القصيدة و العنقاء
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
جنازتي في الغرفة الجديدة | تهتف بي أن أكتب القصيدة | فأكتب | ما في دمي و أشطب | حتى تلين الفكرة العنيدة | و غرفتي الجديدة | واسعة أوسع لي من قبري | إذا اعتراني تعب | من يقظة فالنوم منها أعذب | ينبع حتى من عيون الصّخر | حتى من المدفأة الوحيدة | تقوم في الزاوية البعيدة | ** | و ترفع الجنازة اليابسة المهدّمه | من رأسها ترنو إلى الجدران | و السقف و المرآة و القناني | ما للزوايا مظلمة | كأنهنّ الأرض للإنسان | تريد أن تحطّمه | بالمال و الخمور و الغواني | و الكذب في القلب و في اللسان | تريد أن تعيده | للغابة البليدة | وصفحة المرآة ما لها تطلّ خاوية | ما أثمرت بغانية | بالشفة المرجان | تنيرها كالشفق العينان | و بالنهود العرية | كهذه المرآه | ستصبح الأرض بلا حياة | و في الليالي الداجية | في ذلك السكون ليس فيه | إلا الرياح العاوية | سيفرغ الله من الأموات | و يسحب الموت و يغفو فيه | مثل دثار الليالي الشاتية | ** | و هكذا الشاعر حين يكتب القصيدة | فلا يراها بالخلود تنبض | سيهدم الذي بنى يقوّض | أحجارها ثم يملّ الصمت والسكونا | و حين تأتي فكرة جديدة | يسحبها مثلّ دثار يحجب العيونا | فلا ترى إن شاء أن يكونا | فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض | إلا على رمادها المحترق | منتثرا في الأفق | وتولد القصيدة | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (بدر شاكر السياب) .