أرشيف المقالات

مجرد المعرفة لا تكفي في الإيمان

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
مجرد المعرفة لا تكفي في الإيمان
 
والشهادة تتضمن الإقرار بالله تعالى وبرسوله، لكن مجرد معرفة الله تعالى لا يصير بها الإنسان مؤمنا وإن كان يعلم أنه رب كل شيء فلا بد للإيمان من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهذا هو الذي دل عليه كتاب الله تعالى.
 
قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] فالعبادة هي الغاية المقصودة من الخلق التي أرادها الله منهم بأمره وشرعه، وبها يحصل محبوبه تعالى، وتحصل سعادتهم ونجاتهم، وهذا لا يخالف كون كثير منهم لم يعبده، لأن الله تعالى لم يجعلهم عابدين له، لما في ذلك من تفويت محبوبات له أخرى، هي أحب إليه من عبادة أولئك وحصول مفاسد أخرى هي أبغض من معصيتهم كما قال تعالى: ﴿ وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118- 119] فهو تعالى أراد بخلقهم ما هو صائرون إليه من الرحمة والاختلاف إرادة كونية قدرية، ففي قوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾.
ذكر الغاية التي أمروا بها، وفي قوله تعالى: ﴿ وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾.
ذكر الغاية التي يصيرون إليها، وكلاهما مرادة له تعالى تلك مرادة بأمره وشرعه، والموجود منها مراد بخلقه وأمره، والأخرى مرادة بخلقه، والمشروع منها مراد بخلقه وأمره، وهذا معنى ما يروى عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: ﴿ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾.
قال معناه: إلا لآمرهم أن يعبدون، وأدعوهم إلى عبادتي، وقال مجاهد أيضاً.

وقال ابن عباس: ﴿ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾.
ليقروا لي بالعبودية، طوعا وكرها.
 
وقال السدي: خلقهم للعبادة، فمن العبادة عبادة تنفع، ومنها عبادة لا تنفع كما قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [لقمان: 25] فهذا منهم عبادة ولكنها لا تنفعهم، وقال الكلبي: إلا ليوحدوني، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء، وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء، كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [العنكبوت: 65][1].



[1] انظر تفسير ابن كثير ج 7 ص 401، 402.
ط الشعب.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣