العيون السود
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ليت الذي خلق العيون السودا | خلق القلوب الخافقات حديد |
لولا نواعسها و لولا سحرها | ما ودّ مالك قلبه لو صيدا |
عوّذ فؤادك من نبال لحاظها | أو مت كما شاء الغرام شهيدا |
إن أنت أبصرت الجمال و لم تهم | كنت امرءا خشن الطباع ، بليدا |
و إذا طلبت مع الصبابة لذّة | فلقد طلبت الضائع الموجودا |
يا ويح قلبي إنّه في جانبي | و أظنّه نائي المزار بعيدا |
مستوفز شوقا إلى أحبابه | المرء يكره أن يعيش وحيدا |
برأ الإله له الضلوع وقاية | و أرته شقوته الضلوع قيودا |
فإذ هفا برق المنى و هفا له | هاجت دفائنه عليه رعودا |
جشّمته صبرا فلمّا لم يطق | جشّمته التصويب و التصعيدا |
لو أستطيع وقيته بطش الهوى | و لو استطاع سلا الهوى محمودا |
هي نظرة عرضت فصارت في الحشا | نارا و صار لها الفؤاد وقودا |
و الحبّ صوت ، فهو أنّه نائح | طورا و آونة يكون نشيدا |
يهب البواغم صدّاحة | فإذا تجنّى أسكت الغرّيدا |
ما لي أكلّف مهجتي كتم الأسى | إن طال عهد الجرح صار صديدا |
و يلذّ نفسي أن تكون شقيّة | و يلذّ قلبي أن يكون عميدا |
إن كنت تدري ما الغرام فداوني | أو لا فخلّ العذل و التفنيدا |
... | |
يا هند قد أفنى المطال تصبّري | و فنيت حتّى ما أخاف مزيدا |
ما هذه البيض التي أبصرتها | في لمّتي إلاّ اللّيالي السودا |
ما شبت من كبر و لكنّ الذي | حمّلت نفسي حمّلته الفودا |
هذا الذي أبلى الشباب وردّه | خلقا وجعّد جبهتي تجعيدا |
علمت عيني أن تسحّ دموعها | بالبخل علمت البخيل الجودا |
و منعت قلبي أن يقرّ قراره | و لقد يكون على الخطوب جليدا |
دلّهتني و حميت جفني غمضه | لا يستطاع مع الهموم هجودا |
لا تعجبي أنّ الكواكب سهّد | فأنا الذي علّنتها التسهيدا |
أسمعتها وصف الصبابه فانثنت | و كأنّما وطيء الحفاة صرودا |
متعثّرات بالظلام كأنّما | حال الظلام أساودا و أسودا |
و أنّها عرفت مكانك في الثرى | صارت زواهرها عليك عقودا |
أنت التي تنسى الحوائج أهلها | و أخا البيان بيانه المعهودا |
ما شمت حسنك إلاّ راعني | فوددت لو رزق الجمال خلودا |
و إذا ذكرتك هزّ ذكرك أضلعي | شوقا كما هزّ انسيم بنودا |
فحسبت سقط الطلّ ذوب محاجري | لو كان دمع العاشقين نضيدا |
و ظننت خافقة الغصون أضالعا | و ثمارهن القانيات كبودا |
و أرى خيالك كلّ طرفة ناظر | و من العجائب أن أراه جديدا |
و إذا سمعت حكاية من عاشق | عرضا حسبتني الفتى المقصودا |
مستيقظ و يظنّ أنّي نائم | يا هند ، قد صار الذهول جمودا |
و لقد يكون لي السلوّ عن الهوى | لكنّما خلق المحبّ ودودا |