الباب ما قرعته غير الريح في الليل العميق |
الباب ما قرعته كفك |
أين كفك و الطريق |
ناء بحار بيننا مدن صحارى من ظلام |
الريح تحمل لي صدى القبلات منها كالحريق |
من نخلة يعدو إلى أخرى و يزهو في الغمام |
الباب ما قرعته غير الريح |
آه لعل روحا في الرياح |
هامت تمر على المرافيء أو محطات القطار |
لتسائل الغرباء عني عن غريب أمس راح |
يمشي على قدمين و هو اليوم يزحف في انكسار |
هي روح أمي هزها الحب العميق |
حب الأمومة فهي تبكي |
آه يا ولدي البعيد عن الديار |
ويلاه كيف تعود وحدك لا دليل و لا رفيق |
أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار |
لا باب فيه لكي أدق و لا نوافذ في الجدار |
كيف انطلقت على طريق لا يعود السائرون |
من ظلمة صفراء فيه كأنها غسق البحار |
كيف انطلقت بلا وداع فالصغار يولولون |
يتراكضنون على الطريق و يفزعون فيرجعون |
و يسائلون الليل عنك و هم لعودك في انتظار |
الباب تقرعه الرياح لعل روحا منك زار |
هذا الغريب هو ابنك السهران يحرقه الحنين |
أماه ليتك ترجعين |
شبحا و كيف أخاف منه و ما امحت رغم السنين |
قسمات وجهك من خيالي |
أين أنت أتسمعين |
صرخات قلبي و هو يذبحه الحنين إلى العراق |
الباب تقرعه الرياح تهب من أبد الفراق |
من ليالي السهاد |
1- ليلة في لندن |
كما ينسل نور خائف من فرجة الباب |
إلى الظلماء في غرفة |
سمعت هتافه المجروح يعبر نحوي الشرفه |
ليرفع من سماوة لندن الليل المطل بلونه الكابي |
على الطرقات ترقد في دثار الثلج ملتفه |
و أمس سمعت في إيران صوت الديك في الفجر |
و من أفق المنائر في الكويت وزرقه البحر |
أهاب فرش جفني بالنعاس ( رنين أكواب |
بماء البصرة الرقراق تملأ ثم تسقيني ) |
نداء راح ينثره المؤذن أطفيء الفانوس رف ضياؤه رفه |
وبعثره الظلام |
و ليلي الأواه في بيروت يحييني |
لأبصر فيه وجه الموت راح يذيبه نبع من اللهفه |
تدفق من فؤاد البلبل المسكوب بين غصون لبلاب |
ليال من عذاب من سنام لست أنساها |
غريبا كنت حتى حين أحلم لست في جيكور |
و لا بغداد أمشي في صحارى قلبي المسعور |
يريد الماء فيها ماء أين الماء و هي تريه أفواها |
على آفاقها الربداء ظمآى تشرب الديجور |
فلا تروى أأقصى العمر في صحراء في ليل من العطش |
أفتش عن عيون الماء عن إشراقه الغبش |
كأعمى نال منه السكر صاح ورفرفت كفاه بين مساند الماخور |
ليبحث عن رفيق أين جاري أين داري أين أواها |
أميرتي التي كانت تناولني كؤوس النور |
فيبصر قلبي الدنيا و يلقاها |
كأن الصبح أشرق في العراق و تعبر الرؤيا |
بحارا بي و تطوي ألف درب في الدجى تاها |
تراجع عالم و أطل ثان عالم يحيا |
على الأقمار تولد ثم تكمل ثم تندثر |
و ما لبس الجديد بغير يوم العيد يدخر |
ويجمع ثم ينفق ثم يضحك و هو يفتخر |
بأن الله يرزق حين يرزق هكذا الدنيا |
شتاء ثم صيف ليس في جيكور محتكر |
و لا فيها مصارف أو جرائد ليل كوريا |
يرى شفقا من النيرا |
فالنيران فيها حين تستعر |
تضيء لحى الشيوخ يحدثون و أعين النسوه |
تحدق في الطعام و ترقب الأطفال في نشوة |
أعدني يا إله الشرق و الصحراء و النخل |
إلى أيامي الحلوة |
إلى داري إلى غيلان ألثمه إلى أهلي |