ربيع الجزائر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سلاما بلاد اللظى و الخراب | و مأوى اليتامى و أرض القبور | أتى الغيث و انحلّ عقد السحاب | فروى ثرى جائعا للبذور | و ذاب الجناح الحديد | على حمرة الفجر تغسل في كل ركن بقايا شهيد | و تبحث عن ظامئات الجذور | و ما عاد صبحك نارا تقعقع غضبى و تزرع ليلا | و أشلاء قتلى | و تنفث قابيل في كلّ نار يسفّ الصديد | و أصبحت في هدأة تسمعين نافورة من هتاف | لديك يبشّر أن الدّجى قد تولى | و أصبحت تستقبلين الصباح المطلاّ | بتكبيرة من ألوف المآذن كانت تخاف | فتأوي إلى عاريات الجبال | تبرقع أصداءها بالرمال | بماذا ستستقبلين الربيع ؟ | ببقيا من الأعظم البالية | لها شعلة رشّت الدالية | تعير العناقيد لون النجيع | وفي جانبي كل درب حزين | عيون تحدّق تحت الثرى | تحدق في عورة العاجزين | لو تستطيع الكلام | لصبّت على الظالمين | حميما من اللعنات من العار من كل غيظ دفين | ربيعك يمضغ قيح السلام | بيوتك تبقى طوال المساء | مفتّحة فيك أبوابها | لعل المجاهد بعد انطفاء اللهيب و بعد النوى و العناء | يعود إلى الدار يدفن تحت الغطاء | جراحا يفرّ إليه الصغار ترفرف أثوابها | يصيحون بابا فيفطر قلب المساء | و ماذا حملت لنا من هديّة | غدا ضاحكا أطلعته الدماء | و كم دارة في أقاصي الدروب القصيّة | مفتحة الباب تقرعه الريح في آخر الليل قرعا | فتخرج أم الصغار | و مصباحها في يد أرعش الوجد منها | يرود الدجى ما أنار | سوى الدرب قفر المدى و هي تصغى و ترهف سمعا | و ما تحمل الريح إلا نباح الكلاب البعيد | فتخفت مصباحها من جديد | و لما استرحنا بكينا الرفاق | هماس لأنييس عبر القرون | وها أنت تدمع فيك العيون | و تبكين قتلاك | نامت وغى فاستفاق | بك الحزن عاد اليتامى يتامى | ردى عاد ما ظنّ يوما فراق | سلاما بلاد الثكالى بلاد الأيامى | سلاما | سلاما . | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (بدر شاكر السياب) .