الى البعثة المصرَية ..
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
رُسُلَ الثقافةِ من مُضَرْ | وَجْهُ العراق بكِم سَفَرْ |
حَرَصَ القضاء عليكم | وَرَعتْكُمُ عينُ القَدَر |
جئتتُمْ وهاطلةُ الغَمام | معاً ورُحْتُم والقمَر |
رشَّ السماءُ طريقَكم | أيُحبُّكم حتى المطر ! |
في القلبِ منزلُكم وبين | السَمع منا والبَصر |
نحن الحُجولُ وانتم | في كل بارزةٍ غُررّ |
ليل الجزيرة لم يكنْ | لولاكمُو فيه سَحَر |
يا سادتي ان العراق | جميعُه بكُمُ ازدَهَر |
والمحتفونَ بكم وإنْ | كانوا ذوي كَرٍّ وفَرّ |
وجميعُهُم اهلُ البلاد | ولا يُقاسُ بِما نَدَر |
فأجَلُّ من زُمَرٍ تَلَقَّتْكُمْ | قد اختبأتْ زُمَر |
وأجَلُّ ممن قادَهُمْ | حبُّ الظهورِ مَن استَتَر |
خَفيَت ذواتٌ جَمّةٌ | وبَدَتْ لكم بعضُ الصُور |
وأُزيِحَ من ظَفِروا به | ومشى اليكم من ظَفِر |
ملءَ النوادي معجَبون | بفضلِكِم ملء الحَجَر |
كنَّهُمْ لم يملِكوا | حقّ الجلوس على السُرُر |
غيرُ المناسِب ان يَمسَّ | حريرَ سادَتنا الوَبَر |
فاذا أرَدْتُم ان يُتاح | لهم بصُحبْتكم وَطَر |
فضَعوا بقارعةِ الطريق | لَهُم بُيوتاً من شَعَر |
وسيسُمعونَكُمُ من الترحيب | خاتَمةَ السُوَر |
وَضْع العراقِ خذوه من | عذبَات أقلامِ أُخر |
ولحفظِ حُرِيّاتِهِمْ | من أن تُداسَ وتُحتَقَر |
لَتُرحْ لمصرَ سُعاتُكم | ليَجئْكُمُ منها خَفَر |
هم مُرهقون لانَّهمْ | لا يصدَعون لمن أَمَر |
ومُضايَقون لانَّهمْ | ما في عزائِمهم خَوَر |
عندي مقالٌ يستَوي | من لامَ فيه ومن عَذّر |
سقَطَتْ على الأرض الثمار | وجاءَكم يمشي شَجَر |
ماذا احدّثُكُمْ حديثَ | القَلب من جَمْر أحَرّ |
كلُّ المسائل مُرَّةٌ | وسكوتُنا عنها أمَر |
أعليكم يَخفَى وفي | كلِّ الورى ذاعَ الخَبر |
لستُمْ من القوم الذينَ | يُخادَعون بما ظَهَر |
حتى نغالِطكم ونزعمُ | أنَّنا فوقَ البَشر |
رُسلَ الثقافة من أجلِّ | صفاتِكم بُعْدُ النَظر |
ولداُتنا في كلِّ نَفع | للسياسةِ أو ضَررَ |
غَطَّى علينا سادتي | وعليكُمُ جِلدُ النَمِر |
وعلى السَواء لنا كما | لكُمُ يُكادُ ويُؤتمرَ |
وعلى قياسٍ واحدٍ | حُفِرتْ لكم ولنا الحُفَر |
انتُمْ لنا عِبرٌ وفيما | نحن فيه لكُمْ عِبَر |
عن أي شيءٍ تَسألون | فكل شيء مُحتكَر |
لم يخلُ دَرْب من عراقيلٍ | ولم يسَلَم مَمَرّ |
وسَلُوا الخبيرَ فانني | ممن بواحدةٍ عَثَر |
حتى لقد اشفقت أن | يعتاقَ رحلتَكم حَجَر |
تهتاجُنا النعرات طائشةً | وينجَحُ من نَعَر |
في كلِّ حَلق نغمةٌ | ولكلِّ أنملةٍ وَتَر |
ويعاف من لم يرض | أصحاب النفوذِ وينتهِر |
تمشى سموم المُغرِضين | بسُوحنا مشيَ الخَدَر |
يتقاذَفُون عقولَنا | وقلوبَنا لَعِبَ الأُكر |
ولقد نُُصفِّق للخطيب | ونحن منه على حَذَر |
باسم البلاد يجل من | جرَّ البلادَ الى الخَطَر |
يا سادتي : لا ينتَهي | فيضُ الشعور اذا انفَجَر |
ولكي أريحَكُمُ أجيءُ | لكم بشيء مُختَصَر |
إن السياسة لَم تبقِّ | على البلادِ ولم تَذَر |
وبرغم ما في الرافدينِ | من المصائبِ والغِيَر |
وبرغم أنا قد تزعَّمَ | عندنا حتى البَقَر |
فهنا شبابٌ ناهضونَ | عقوقُهم إحدى الكُبَر |
كِتَلٌ تَحَفَّزُ للحياة | يسوقهُا حادٍ اغّر |
تمشي على نُور الثقافة | مشيَ موثوقِ الظَفَر |
فيها الشجاعةُ من عليٍّ | والسياسةُ من عُمّر |
واذا أمَرتُم ان أسامرَكم | فقد لذَّ السَمَر |
عن نَهْضةٍ أدبية | ما إن لها عنكُمْ مَفَر |
لولاكُمُ ما كان للشعراء | فينا من أثَر |
قبر الاديبِ الالمَعَيِّ | هنا وفي مصرَ انتَشَر |
الله يُجزي من أفاد | ومن أعانَ ومن نَشَر |
اني اسائلُكم وأعلَم | بالجواب المُنتَظَر |
هل تَقبَلون بأن يقالَ | اديبُ مصرَ قد افتَقَر |
او أنَّ " شوقي " من | حَراجة عيشِه كالمُحتَضَر |
او أنَّ " حافظَ " قد هوى | فتجاوبونَ : الى سَقَر |
حاشا : فتلكَ خطيئةٌ | وجَريمةٌ لا تُغتَفَر |
" شوقي " يعيشُ كما يَليقُ | بمن تَفكِّر او شَعَر |
وسطَ القصورِ العامراتِ | وبين فائحةِ الزَهَر |
برعايةِ الوطَن الأعَزِّ | وغيرةِ الملِك الأبَر |
وتحوطُ ابراهيمَ عاطفةٌ | الأمير من الصِغَر |
أما هُنا فالشعر شيء | للتملُّح يُدَخَر |
وعلى السواءِ اغابَ | شاعرُنا المجوِّدُ أم حَضر |
سَقَطُ المتاع وجوُده | عند الضرورة يُدَّكَر |
في كل زاويةٍ أديبٌ | بالخمول قد استَتَر |
وقريحة حَسَدوا عليها | ما تجودُ فلم تثر |
والى اللقاءِ وهمُّنا | أن الضيوف على سَفر |
جَمَعَ الالهُ مصيرَنا | ومصيرَ مصرَ على قَدَر |