أرشيف المقالات

بيان الـ 52 عالمًا سعوديًا والخونة!

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
أعلم أن هناك من لا يحبذ لفظة "خونة" في العنوان، لأنه يجد أنها لفظة دوغمائية متشددة ينبغي أن يبتعد عنها الكاتب الموضوعي.
لأمثال هؤلاء أقول اقرؤوا ما كتبه جوليان بيندا وما كتبه الراحل إدوارد سعيد في كتابيهما الماتعين (خيانة المثقفين).
وهما قد كتبا ما كتباه في مثقفين حقيقيين، وليس حثالة الحثالة من أنصاف المثقفين.
ثم إنني حين يتعلق الأمر بالأطفال والنساء والشيوخ من الضحايا لا ألقي بالاً لما قد يصفني به الناس.
أصدر قبل أيام قليلة 52 عالمًا شرعيًا سعوديًا بيانًا حول التدخل الروسي في سوريا .
ما إن صدر البيان حتى انهالت الردود التي تهاجم هؤلاء العلماء وتصفهم بأقذع الأوصاف، فقناة العربية وصفتهم بالمحرضين، والكتَّاب الشيعة وصفوهم بالوهابيين التكفيريين جريًا وراء الدعاية الإيرانية الرافضية، والليبراليون وصفوهم بالدواعش!
من يقرأ البيان ثم يقرأ الردود يخرج بقناعة أن 95% من المهاجمين لم يقرؤوا البيان، لأن ردودهم المعلبة تناقض بشكل صريح ما تضمنه البيان، بل هم مجرد ببغاوات تردد ما يقوله أسيادهم.
أما ال5% المتبقية فلقد قرأت البيان وفهمته بشكل جيد، لكنه يتناقض مع مصالحهم، ولهذا يهاجمونه بشراسة ويشوهون حقيقته.
خصوم البيان يدَّعون أن البيان موجه لتأييد داعش، رغم أن كلمة داعش لا تظهر في البيان سوى في جملة واحدة، وفي معرض انتقاد داعش! ثم أن البيان في مجموعه عبارة عن بضعة رسائل موجهة إلى الروس وإلى الشعب السوري ومجاهديه، وإلى الحكومات العربية والإسلامية وإلى العلماء والمصلحين والمفكرين، فلا أدري كيف تفتقت عقول المهاجمين العباقرة على وصف البيان بأنَّه دعوة لمناصرة داعش!
ويبدو أن خصوم البيان يراهنون على أن الناس لن تقرأ البيان، لأنها لو قرأته لاكتشفت كذبهم الصريح.
دورهم محدد لهم سلفًا: التشويه وإثارة اللغط والضوضاء والتحريض.
بالنسبة لقناة العربية لا غرابة في هجومها فهي قناة الصهيونية والمتصهينين العرب، وقناة الطبطبة على إيران وكلابها وحثالاتها الذين يملؤون أروقة القناة، من وقف مع إسرائيل في عدوانها على غزة، لن يقف مع الشعب السوري، ولا مع المشايخ المدافعين عنه.
أما بالنسبة للشيعة العرب، وهم يملؤون تويتر والفيسبوك بأسماء وهمية سنيَّة، فهم متسقون تمامًا مع عقيدة سيدهم الولي الفقيه الرافضي.
ومن الطبيعي جدًا أن يهاجموا أي بيان يدعو لنصرة أهل السنَّة والجماعة في سوريا والعراق ويتهموا أصحابه بالتكفيرية والوهابية والناصبية.
الشيعة العرب في غالبهم عملاء لإيران بحكم العقيدة وبحكم مصالح الطائفة.
وهم في نفس الخندق الذي يقاتل فيه حسن نصر اللات وبشار الأسد والسيستاني.
ولا تُستغرب الخيانة من منبعها.
أما بالنسبة لليبراليين العرب، فلا أجد وصفًا يليق بغباء وفجور هذه الفرقة أكثر من الوصف القرآني (المنافقون)، وهو وصف غاية في الدقة، فالنفاق يشمل العمالة والخيانة والفجور في الخصومة، نكاية بالإسلاميين، فالليبراليون مستعدون أن يكفروا ويرتدوا ويتصهينوا ويتخابروا مع أعدى أعداء الأمة، وقد فعلوا.
حين كان الإسلاميون يطالبون السعودية زمن الملك عبدالله رحمه الله بموقف حازم تجاه التمدد الحوثي في اليمن، كان الليبراليون يصفون أولئك الإسلاميين بالدواعش والمتطرفين والمحرضين والإخوانيين.
وحين قامت عاصفة الحزم صمتوا وكأن على رؤوسهم الطير.
بل أيدوا العملية وطبلوا لها ولحسوا كل ما قالوه عن الإسلاميين الذين طالبوا بها! إننا أمام سفلة المجتمعات العربية.
وأحط كائناتها خيانة وعمالة وقذارة.
يجوز للروس أن يعتبروا حربهم ضد أهل السنَّة والجماعة مقدسة وأن تباركها كنائسهم، ويجوز للشيعة الروافض أن يعتبروا حربهم على أهل السنَّة والجماعة في العراق وسوريا حربًا مقدسة وأن يباركها السيستاني البيانأ وحسن نصر اللات والخامنئي، بل ويدعون لإنشاء ميليشيات قتل وتهجير، ويجوز للأمريكان أن يعتبروها حربًا صليبية ضد المسلمين السنَّة، ويجوز للصهاينة أن يعتبروا حروبهم ضد المسلمين السنَّة حروبًا مقدَّسة ويبارك حاخاماتهم قنابل طائراتهم، يفعلون كل هذا وأكثر، ولا ينبس الليبرالي السني الخائن الفاجر ببنت شفة.
وأمَّا حين يكتب مشايخ دين سنَّة بيانًا -تخيل مجرد بيان- موجهًا إلى الشعب السوري المظلوم تثور ثائرة الليبراليين وتتورم أنوفهم!
يا لهؤلاء الليبراليون! ظلوا طوال 5 سنوات يرفضون التدخل الأجنبي في سوريا، رغم أنهم يرون التدخل الإيراني والعراقي وتدخل ميليشيات حزب الله وأبو الفضل، وكانوا يبررون ويؤيدون الرفض الأمريكي للتدخل، وفجأة نجدهم يباركون علنًا التدخل الروسي، بل ويصفونه بعاصفة الحزم الروسية! لا يرون شعبًا في سوريا، ولا فصائل إسلامية تقاتل في سبيل الحرية والعدالة ورفع الاحتلال، ولا يرون في كل سوريا إلا داعش.
إنهم روس أكثر من الروس.
دخلت روسيا ووزير خارجيتها يعلن نهارًا جهارًا: لن نسمح بوجود حكم سني في سوريا.
وبوتين يعلن بصراحة ووقاحة: لن نسمح بسقوط نظام بشَّار.
لذا فقواته تهاجم كل الفصائل الإسلامية السنيِّة إلا داعش بشهادة جميع وكالات الأنباء، ومع هذا يخرج الليبراليون العرب ليقولوا كذبًا وزورًا أن روسيا جاءت لحرب داعش فقط! يؤيدون روسيا المجرمة الكافرة على إخوتنا المسلمين في سوريا، فهل خسة ونذالة وجرم أكبر من هذا؟!
يخرج أحد كلابهم من بلد الحرمين الشريفين يعوي واصفًا بشار الأسد بالوطني، وأن وطنيته لو وزعت على أهل الأرض لرجحت عليهم، ثم يدعوه لرمي المزيد من البراميل المتفجرة، ويخرج كلبٌ آخر ليصف كل الفصائل الإسلامية السنية في سوريا بالدواعش، ومنها فصائل قاتلت وتقاتل داعش حتى الساعة!
هؤلاء المجرمون الخونة هم إسفين في خاصرة الإسلام وأهله وحكوماته وشعوبه، وعلى الحكومة أن تقوم بمسؤولياتها تجاههم فتنشر علنًا مصادر تمويلهم وداعميهم ومحركيهم، فهم لا يتحركون من فراغ.
أفهم أن تختلف معي حول الطريقة المناسبة لردع إيران وروسيا، وأفهم أن تختلف معي حول الموقف من الإخوان المسلمين، لكنني لا أفهم أن تقف ضد الدين والوطن في ذات الخندق الذي يقف فيه الشيعة الروافض والكفرة الصليبيين والروس الشيوعيين، ثم تقول لي أنها مسألة رأي آخر!
إنه ليس رأي آخر بل دين آخر، دينٌ مليء بالكره والحقد والقتل والتهجير لكل ما هو سني.
دين يقوم على الخسَّة والنذالة وقلة الحياء .
علينا جميعًا أن لا نقف مكتوفي الأيدي تجاه هؤلاء المجرمين وداعميهم ومموليهم، بل يجب أن نفضحهم ونعريهم ونكشف أساليبهم على الملأ، كي يدرك الناس أن من بيننا -كما هو الحال دائمًا على مر التاريخ الإسلامي - خونة وعملاء ومرتزقة لا يهمهم الدين أو الوطن أو الإنسانية حين يتعلق الأمر بالمسلمين السنَّة!
ختامًا:
أسأل الله أن يبيض وجوه هؤلاء العلماء والمشايخ المسلمين الذين قاموا بما تمليه عليهم ضمائرهم، وأرجو أن تقوم المجاميع الفقهية والمجالس الإسلامية في شتى بقاع الأرض بإعلان موقفها الصريح والواضح من التدخل الروسي، كي يدرك الروس أن الأرض الإسلامية ليست مشاعًا لكلابهم وخنازيرهم، وأن وراءها رجالٌ قادرين على تحويلها بين ليلة وضحاها إلى جحيم ومستنقع، يفر منه الروس وأذيالهم بين أرجلهم. 
 
عبدالله المفلح.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣