق المال والولد؛ إذ قال سبحانه على لسان نوح عليه السلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].
 
سابعًا: الزيادة في العقل والعلم والصحة والقوة عمومًا:
قال سبحانه على لسان هود عليه السلام: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52].
 
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن الاستغفار يكون بلفظ: (أستغفر الله) أو بأي لفظ يفيد طلب المغفرة من الله، كـ: (رب اغفر لي)، أو (اللهم اغفر لي)، ونحو ذلك.
 
نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا جميعًا
وأن يغفر ذنوبنا ويبارك في عملنا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣