أرشيف الشعر العربي

حديث موجة

حديث موجة

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .
عندي لكم نبأ عجيب شيّق سأقصّه و عليكم تفسيره
إنّي رأيت البحر أخرس ساهيا كالشيخ طال بما مضى تفكيره
فسألت نفسي حائرا متلجلجا يا ليت شعري أين ضاع هديره ؟
" بالأمس " قالت موجة ثرثارة و مضت ، فأكملت الحديث صخوره :
بالأمس مرّ بنا فتى من قومكم رقّت شمائله ودقّ شعوره
مترنّح من خمرة قدسيّة فيها الهوى و فتونه و فتوره
مترفّق في مشيه يطأ الثّرى و كأنّما بين النجوم مسيره
يلهو بأوتار الكمنجة و الدجى مرخيّة فوق العباب ستوره
يهدي إلى الوطن القديم سلامه و يناشد الوطن الذي سيزوره
فشجا الخضمّ نشيده و هتافه فسها ، فضاع هديره وزئيره
أعرفتموه ؟ ... إنّه هذا الفتى هذا الذي سحر الخضمّ مروره
" داود " و المزمار في نغماته ، و " الموصليّ " و معبد و سريره
يا ضيفنا / و الأنس أنت رسوله و بشيره ، و الفنّ أنت أميره
لو شاع في الفردوس أنّك بيننا لمشت إلينا سافرات حوره
ذهب الربيع و جئتنا فكأنّما جاء الربيع زهوره و طيوره
ألفن هشّ إليك في أمرائه و تفتّحت لك دوره و قصوره
إنّ الجواهر بالجواهر أنسها أمّا التراب فبالتراب حبوره
يا شاعر الألحان إنّي شاعر أمسي ضئيلا عند نورك نوره
أسمى الكلام الشعر إلاّ أنّه أسماه ما أعيا الفتى تصويره
و أحبّ أزهار الحدائق وردها و أحبّ من ورد الرياض عبيره
أنت الفتى لك في النسيم حفيفه و لك الغدير صفاؤه و خريره
ألقوم صاغية إليك قلوبهم و اللّيل منصته إليك بدوره
و بهذه الأوتار سحر جائل متململ كالوحي حان ظهوره
إن كنت لا تهتاجه و تثيره فمن الذي يهتاجه و يثيره ؟
دغدغ بريشتك الكمنجة ينطلق و يدبّ في أرواحنا تأثيره
وامش بنا في كلّ لحن فاتن كالماء يجري في الغصون طهوره
أدر على الجلّاس أكواب الهوى في راحتيك سلافه و عصيره
فيخفّ في الرجل الحليم و قاره و يراجع الشيخ المسنّ غروره
و تنام في صدر الشّجي همومه و يفيق في قلب الحزين سروره
هذي الجموع الآن شخص واحد لك حكمة و كما تشاء مصيره
إن شئت طال هتافه و نشيده أو شئت دام نواحه وزفيره
إنّا و هبناك القلوب و لم نهب إلّا الذي لك قبلنا تدبيره !

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (إيليا أبو ماضي) .

عيناك

التينة الحمقاء

تعالي

إلى الله راجعون

امتنان


المرئيات-١