يا صمت يا صمت المقابر في شوارعها الحزينة |
أعوي أصيح أصيح في لهف فأسمع في السكينة |
ما تنثر الظلماء من ثلج وقار |
تصدي عليه خطى وحيدات و تبتلع المدينة |
أصداءهن كأن وحشا من حديد من حجار |
سف الحياة فلا حياة من المساء إلى النهار |
أين العراق ؟ و أين شمس ضحاه تحملها سفينة |
في ماء دجلة أو بويب ؟ و أين أصداء الغناء |
خفقت كأجنحة الحمام على السنابل و النخيل |
من كل بيت في العراء |
من كل رابية تدثرها أزاهير السهول |
إن مت يا وطني فقبر في مقابرك الكئيبة |
أقصى مناي و إن سلمت فإن كوخا في الحقول |
هو ما أريد من الحياة فدى صحاراك الرحيبة |
أرباض لندن و الدروب و لا أصابتك المصيبة |
** |
أنا قد أموت غدا فإنّ الداء يقرض غير وان |
حبلا يشدّ إلى الحياة حطام جسم مثل دار |
نخرت جوانبها الرياح و سقفها سيل القطار |
يا إخوتي المتناثرين من الجنوب إلى الشمال |
بين المعابر و السهول و بين عالية الجبال |
أبناء شعبي في قراه و في مدائنه الحبيبة |
لا تكفروا نعم العراق |
خير البلاد سكنتموها بين خضراء و ماء |
الشمس نور الله تغمرها بصيف أو شتاء |
لا تبتغوا عنها سواها |
هي جنة فحذار من أفعى تدب على ثراها |
أنا ميت لا يكذب الموتى و أكفر بالمعاني |
إن كان غير القلب منبعها |
فيا ألق النهار |
أغمر بعسجدك العراق فإنّ من طين العراق |
جسدي و من ماء العراق |