أرْبَكَني الرّيحُ |
فانطفَأتُ |
كطِينٍ خَانَهُ البَدْءُ |
والوقتُ الغَديرُ |
وأومَأتُ لِهَبَاءاتِ النَّهرِ |
أن اتّسِعِي |
إنّي فَتَّحْتُ لكِ |
ما تبقى مِن مَرَاقِدِنا |
و تَرَدَّمتُ الجسدَ |
و سَوَّيْتُ لَكِ |
مِنْ طَوَائف مِلَّتِنَا سُوَرًا |
ومِنْ أشْلاَئنا وَسَدَا |
خَانَنِي النَّهرُ |
فأماتَني غريبا |
وأهداني بلدا. |
أربَكني الرّيحُ |
فانطفأتُ |
ومائي مازال مُبْتَلاً عند مُوجِدِه |
عَلَقًا مُكْتَظًا |
بأدْرَانِهَا ... العَلَقَه |
واللَّهُ شَدَّ بأطرَافِنَا بلدًا |
يَسعَى كأفْعَى |
.... تُربِكُها الأفعى |
فَفعلنا بالدّهرِ |
ما تَفعَلُ به دُوَلُ |
مَضَت تحفر الدَّمَ |
وتروي من مَآقِينَا |
النُّجُمَ |
.... |
أربكني الرّيحُ |
فانطفأتُ |
وقلتُ : |
كُنّا لماضٍ |
نقولُ لَهُ : " كُنْ" |
فيُكَنَّى |
بأسمائنا |
فَرْدا ... ففردا |
ولكنّنا الآن تَلاَجَمنا |
وفُتْنا ما فزَّعتْ أحلامنا |
" كنّا..." |
كنْا كثيرا ما نحكي للنّهر |
عن جَوَارٍ سابحاتٍ |
في أكُفّنا |
وعن قمرٍ جميل بلا تُرْبَة |
تُذرِيه أوجاعنا الوَجْلى |
كنّا عراجين تَدَلّتْ |
من أليافِ مَنَاكِبها |
وتَعنْكَبَت في صداها |
فتَدَوّلَت بنا الدُّولُ |
كنّا تفّاحا فوّاحا |
نَنْهدِي بأضلعنا لها وإن نامت |
نَسْتَلُّ لَهَا من شِفَاهِ البَحرِ |
رَغْوَةً |
ونُعيدُ الجِنَان لِحَوَاءَ |
.... كُوني حواء...كوني بلا وسدٍ |
كجيلٍ يُغَنّي لِطَيفِ التَّلاَقِي |
ولا وترَ سوى هذي السَّوَاقي |
تُنيرُ الشّدْوَ لِشفَةٍ بلا ثَلْج |
فنُلاقي ما تبقّى من عِرَاكٍ |
بَعدَ تكْفِيرِ البُورَاقِ |
....كوني حواء ... كوني بلا جهة |
ولا كفٍّ يَستَعِيدُ السِّرَاجَ |
مِن وقعِ العناكب الحُبْلَى |
ويُعيدُ البُهرَةَ للانبِهَارِ |
هذا النّهار |
كُنتُ واقِفا |
كنت هكذا |
.... |
أتمثّلُ الطُّرُقَ، جميعها |
بلا خَطْوٍ |
ولا وَقْعها |
.... |
أتمثَّلُ البَحْرَ بِلا جُثَّةٍ |
بلا ضَفَّة |
بلا شبكهْ |
كنت هكذا |
.. |
لَو فَتَحتُ الواحةَ على بحرٍ |
وأقَصَيْتُ النَّخِيلَ |
لَوْ شَاكَسْتُ جِيَفًا لها بَذْرٌ |
يطالُ الجَبَلَ |
ولها مَبْسَمٌ قَاتِلُ |
لَوْ لَوَيْتُ يَدَ سَالِكٍ |
في صراطِ النَّحْلِ |
لخَطّتْ على يَدِهِ النَّوءَ |
والعَسَلَ |
وذي الفَلاةُ مُذْ حَلُمَنَا بها |
أعَدْنا لها الوَجدَ والأمَلَ |