سَلِ الدَمعَ عَن عَيني وَعَن جَسَدي المُضنى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سَلِ الدَمعَ عَن عَيني وَعَن جَسَدي المُضنى | وَهَل لَقِيَت عَينايَ بَعدَكُمُ غُمضا |
وَأَينَ الهَوى مِنّي وَقَد عَضَّتِ النَوى | عَلى كَبِدي الحَرّى بِأَنيابِها عَضّا |
تَكُدُّ بِنا بَرّاً وَبَحراً تَعَسُّفاً | وَتورِدُنا أَرضاً وَتُصدِرُنا أَرضا |
فَلَو أَنَّ ما بي بِالجِبالِ تَضَعضَعَت | وَبِالماءِ لَم يَعذُب وَبِالنَجمِ لاِنقَضّا |
سَأَخلَعُ ثَوبَ اللَهوِ بَعدَ أَحِبَّتي | وَأَرفُضُ طيبَ العَيشِ بَعدَهُمُ رَفضا |
كَفى حَزَناً أَنَّ الخُطوبَ سَعَت بِنا | وَأَنَّ بَناتِ الدَهرِ تَركُضُنا رَكضا |
وَأَنِّيَ وَقفٌ بَينَ بَثٍّ وَلَوعَةٍ | فَلا فَرَحٌ يُرجى وَلا أَجَلٌ يُقضى |
أَقولُ وَقَد عيلَ اِصطِباري مِنَ النَوى | وَأَصبَحَ دَمعُ العَينِ لِلشَّوقِ مُرفَضّا |
كَما قالَ قَيسٌ حينَ ضاقَ مِنَ الهَوى | فَلَم يَستَطِع في الحُبِّ بَسطاً وَلا قَبضا |
كَأَنَّ بِلادَ اللَهِ حَلقَةُ خاتَمٍ | عَلَيَّ فَما تَزدادُ طولاً وَلا عَرضا |
وَأَنّى أَرى بِالقَيرَوانِ أَحِبَّتي | وَأَعتاضُ مِن ضَنكٍ مُنيتُ بِهِ خَفضا |
وَيَجمَعُنا دَهرٌ سَعى بِفُراقِنا | وَيَرجِعُ غُصنٌ ناعِمٌ قَد ذَوى غَضّا |
إِلى اللَهِ أَشكو كُربَتي وَتَغَرُّبي | وَما رابَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَما مَضّا |
بِحَبلِ أَبي مَروانَ أَعلَقتُ عُروَتي | وَحَسبِيَ إِعلاقي صَريحَ العُلا مَحضا |
كَريمٌ حَوى فَخرَ الأَنامِ وُجودَهُم | يَرى الحَمدَ غُنماً وَاِستِدامَتَهُ فَرضا |
كَفانا مِنَ الآمالِ مُعضِلَ أَمرِها | فَلا كاشِحٌ يَرجو لِإِبرامِهِ نَقضا |
تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً | تَهَلُّلَ بَدرِ التِمِّ بَل وَجهُهُ أَوضا |
فَتىً ما يُبالي مَن دَنا مِن فِنائِهِ | أَيَسخَطُ تَصريفُ الحُوادِثِ أَم يَرضى |
أَياديكَ قَد حَمَّت وَعَمَّت مَعاشِراً | مِنَ الناسِ يَتلو بَعضُها أَبَداً بَعضا |