سلاما بلاد اللظى و الخراب |
و مأوى اليتامى و أرض القبور |
أتى الغيث و انحلّ عقد السحاب |
فروى ثرى جائعا للبذور |
و ذاب الجناح الحديد |
على حمرة الفجر تغسل في كل ركن بقايا شهيد |
و تبحث عن ظامئات الجذور |
و ما عاد صبحك نارا تقعقع غضبى و تزرع ليلا |
و أشلاء قتلى |
و تنفث قابيل في كلّ نار يسفّ الصديد |
و أصبحت في هدأة تسمعين نافورة من هتاف |
لديك يبشّر أن الدّجى قد تولى |
و أصبحت تستقبلين الصباح المطلاّ |
بتكبيرة من ألوف المآذن كانت تخاف |
فتأوي إلى عاريات الجبال |
تبرقع أصداءها بالرمال |
بماذا ستستقبلين الربيع ؟ |
ببقيا من الأعظم البالية |
لها شعلة رشّت الدالية |
تعير العناقيد لون النجيع |
وفي جانبي كل درب حزين |
عيون تحدّق تحت الثرى |
تحدق في عورة العاجزين |
لو تستطيع الكلام |
لصبّت على الظالمين |
حميما من اللعنات من العار من كل غيظ دفين |
ربيعك يمضغ قيح السلام |
بيوتك تبقى طوال المساء |
مفتّحة فيك أبوابها |
لعل المجاهد بعد انطفاء اللهيب و بعد النوى و العناء |
يعود إلى الدار يدفن تحت الغطاء |
جراحا يفرّ إليه الصغار ترفرف أثوابها |
يصيحون بابا فيفطر قلب المساء |
و ماذا حملت لنا من هديّة |
غدا ضاحكا أطلعته الدماء |
و كم دارة في أقاصي الدروب القصيّة |
مفتحة الباب تقرعه الريح في آخر الليل قرعا |
فتخرج أم الصغار |
و مصباحها في يد أرعش الوجد منها |
يرود الدجى ما أنار |
سوى الدرب قفر المدى و هي تصغى و ترهف سمعا |
و ما تحمل الريح إلا نباح الكلاب البعيد |
فتخفت مصباحها من جديد |
و لما استرحنا بكينا الرفاق |
هماس لأنييس عبر القرون |
وها أنت تدمع فيك العيون |
و تبكين قتلاك |
نامت وغى فاستفاق |
بك الحزن عاد اليتامى يتامى |
ردى عاد ما ظنّ يوما فراق |
سلاما بلاد الثكالى بلاد الأيامى |
سلاما |
سلاما . |