هائـِمُ |
فوقَ أشلاءِ الرَّمَادِ |
أتهجَّى جيَفَ المَوتَى |
لأخفِي جُثَتِي |
خلفَ عُصفورين |
طــارا في العراق |
..... |
كــنت |
أهــوي |
والهواء كان قِلاَعي |
فتلاشَى كَخُطاف شَفَقِيّ |
خانَهُ الوَجْدُ فغابَ |
بين حَدّيْ رافدين |
........ |
كــنت |
أهــوي |
والطريقُ البِكْرُ يُخفِي |
ما تبقى من خفايا الوجه |
والدّهر اليبابُ يستردّ |
المجدَ من قَبْوِ التـّمَني |
.. |
هامتِ الرُّوحُ |
......... |
تلاشتْ |
.......... |
كغُبارٍ بين دَوْحِ الرِدّتين |
والصّدَى خانَ دُروبي |
ثار نَفْحٌ من رَمَادي |
فاستَوَيْتُ |
خلف من فاتوا... وماتوا |
بين أليافِ الوَرِيدِ |
خلف طفلٍ نَبَويّ |
أرْبَكَ النّجْمَ و صاحَ : |
- هل أعيرُ النّهرَ للنّبعِ، و أمْضي |
نحو أزهارٍ تموتُ |
أم أعيدُ المُلكَ |
للطّيْفِ الشّرِيدِ |
......؟؟ |
كنتُ أستَلُّ المواعيدَ من الأكْفَانِ |
وحدِي أحْتَفِي |
باحتراقِ الوَرْدِ |
في كَفّيْ حمامٍ |
يَنحَنِي |
لانشطَارِ الرُّوحِ |
بين الصَّدْفَتَينِ |
..... |
كنتُ أبْنِي من خُرافاتِي |
قِلاَعًا |
للصِّرَاطِ المُستَحِيلِ |
و أغَنِّي للدَّمِ المُسْتَنْقَع : |
هل سرقنا المَوْجَ من حيتَانْه |
كي يتوبَ البحرُ عن أخطائه |
أم جَعَلنا الماءَ غَيْمًا |
والنـَّدَى سَقّفَ السَّحَابِ. |
كنتُ أرْوِي للرّياحِ |
كيف كُنَّا |
نَقْطِفُ الشَّمْسَ من النَّهر |
و نَرْمي كُجَّتَينِ |
خلف إشرَاقِ الشُّعَاعِ |
كيف كُنَّا |
نَسبقُ المَوتَى إلى أكفانِهم غَيْمًا |
فَتُبْقِينا الأغَانِي : |
لَيْتَنا |
لَيتَنَا نَبْقَى كَمَا الرّيحُ السَّمُومُ |
مُزَقًا ثَكْلَى و أوطانًا تَحُومُ |
ليتَ قَلْبِي ما هَوى الشَّوْكَ الذي |
حينَ يَنْمُوُ، يَجعَل الأرض تَخُونُ |
(.......) |
هائم |
بين أسْمَائي وبين الرّيحِ ألهُو |
مثل طفل يُفلتُ الخيطَ لعصفُورِ الوَرَقْ |
مثل بُركاَنٍ يُدَلّي شُعْلَةَ الرُّوحِ ... و يُهْدي |
صورةَ المُطلقِ نَارًا للعَلَقْ... |
مثلَ عفريتٍ خَطفْنا الماءَ من لُجّتِه الأولى |
وصُغنا بهبَاءاته نَسلاً للغَسقْ |
وجعلنا من هشيم الشّهوتَين قلعةً |
ومن النّهرين قَبوًا للفلقْ |
..... |
ألهذا اللّحن عَزفٌ |
غير ما تُلْقِيه عند البابِ أنثَى |
من تَرَانيمِ الصّغارِ |
...... |
ألهذا اللّحنِ |
وقعُ المرأةِ الأولى ليحتلَّ حَنِينِي |
لاكتشافِ الأرضِ شَكْلاً |
في دُوَاري |
فأديرُ الجِسْمَ |
نَحوَ الجِسُمِ |
..... |
قسْرًا |
ما استطَعْتُ، |
أن أرى نَفسي وُقُوفًا لانهِيَارِي |
في فُتَاتِ الوَهْمِ، يَهْوِي |
حين نَرْوِي حُلمَنَا الشّادِي |
بأطفالِ الفُراتِ |
هائـمٌ |
لم تَزَلْ قلعَتُنا تحتلُّ غَيْمًا |
والهباءاتُ تعدُّ الجسدَ البِكرَ |
لموتٍ بَحرِيِّ |
وتُهجّيه حدود النّهْدِ حَرْقًا |
فوقَ فِعْلِ المُستطَاعِ |
مَثَلاً، لو أستطيعُ الجَّمْعَ بين الرّيقِ والمَنِيِّ العَقيمِ |
لو نَثَرْتُ النُّطفَةَ المَنْتُوفَة الأولى بلا إسم |
على جُثّةِ الغَيْمِ |
لو تأخّرتِ قَلِيلاً، يا ابنَةَ الرَّملِ البَعِيدِ، |
عن مواعيدِ اللَّيَالي البيضِ |
و استَمْطَرْتِ خَمْرًا |
لَوْ..... |
لو تَبَاطأتِ |
ولم تَلْتَقِطِي |
جُثَّةَ الطّيرِ |
من ضِفَافِ الأرخبيلِ |
لاستَطَاعَ الوَجْدُ أن يحتلَّ طَيفا |
ويُعيدَ الرُّوحَ غَصْبَا |
لفتًى مُسْتَنْسَخٍ |
من جِينَةٍ مُبْتَلَّةٍ بالدَّمِ |
والطّينِ الذّليلِ |
قال نخلٌ |
وهو يُخفي غَيْمَةً استَلَّهَا |
من سُتْرَةِ التَّارِيخِ فَجْرًا : |
- هَلْ يُعَادُ المَشْهَدُ السِّحْرِيُّ |
لو يختلُّ نَجْمٌ |
ويتوبُ العاشقُونَ |
عن دروبِ النَّارِ |
و التَجْدِيفِ ضدَّ الغَيْبِ |
هل كنّا جميعا تحت سَقفٍ و سَمَاءٍ |
تَتَدَلّى فوق قَبْرٍ مَائِلٍ |
لتكفَّ الرِّيحُ |
عن خَلْخَلّةِ الوَردِ الصَّبُوح |
قد يَنِزُّ الصَّدَفُ البَحْرِيُّ |
ماءً قاتِلا للبحر أحيانا |
فنَمْضي خلف أسْمَاءٍ بلا مَعْنَى |
ولحنٍ مُربِكٍ |
كانكِسَارِ الضَّوْءِ |
في قاعٍ سَحِيقٍ |
.... |
خَلْفَ أوهامِ حُلُولٍ أبَدِيٍّ |
في جِبَابِ اللهِ |
واستمنَاءِ طِفْلٍ |
يستَحي |
من نُطفَةٍ مَفْتُونَةٍ بالانتِظَارِ |
كان وقعُ المَوْتِ يَأتِي |
كلّما استَحْوَذَتْ أشلاؤنا، غَصْبًا، على أشكالها |
كلّما تُقْنَا |
لصّوتِ امرأةٍ |
مَهْمُومَةٍ بالانْتِشَاءِ |
أو قَطَفْنَا جُثَثَ المَاضي من الذّكْرى |
أو مَشَيْنَا |
بين نَهْدَينِ لبنتٍ تَتَعَرَّى |
في طريقِ النَّهْرِ |
كيْ تَحْمِي كِتَابًا |
لِمَ لِمْ تَأتِ من الرِّيح |
سوى الرُّوحِ البَغيِّ ؟ |
لِمَ لمْ تُخفِ اللَّيالي صوَرَ العُشَّاقِ |
عن مَجْرَى الرَّصَاصِ ؟ |
لِمَ يا ليلُ |
يمرُّ الطّيرُ بينَ الرّيحِ غَيْمًا |
وهو يُلقِي ما تَبَقّى مِن رُكَامٍ |
فوق قَلبّي |
فَتَفيضُ الأغنِياتُ |
( ليلي يا ليلي |
آه .... يا ليلْ |
.......) |
يا ليلُ |
لكَ ما تُخْفِيه عنَّا القُبْلَةُ الموقُوقَةُ الأولى |
من ظلالٍ |
وجع المُجهضةِ البكرِ |
بطفلِ الأنبِياءِ |
لكَ ما تهديه أنثى |
لفتاةٍ تَستَعيدُ اللذَّةَ وَهْمًا |
بالسِّحَاقِ |
و حريقٌ مُسْتَعَارٌ من حِكَاكِ الشّفَتَيْنِ |
لكَ أن تستلَّ فيض الصّوتِ |
من حُنْجُرة الطّفلِ الأبيِّ |
لا مفاعيلَ تَبَقَّتْ |
كي نُغنِّي |
لا... ولا صمتًا يليقُ |
قد يَخونُ العالمُ الماضي |
فلا تبقى موازينُ |
والتي كادت تكون الـ"فاعلاتن" |
لم تكن إلاّ " مَفَاعِيلُ" |
.... |
مفاعيلُ من نحنُ، إذن؟ |
حتّى تُخْفِينَا الظّلاَلُ تحتَ سُتْرتِها |
و ترمينَا المعاني إلى الذُّهول |
مفاعيلُ من نحنُ إذن؟ |
وهذي السماءُ تستَبْقي الرَّافدَين في مَوَاقِدِها |
ثمَّ تَخُونُ |
هائـمٌ |
لَكَمْ جَرَّدْنا أشيَاءَنا |
منَ الهَيُولَى |
و أعدنا للرِّيحِ |
شكلَ النّارِ |
و التُرْبَةِ الموؤودة |
لتمضي بنا القواربُ |
خلفَ شَفَقِ مُلطّخٍ بالبحرِ |
وتُنشئُ من صَلصَالِهِ بلدًا |
يُكتِّفُنَا بالأمنِيَاتِ |
ويعبثُ بأوجاعِنَا الثكلى |
.... |
آه..... يا بلدي |
... |
تعبت أسمَائي منّي |
.... |
تَعبت |
فَدَع جسدي |
يختَرق شهوتَه بالضّياعِ |
ويختلق شَبَقَ المَوتِ |
دع قلعة النّسْرِ |
تحتضن نجمتَهَا المهيأة للانشطارِ |
و تُهدي رفرفةً للصوتِ |
لم تَعُدْ لنَا |
خرائط لنمتدَّ خلفَ أشكالها |
وننامَ كالأطفال تحت لحافِ الرّيحِ |
لم تَعُدْ لنَا |
لذّةُ المعنى |
ولا ثرثرةً همجيّةً كالطّقْسِ |
حتّى نُعيدَ الدَّمَ |
إلى وردةٍ محفورةٍ على الهَمْسِ |
و نَتّكِئَ على صفصافةٍ أخرى |
غيرَ عُمْرِي |
آه... يا بلدي |
تَعِبتْ أسمائي منِّي |
تعبت ... كلّ المدن |
تعرّت ليَ الأشياءُ |
بلا شَبَقٍ |
كأنّها ماءٌ مُلَوّثٌ بالذكرى |
كأنها ابتسامةُ نهرٍ |
بين مَوتَينِ |
يمتصُّ دَمَ الرّيحِ |
وأنا أمدّدُ صَمْتِي |
بين شَفَتَينِ مُقَيّحَتَينِ ... و جرحْ |
آه يا بلدي |
تعبتْ أسمائي منِّي |
... تعبتُ... |