الحزبان المتآخيان ..
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عليكم وان طال الرجاءُ المُعوِّلُ | وفي يَدِكُمْ تحقيقُ ما يُتأمَّلُ |
وأنتم أخيرٌ في ادعاءٍ ومَطْمَعٍ | وأنتم إذا عُدّ الميامينُ أوّل |
وماذا ترجي أنسٌ لا يَسُرهُّا | سوى الشعبِ مسروراً وماذا تؤمّل |
نفوسٌ قويماتُ المباديءِ حرّةٌ | على رَغْمِ ما تلقاه لا تتحول |
وألسنَةٌ لُدُّ عن الحقّ ذُوَّدٌ | كأحسنِ ما حامى الحقيقةَ مِقْول |
وأقلام كتابٍ يُريد انتقاصَها | من النَّفَرِ المأجورِ للسبّ مِغْزَل |
وهل يستوي شاكي السلاح مؤيدٌ | بحقٍّ ومهتوكُ الضريبة أعزل |
وأدمغةٌ جبارةٌ يُلتجى لها | اذا انتاب محذورٌ أو اعتاضُ مُشْكل |
ذخيرةُ شعبٍ مستضامٍ تَحُوطُهُ | وإن لم يكنْ حِصْنٌ لديه ومَعْقِل |
أهابتْ ملايينٌ تَشُدُّ اكفَّها | بافئدةٍ من قرحةٍ تتأكل |
تُناشِدُكُمْ أن تأخذوا ثأرَ أُمّةٍ | أُصيبَ لها في حبة القلبِ مَقْتل |
وعندكُمُ تفويضةٌ تعرفونها | وفي يدكُمْ منها كتابٌ مُسَجَّل |
تآخى الفراتيون فيه وصافحت | يَدَ الحلَّةِ الفيحاءِ بالعهد مَوْصل |
وإنّا وإنْ جارت علينا كوارثٌ | يَقِلُّ التَّعَزّي عندها والتّعلُل |
مضى العامُ والثاني بويلٍ وربما | اتى ثالثٌ بالويل والموتِ مقبل |
لَراجونَ أن تَصحُو سماءٌ مغيمة | وينزاحَ عن أرض الفراتين قسطل |
ولا بد أن ينجابَ ليلٌ وينجلي | باوضاحه يومٌ أغَرُّ مُحَجَّل |
فان تسألِ الأقوامَ عنا فانّنا | على حالةٍ خرقاءَ لا تُتَحمَّل |
بلادٌ تُسامُ الجورَ حكماً وأمةٌ | تُضام ودُستْورٌ مُهانٌ مُعَطَّل |
أعيذكُمُ أن يَستْثيرَ اهتمامَكُمْ | دنيٌّ يداري لقمةً أو مُغَفَّل |
وهلَ يرتَضي إغضابَ شَعْبٍ بأسره | وإشماتَهُ الا غويٌّ مُضلِّل |
مساكين جرتها البطون لهوة | بها كلُّ ما يُصمي الغيَارَى ويُخجِل |
يدٌ رَكَسَتْ للزّندِ في كلِ حطّةٍ | وأخرى من السُحْت المُحرَّم تأكل |
فلا تعذلوهم في اختلاقٍ فانهُمْ | مفاليسُ من كذْبٍ ودّسٍ تَموَّلُوا |
أرادوا لكم عيباً فرُدُّوا وخُيِّبوا | ولم يجدوا قولاً بكم فتقوَّلوا |
حرام عليهم أن يقولوا فيصدقوا | وعار عليهم أنْ يقولوا فيفعلوا |
اذا ما انبرى منكم أديبٌ محنَّكٌ | تصدى له مستسخَفُ الرأي أخطل |
وأُقسِمُ لو قالوا خذوا ألفَ واحدٍ | مقابلَ فردٍ منكُمُ لم تبدّلوا |
فما اسطعتَم فاسترجعوا الحكمَ منهم | فانَّهُمُ صيدٌ عليكُمْ مُحلَّل |
رَأوا شرَ لو أطاقوا تحملاً | ولكنه لم يَبْقَ حتى التحّمل |
وقد هان شرُّ لو أطاقوا تحملاً | ولكنه لم يَبْقَ حتى التحّمل |
وظنوا بأن اللهَ والشعبَ غافلٌ | وهيهاتَ لا هذا ولاذاك يغفل |
سيعرفُ قَدْرَ النّاسِ من يَستَخِفُّهُ | ويلمَسُ عُقبى الشرِ مَنْ يتوغل |
فقولوا لهم تعساً فقد سُدَّ مَخْرَجٌ | يَفرُّونَ منه مثلما سُدَّ مَدْخَل |
وقد جاشَ صدرُ الشعبِ يَغلى حفيظةً | عليكم كما يغلي على النار مِرجل |
أروني جديداً يَفْضح الشعرُ أمرَه | ففضحُ مساوي القوم شيءٌ مُحصَّل |
فقد بدتِ النّياتُ لا سَتْردَونها | ولا حاجبٌ الا الكلامُ المرعبل |
زخاريفُ قولٍ تعتليها ركاكةٌ | ويبدو عليهنّ الخنا والتبذل |
اذا مسها القولُ الصحيحُ تطايَحتْ | كما مرَّ يَمشي في السنابلِ مِنْجَل |
وألعاب صبيان تمرّ بمسرحٍ | يقوم عليه كلَّ يومٍ مُمثِّل |
فان كان لابد الهجاءُ وسبةٌ | يحُطُّ بها قَدْرَ الفرزدقِ جَرْوَل |
فبين يديكُمْ شاعرٌ تعرِفونه | بأشعاره أعداؤهُ تَتَمثَّل |
تعاصيه أطرافُ الكلامِ لغيركم | وتنصبُّ مثْلَ السيل فيكم وتَسْهُل |
يَرى حِطّةً أن يَحتْمي بسواكُمُ | شعورٌ وشِعرٌ ذو رُواءٍ مُسلْسَل |
تَتيهُ بكم رَغمَ الأنوف وتَزْدَهي | حسانُ القوافي لا النسيجُ المهلهل |
معارضة تُزْهي البلادُ وتحفِلُ | بها وُيخَّلى مَنْ سواها ويُخذَل |
تُنُضِّمُها صِيدٌ كُماةٌ أشاوسٌ | يقودُهُمُ شهَمٌ يقول ويفعل |
تراهم مُطاطينَ الرؤوسَ بمحفِلٍ | تَصدَّرَ فيه " الهاشميُّ " المبجل |
اذا ما مشى بزّ المفارقَ مَفرِقٌ | بتاجٍ من النصرِ المبين مُكلَّل |
تَرنُّ النوادي من مقالٍ يَقوله | كما رنَّ في بيتٍ يُهَدَّمُ مِعْوَل |
وينقُلُهُ بعضٌ لبعضٍ تَمثُّلاً | إذا انفَضَّ عنه مَحفِلٌ عاد مَحْفِل |
ولم يفضلِ الاراء إلا لأنه | يدبّرهُ رأسٌ حكيمٌ مُفَضَّل |
وسيانِ قالوا خطبةً مضريةً | " لياسينَ " أو قالوا تقدمَّمَ جَحْفل |
له فِكرةٌ أنكى من السيف وقعةً | وتدبيرةٌ من فَتْكةِ الموتِ أقْتَل |
ورابطُ جأشٍ كالحديد وفوقَه | من الهمّ والفكْرِ المبرّحِ كَلْكل |
وإنك من أن تقبلَ القومَ أفضلُ | وإنَّهمُ مِنْ أن يُدانوك أنزل |
تَقَدمَّْ لها " ياسينُ " فالوضعُ محرجٌ | إذا لم تخفِّفْ منه والداء مُعْضِل |
وإنك لو قابلتَ ما مُتِّعَتْ به | من الحكم بالهونِ الذي تتحمل |
وما قدمتهُ من ضحايا عزيزةٍ | نتائجُها هذا البلاءُ الموكل |
أسالت دماً عينيك عُقبْى كهذه | وهيّج منك الداءَ هذا المعدَّل |