سَرَت بِمَلامٍ حينَ هَوَّمَ عُذَّلي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَرَت بِمَلامٍ حينَ هَوَّمَ عُذَّلي | مَلامَةَ لا قالِ وَلا مُتَبَدِّلِ |
رَأَت رَجُلاً خاضَ الغِنى ثُمَّ أَعقَبَت | حَوادِثُ تُفني عِفَّةَ المُتَجَمِّلِ |
كِليني إِلى هَمٍّ كَفى العَذلَ أَهلُهُ | قَرينَةِ عَزمٍ بِالهُمومِ مُوَكَّلِ |
يُصيبُ أَخو العَجزِ الغِنى وَهُوَ وادِعٌ | وَيُخطِئُ جُهدَ القُلَّبِ المُتَحَيِّلِ |
دَعيني أَقِف عَزمي مَعَ العُدمِ قانِعاً | وَوَجهي جَديدُ الصَونِ لَم يَتَبَذَّلِ |
فَإِنَّ الفَتى ما عاشَ رَهنُ تَقَلُّبٍ | مُدالٌ بِصَرفى دَهرِهِ المُتَحَوِّلِ |
أَقولُ لِمَأفونِ البَديهَةِ طائِرٍ | مَعَ الحِرصِ لَم يَغنَم وَلَم يَتَمَوَّلِ |
سَلِ الناسَ إِنّي سائِلُ اللَهَ وَحدَهُ | وَصائِنُ عِرضي عَن فُلانٍ وَعَن فُلِ |
إِذا رَكِبَ اللَيلُ الضِعافَ رِكبتُهُ | زَميلي السُرى وَالرِدفُ عَزمي وَمُنصُلي |
وَقَد عَجَمَت مِنّي الخُطوبُ اِبنَ هِمَّةٍ | مَتى ما يُرِبهُ مَنزِلُ السوءِ يَرحَلِ |
إِذا ضافَهُ هَمُّ قَراهُ عَزيمَةً | هِيَ الهَمُّ ما لَم يَغشَ وِرداً فَيَنزِلِ |
أَخو العَزمِ لا يَبني عَلى الهَونِ بَيتَهُ | عَروفَ السُرى في كُلِّ بَيداءَ مَجهَلِ |
إِذا شاءَ قادَتهُ إِلى حَمدِ ماجِدٍ | عَزائِمُ لَم تُزجَر بِطائِرِ أَخيَلِ |
بَلَغنا بِسَهلِ ثَروَةٍ وَوَسيلَةٍ | إِلى وَفرِ مالٍ واسِعٍ وَتَفَضُّلِ |
كَفى غَيرَ أَنَّ الحادِثاتِ تَخَرَّمَت | طَريفَ الغِنى وَاِستَأثَرَت بِالمُؤَثَّلِ |
وَعِندَ أَبي يَحيى غِناً لا يَمُنُّهُ | وَعَودٌ مَتى ما يُدبِرِ المالُ يُقبِلِ |
عَرَضتُ لَهُ عَرضَ الإِخاءِ فَرَبَّهُ | بِنِعمَةِ مَحمودِ الصَنائِعِ مُجمِلِ |
جَوادٌ تَغاواهُ العَواذِلُ بَينَها | وَيُقصِرنَ عَنهُ هَيبَةَ المُتَذَلِّلِ |
يَرَينَ مَكانَ اللَومِ ثُمَّ يَهَبنَهُ | فَيُمسِكنَ عَن غاوٍ لَدَيها مُعَذَّلِ |
لَهُ بَدَهاتٌ مِن فِعالٍ وَقَولُهُ | هُوَ الفِعلُ إِلّا رَيثَ وَعدٍ مُعَجَّلِ |
فَتى كَرَمٍ يُعطي وَإِن قَلَّ مالُهُ | وَلا يَتَّقي طُلّابَهُ بِالتَعَلُّلِ |
طَليقٌ إِذا المَعروفُ أَصبَحَ أَهلُهُ | كَأَنَّ بِهِم مِن حَملِهِ مَسَّ أَفكَلِ |
تَرى الجودَ يَجري في صَفيحَةِ وَجهِهِ | وَإِن كانَ في جَدبٍ مِنَ الأَرضِ مُمحِلِ |
تَضَيَّفَني مَعروفُهُ فَقَرَيتُهُ | ذَخيرَةَ مَضمونِ الثَناءِ المُنَخَّلِ |
هُوَ المَرءُ إِن تُرهِقهُ يَرجِعكَ شَأوُهُ | بَهيراً وَإِن تَنزِل عَلى القَصدِ يَنزِلِ |
يَقولُ فَيَعلو قَولُهُ وَهوَ مُنصِفٌ | وَيَمنَعُ مَحموداً وَإِن يُعطِ يُجزِلِ |
وَإِن خَصَّ لَم تَعدُ الصَنيعَةُ أَهلَها | وَإِن عَمَّ أَعطى غَيرَ نَزرٍ مُقَلَّلِ |
فَجاوِر بَني الصَبّاحِ تَعقِد بِذِمَّةٍ | وَتَأوِ إِلى حِصنٍ مَنيعٍ وَمَعقِلِ |
تَعَلَّم بِأَنّي لَم أُغالِكَ مِدحَةً | وَلَم أَتَعَرَّض نائِلاً مِن مُمَوَّلِ |
وَلَستُ بِهَجّاءٍ إِذا السَيبُ راثَني | وَلا حامِلٍ مَدحي عَلى غَيرِ مَحمِلِ |
سَبَقتَ إِلى شُكري وَكُنتَ مُفَوَّهاً | فَلَم أَجحَدِ النُعمى وَلَم أَتَقَوَّلِ |
أُقَصِّرُ عَن أَشياءَ وَالشُكرُ جاهِدٌ | وَحَسبُكَ مِن شُكرِ اِمرِئٍ غَيرَ مُؤتَلِ |
حَلَفتُ لَقَد أَعطَيتَني غَيرَ سائِلٍ | وَأَعذَرتُ في المَعروفِ غَيرَ مُبَخَّلِ |
وَإِنّي لَمَغبوطٌ بِقُربِكَ ذو غِنىً | وَإِن عَرَكَتني الحادِثاتُ بِكَلكَلِ |
مَعاريضُ لا الشَكوى يُحاوِلُ رَبُّها | وَلا أَنتَ فيها لِلثَناءِ بِمَعزِلِ |