الخطب الفادح
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
( رثى بها المغفور له الامام الحكيم الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية ) | |
- - - | |
هيهات بعدك ما يفيد تصبّر | و لئن أفاد فأيّ قلب يصبر ؟ |
إنّ البكاء من الرجال مذمّم | إلاّ عليك فتركه لا يشكر |
لو كان لي قلب لقلت له ارعوي | إنّي بلا قلب فإنّي أزجر |
لا زمت قبرك و البكاء ملازمي | و اللّيل داج و الكواكب سهّر |
أبكي عليك بأدمع هطّالة | و لقد يقل لك النجيع الأحمر |
ووددت من شجوي عليك و حسرتي | لو أن لحدك في فؤادي يحفر |
إنّي لأعجب كيف يعلوك و حسرتي | لو ان لحدك في فؤادي يحفر |
أمسيت مستترا به لكنّما | آثار جودك فوقه لا تستر |
مرض الندى لمّا مرضت و كاد أن | يقضي من اليأس الملمّ المعسر |
يرجوط أنّك جابر كسره | فإذا فقدت فكسره لا يجبر |
و علت على تلك الوجوه سحابة | كدراء لا تصفو و لا تستمطر |
كم حاولوا كتم الأسى لكنّه | قد كان يخترق الجسوم فيظهر |
حامت حواليك الجموع كأنّما | تبغي وقاء الشرق مما يحذر |
و الكلّ يسأل كيف حال إمامنا | ماذا رأى حكمائنا ، ما أخبروا ؟ |
و الداء يقوى ثم يضعف تارة | فكأنّه يبلو القلوب و يسبر |
أوردته عذبا فأوردك الردى | تبّت يداه فذنبه لا يغفر |
هيهات ما يثني المنيّة جحفل | عمّن تؤم و لا يفيد العسكر |
رصد الردى أرواحنا حتى لقد | كدنا نعزّي المرء قبل يصور |
نهوى الحياة كأنّما هي نعمة | و سوى الفواجع حبّها لا يثمر |
و نظنّ ضحك الدهر فاتحة الرضى | و الدهر يهزأ بالأنام و يسخر |
أفقيد أرض النيل أقسم لو درى | بالخطب أوشك ماؤه يتهسّر |
و ضعوك في بطن التراب و ما عهد | ت البحر قلبك في الصفائح يذخر |
ورأوا جلالك في الضريح فكلّهم | يهوى و يرجو لو مكانك يقبر |
لم تخل من أسف عليك حشاشة | أبدا فيخلو من دموع محجر |
آبو و ما آب العزاء إليهم | و الحزن ينظم و المدامع ينشر |
و الكلّ كيف يكون حال بلادهم | من بعد ما مات الإمام يفكّر |
لم يبلنا هذا الزمان بفقده | لو كان ممّن بالرزية يشعر |